متنفس ل مقالات بلا جريدة ورسائل بلا شهادات كافة الحقوق محفوظة -والأراء بالتعليقات لاتعبر بالضرورة عن رأيي المدونة - وأهلا بتعليقاتك وإن لم تكن مسجلا أختر غير معرف ويمكنك إظهار شخصيتك داخل التعليق
الجمعة، ١٢ ديسمبر ٢٠٢٥
الكتاب : أعجب القصص دراسة لشخصية الخضر من التفاسير عبر التاريخ أعجب القصص دراسة لشخصية الخضر عير التاريخ عبدالعظيم المسلم أعجب القصص دراسة لشخصية الخضر من التفاسير عبر التاريخ الإصدار الثاني عبدالعظيم المسلم الرئيس السابق لرابطة الكتاب العرب على النت الإهداء الإهداء إلى النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وإلى روح أمي وفاء وبرا لا شيء أذهب لتعب النفرمن الظفر بالحاجة التي من أجلهاكان السافر مقدمة إلى أهل العلم إليكم أسفار الخضر في سفر إلكتروني وإنما العلم لأهله نجاه ولغير أهله تهلكة فمن ليس بأهله فلا يلقي بنفسه للتهلكةفعلم آدم كان سبباً له في حصول السجدة والتحية ، وعلم الخضر كان سبباً لأن وجد تلميذاً مثل موسى ويوشع عليهما السلام ، وعلم يوسف كان سبباً لوجدان الأهل والمملكة ، وعلم داود كان سبباً لوجدان الرياسة والدرجة ، وعلم سليمان كان سبباً لوجدان بلقيس والغلبة ، وعلم عيسى كان سبباً لزوال التهمة عن أمه وعلم محمد صلى الله عليه وسلم كان سبباً لوجود الشفاعة ، ثم نقول من علم أسماء المخلوقات وجد التحية من الملائكة فمن علم ذات الخالق وصفاته أما يجد تحية والخضر وجد بعلم الفراسة صحبة موسى ومن تبكيت اليهود بقولهم لقريش لما أمروهم بسؤال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم « إن لم يخبركم فليس بنبي » الموهم للعرب الذين لا يعلمون شيئاً أن من شرط النبي أن لا يخفى عليه شيء ، مع ما يعلمون من أن موسى عليه السلام خفي عليه جميع ما فعله الخضر عليه السلام ، وإلى نحو هذا أشار الخضر عليه السلام بقوله إذ وقع العصفور على حرف السفينة ونقر من البحر نقرة أو نقرتين « ما نقص علمي وعلمك يا موسى من علم الله إلا كما نقص هذا العصفور من البحر » لإن كانت قصة يوسف عليه السلام أحسن القصص فلقصة موسى والخضر أعجب القصص مع ثلاثة أحداث وقعت فيها "كانت الأولى من موسى نسيانا والوسطى شرطا والثالثة عمدا"فإلى أين كان يصل بنا العجب لو صبر موسى على صحبة الخضر وإلى ماذا كانت وصلت بنا التفاسير ولإن كانت قصة موسى والخضر عجيبة فأعجب ماجاء فيها ماجاء في تفسيرها لإختلاف الفهم وبعد الزمن والغموض الذي اكتنف شخوصها وتوقيتها وأماكن وقوع أحداثها أنه التناقض في التفسير لقصور العقل البشري والعظمة في القرآن الذي ترك لنا مساحة لإعمال العقل ليفهم أهل كل عصر بما تيسر لهم من العلم والفتوحات وليميز الله الخبيث من الطيب كما كان الإسراء والمعراج فها نحن نحاول إعمال الحاسبات والبرمجيات والنت في محاولة فهم و جمع ماقيل من أجل إعداده تربويا ومن أجل تقديمها كعمل فني يخاطب به عامة الجمهور الذي خاصم القراءة وأحاول إعادة نشر غرائبها لتيسير قراءتها والإطلاع عليها على الشبكة الدولية وإحاول إستعادة الأحداث التاريخية والإجابة على سؤال متى وقعت وأين ؟لقدكان الخضر من بين أسئلة اليهود والنصارى الذين علموا قريشاً سؤال النبي عنها للتعجيز واليوم يثيرونها للتشكيك عن أهل الكهف ، وعن الخضر وعن الروح وإن لمؤمنون بالغيب والله المستعان والله المعين ماورد في الخضر عند السابقين أختلف في الخضر وتعددت الأراء والكتابات فيه وهاهي محاولة جمع ماورد عن السابقين في دفة كتاب محاولة لتيسر البحث والله المستعان وهذا مايفسر التكرار أحاديث في الخضر الخَضِر بن عاميا أرميا بن حلقيا ، رويت في قصة الخضر مع موسى المذكورة في الكتاب العزيز أحاديث كثيرة ، وأتمها وأكملها ما روي عن ابن عباس ولكنها اختلفت بعض الألفاظ ، وكلها مروية من طريق سعيد بن جبير عنه ، وبعضها في الصحيحين وغيرهما ، وبعضها في أحدهما عن أنس قال : «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فنزل منزلاً ، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها ، فأشرفت على الوادي ، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر ، فقال : من أنت؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أين هو؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك ، قال : فأته ، وأقرئه مني السلام ، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخبرته ، فجاء حتى عانقه ، وقعدا يتحدّثان ، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً ، وهذا يوم فطري ، فآكل أنا وأنت ، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز ، وحوت ، وكرفس ، فأكلا ، وأطعماني ، وصليا العصر ، ثم ودّعه ، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء» . اسم الخضر ونسبه الخضر. وقيل : اليسع . وقيل : الياس . وقيل : خضرون ابن قابيل بن آدم عليه السلام . قيل : واسم الخضر بليا بن ملكان ، والجمهور على أن الخضر نبي وكان علمه معرفة بواطن قد أوحيت إليه ، وعلم موسى الأحكام والفتيا بالظاهر في السفينة وقيل : كانوا أجراء فنسبت إليهم للاختصاص مجمع البحرين قيل إن الفتى كان يغسل السمكة لأنها كانت مملحة فطفرت وسارت وقيل إن يوشع توضأ في ذلك المكان فانتضح الماء على الحوت المالح فعاش ووثب في الماء وقيل انفجر ( ت ) هناك عين من الجنة ووصلت قطرات من تلك العين إلى السمكة فحييت وطفرت إلى البحر فهذا هو الكلام في صفة الحوت . { مجمع البحرين } قال مجاهد وقتادة : هو مجتمع بحر فارس وبحر الروم . قال ابن عطية : وهو ذراع يخرج من البحر المحيط من شمال إلى جنوب في أرض فارس من وراء أذربيجان ، فالركن الذي لاجتماع البحرين مما يلي بر الشام هو مجتمع البحرين على هذا القول . وقالت فرقة منهم محمد بن كعب القرظي : هو عند طنجة حيث يجتمع البحر المحيط والبحر الخارج منه من دبور إلى صبا . وعن أبيّ بإفريقية . وقيل : هو بحر الأندلس والقرية التي أبت أن تضيفهما هي الجزيرة الخضراء . وقيل : { مجمع البحرين } بحر ملح وبحر عذب فيكون الخضر على هذا عند موقع نهر عظيم في البحر . وقالت فرقة : البحران كناية عن موسى والخضر لأنهما بحرا علم . وهذا شبيه بتفسير الباطنية وغلاة الصوفية ، والأحاديث تدل على أنهما بحرا ماء . وقال الزمخشري : من بدع التفاسير أن البحرين موسى والخضر لأنهما كانا بحرين في العلم انتهى . وقيل : بحر القلزم . وقيل : بحر الأزرق . وقرأ الضحاك وعبد الله بن مسلم بن يسار { مجمع } بكسر الميم الثانية والنضر عن ابن مسلم في كلا الحرفين وهو شاذ ، وقياسه من يفعل فتح الميم كقراءة الجمهور . والظاهر أن { مجمع البحرين } هو اسم مكان جمع البحرين تأويل النيسابوري أول بعضهم مجمع البحرين بمجمع ولاية الشيخ وولاية المريد والصخرة بالنفس والحوت بالقلب المملح بملح حب الدنيا وزينتها والسفينة بالشريعة وخرقها بهدم الناموس في الظاهر مع الصلاح في الباطن وإغراق أهلها بإيقاعهم في بحار الضلال والغلام بالنفس الأمارة وقتله بذبحه بسيف الرياضة والقرية بالجسد وأهلها بالقوى الإنسانية من الحواس واستطعامهم بطلب أفاعيلها التي تختص بها وإباء الضيافة بمنعها إعطاء خواصها كما ينبغي لكلالها وضعفها والجدار بالتعلق الحائل بين النفس الناطقة وعالم المجردات وإرادة الانقضاض بمشارفة قطع العلائق وإقامته بتقوية البدن والرفق بالقوى والحواس ومشيئة اتخاذ الأجر بمشيئة الصبر على شدة الرياضة لنيل الكشوف وإفاضة الأنوار والمساكين بالعوام والبحر الذي يعملون فيه ببحر الدنيا والملك بالشيطان والسفن التي يعضبها العبادات الخالية عن الإنكسار والذل والخشوع والأبوين المؤمنين بالقلب والروح والبدل الخير بالنفس المطمئنة والملهمة والكنز بالكمالات النظرية والعلمية والأب الصالح بالعقل المفارق الذي كمالاته بالفعل وبلوع الأشد بوصولهما بتربية الشيخ وإرشاده إلى المرتبة الكاملة وهذا ما اختاره النيسابوري ، واختار غيره تأويلاً آخر هو ادهى منه الأحياء عندربهم يرزقون لو كان زيد في البلد لرآه أحد . وفي بعض الآثار «لو كان الخضر حيا لزارني» وحدة المصدر في الشريعة والحقيقة والظاهر والباطن ورد الأمر لله ولرسوله ثم أولي العلم من المؤمنين في أمة قد خلت اختص عبد من عباد الله ولم يرخص لغيره لحكمة يعلمها الله أن يعمل بالباطن وخلاف الظاهر الموافق للحكمة بعلم اللدني قتل الغلام و عمل الولي بالالهام كان إذ ذاك شرعاً أو كما قيل إنه أمر بذلك وإما إقامة الجدار بلا أجر فلا إشكال فيها لأنها إحسان وغاية ما يتخيل أنه للمسيء فليكن كذلك ولا ضير فإنه من مكارم الأخلاق ، وأما خرق السفينة لتسلم من غصب الظالم فقد قالوا : إنه مما لا بأس بهولنا العظة والعبر ة قال الإمام الغزالي في الإحياء أن علم الآخرة قسمان علم مكاشفة وعلم معاملة أما علم المكاشفة فهو علم الباطن وهو غاية العلوم وهو علم الصديقين والمقربين وهو عبارة عن نور يظهر في القلب عند تطهيره وتزكيته من الصفات المذمومة وينكشف بذلك ما كان يسمع من قبل أسمائها ويتوهم لها معان مجملة غير متضحة فتتضح إذ ذاك حتى تحصل المعرفة بذات الله تعالى وبصفاته التامات وبأفعاله وبحكمته في خلق الدنيا والآخرة مابين الحقيقة والشريعة إلى قصة الخضر مع موسى عليهما السلام الإلهام لا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً ويعلم من ذلك أنه لا مخالفة بين الشريعة والحقيقة والظاهر والباطن و معارف الصوفية وعلومهم في نهاية سيرهم وسلوكهم إنما هي علوم الشريعة لا أنها علوم أخر غير علوم الشريعة ، نعم يظهر في أثناء الطريق علوم ومعارف كثيرة ولكن لا بد من العبور عنها ، ففي نهاية النهايات علومهم علوم العلماء وهي علوم الشريعة والفرق بينهم وبين العلماء أن تلك العلوم بالنسبة إلى العلماء نظرية واستدلالية وبالنسبة إليهم تصير كشفية وضرورية . الشريعة والحقيقة متحدان في الحقيقة ولا فرق بينهما إلا بالإجمال والتفصيل وبالاستدلال والكشف بالغيب والشهادة الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس سره : جميع الأولياء لا يستمدون إلا من كلام الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ولا يعملون إلا بظاهرهما ، وقال سيد الطائفة الجنيد قدس سره : الطرق كلها مسدودة إلا على من اقتفى أثر الرسول عليه الصلاة والسلام . وقال أيضاً : من لم يحفظ القرآن ولم يكتب الحديث لا يقتدي به في هذا العلم لأن علمنا مقيد بالكتاب والسنة ، وقال السرى السقطي : التصوف اسم لثلاثة معان وهو لا يطفىء نور معرفته نور ورعه ولا يتكلم بسر باطن في علم ينقضه عليه ظاهر الكاتب ولا تحمله الكرامات على هتك محارم الله ، وقال أيضاً قدس سره : من ادعى باطن علم ينقضه ظاهر حكم فهو غالط . وقال أبو الحسين النوري : من رأيته يدعي مع الله تعالى حالة تخرجه عن حد العلم الشرعي فلا تقربه ومن رأيته يدعي حالة لا يشهد لها حفظ ظاهر فاتهمه على دينه ، وقال أبو سعيد الخراز : كل فيض باطن يخالفه ظاهر فهو باطل . وقال أبو العباس أحمد الدينوري : لسان الظاهر لا يغير حكم الباطن ، وفي التحفة لابن حجر قال الغزالي : من زعم أن له مع الله تعالى حالا أسقط عنه نحو الصلاة أو تحريم شرب الخمر وجب قتله وإن كان في الحكم بخلوده في النار نظر وقتل مثله أفضل من قتل مائة كافر لأن ضرره أكثر انتهى ، ولا نظر في خلوده لأنه مرتد لاستحلاله ما علمت حرمته أو نفيه وجوب ما علم وجوبه ضرورة فيهما ، ومن ثم جزم في الأنوار بخلوده انتهى . وقال في الاحياء : من قال إن الباطن يخالف الظاهر فهو إلى الكفر أقرب منه إلى الإيمان إلى غير ذلك ، وفي رسالة القشيري طرف منه ، والذي ينبغي أن يعلم أن كلام العارفين المحققين وإن دل على أنه لا مخالفة بين الشريعة والطريقة والحقيقة في الحقيقة لكنه يدل أيضاً على أن في الحقيقة كشوفاً وعلوماً غيبية ولذا تراهم يقولون : علم الحقيقة هو العلم اللدني . وعلم المكاشفة . وعلم الموهبة . وعلم الأسرار . والعلم المكنون . وعلم الوراثة إلا أن هذا لا يدل على المخالفة فإن الكشوف والعلوم الغيبية ثمرة الإخلاص الذي هو الجزء الثالث من أجزاء الشريعة فهي بالحقيقة مترتبة على الشريعة ونتيجة لها ومع هذا لا تغير تلك الكشوف والعلوم الغيبية حكماً شرعياً ولا تقيد مطلقاً ولا تطلق مقيداً خلافاً لما توهمه ساجقلي زاده حيث قال في شرح عبارة الإحياءالسابقة آنفاً : يريد الغزالي من الباطن ما ينكشف لعلماء الباطن من حل بعض الأشياء لهم مع أن الشارع حرمه على عباده مطلقاً فيجب أن يقال : إنما انكشف حله لهم لما انكشف لهم من سبب خفي يحلله لهم وتحريم الشارع تعالى ذلك على عباده مقيد بانتفاء انكشاف السبب المحلل لهم فمن انكشف له ذلك السبب حل له ومن لا فلا لكن الشارع سبحانه حرّمه على عاده على الإطلاق وترك ذلك القيد لندرة وقوعه إذ من ينكشف له قليل جداً مثاله انكشاف محلل خرق السفينة وقتل الغلام للخضر عليه السلام فحل له بذلك الانكشاف الخرق والقتل وحلهما له مخالف لاطلاق نهى النبي صلى الله عليه وسلم أمته عن الضرر وعن قتل الصبي لكنهما مقيدان فالأول مقيد بما إذا لم يعلم هناك غاصب مثلاً والثاني بما إذا لم يعلم أن الصبي سيصير ضالاً مضلاً لكن الشارع ترك القيدين لندرة وقوعهما واعتماداً على فهم الراسخين في العلم إياهما إلى آخر ما قال فإن النصوص السابقة تنادي بخلافه كما سمعت ، ثم إن تلك الغيوب والمكاشفات بل سائر ما يحصل للصوفية من التجليات ليست من المقاصد بالذات ولا يقف عندها الكامل ولا يلتفت إليها ، وقد ذكر الإمام الرباني قدس سره في المكتوب السادس والثلاثين المتقدم نقل بعضه أنها تربى بها أطفال الطريق وأنه ينبغي مجاوزتها والوصول إلى مقام الرضا الذي هو نهاية مقامات السلوك والجذبة وهو عزيز لا يصل إليه إلا واحد من ألوف ، ثم قال : إن الذين هم قليلو النظر يعدون الأحوال والمواجيد من المقامات والمشاهدات والتجليات من المطالب فلا جرم بقوا في قيد الوهم والخيال وصاروا محرومين من كمالات الشريعةقالوا فيما يحكى : إن الحسن البصري وقف على شط نهر ينتظر سفينة فجاء حبيب العجمي فقال له : ما تنتظر؟ فقال : سفينة فقال : أي حاجة إلى السفينة أمالك يقين؟ فقال الحسن : أمالك علم؟ ثم عبر حبيب على الماء بلا سفينة ووقف الحسن أن الفضل للحسن فإنه كان جامعاً بين علم اليقين وعين اليقين وعرف الأشياء كما هي وفي نفس الأمر جعلت القدرة مستورة خلف الحكمة والحكمة في الأسباب وحبيب صاحب سكر لم ير الأسباب فعومل برفعها ، ومن هنا يظهر سر قلة الخوارق في الصحابة مع قول الإمام الربناي : إن نهاية أويس سيد التابعين بداية وحشى قاتل حمزة يوم أسلم فما الظن بغير أويس مع غير وحشي ، وأنا أقول : إن الكامل وإن كان من علمت إلا أن فوقه الأكمل وهو من لم يزل صاعداً في تزوله ونازلاً في صعوده وليس ذلك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولولا ذلك ما أمد العالم العلوي والسفلي ، وهذا مرجع الحقيقة والشريعة له عليه الصلاة والسلام على الوجه الأتم كما أشرنا إليه سابقاً والحمد لله تعالى على أن جعلنا من أمته وذريته الذي عنده علم من الكتاب والخضر { قَالَ الذى عِندَهُ عِلْمٌ مّنَ الكتاب } فصله عما قبله للإيذان بما بين القائلين ومقالتيهما وكيفيتي قدرتيهما على الإتيان به من كمال التباين أو لإسقاط الأول عن درجة الاعتبار . واختلف في تعيين هذا القائل فالجمهور ومنهم ابن عباس . ويزيد بن رومان . والحسن على أنه آصف بن برخيا بن شمعيا بن منكيل ، واسم أمه باطورا من بني إسرائيل كان وزير سليمان على المشهور ، وفي «مجمع البيان» أنه وزيره وابن أخته وكان صديقاً يعلم الاسم الأعظم ، وقيل كان كاتبه . وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد أنه رجل اسمه اسطوم ، وقيل : اسطورس . وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد أنه رجل يقال له ذو النور . وأخرج هو أيضاً عن ابن لهيعة أنه الخضر عليه السلام ، وعن قتادة أن اسمه مليخا؛ وقيل : ملخ . وقيل : تمليخا . وقيل : هود . وقالت جماعة هو ضب بن أد جد بني ضبة من العرب وكان فاضلاً يخدم سليمان كان على قطعة من خيله ، وقال النخعي هو جبريل عليه السلام ، وقيل : هو ملك آخر أيد الله تعالى به سليمان عليه السلام ، وقال الجبائي : هو سليمان نفسه عليه السلام . في الإسراء والمعراج ذكر بعض العارفين أن من العلوم ما لا يعلمه إلا النبي ، واستدل له بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث المعراج كما ذكره القسطلاني في مواهبه وغيره « وسألني ربي فلم أستطع أن أجيبه فوضع يده بين كتفي فوجدت بردها فأورثني علم الأولين والآخرين وعلمني علوماً شتى فعلم أخذ على كتمانه إذ علم أنه لا يقدر على حمله أحد غيري وعلم خيرني فيه وعلمني القرآن فكان جبريل عليه السلام يذكرني به وعلم أمرني بتبليغه إلى العام والخاص من أمتي » في اسمه ونسبه بليا بن ملكا كنيته أبو العباس واسمه بليا وقيل إبليا قيل بن آدم لصلبه وقيل ابن ملكان ابن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ ابن سام بن نوح عليه السلاموقيل هو ابن كليان وقيل هو ابن العيص وقيل إنه ابن فرعون وأن ماشطة امرأة فرعون كانت زوجته التي لم يقربها وتزوجت بعده وانجبت وزعم بعضهم أن اسم الخضر اليسع وأنه إنما سمي بذلك لأن علمه وسع ست سموات وست أرضين ووهاه ابن الجوزي ومثله القول بأن اسمه الياس قيل أمه رومية وأباه فارسي وقيل أن الياس أخوه والخضر لقبه ولقب به لأنه إذا جلس في مكان أخضر ما حوله وكانت ثيابه خضراً وإذا جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز من خلفه خضراء .أو لأنه إذا صلى اخضر ما حوله وإذا قام بمكان نبت العشب تحت رجليه حتى يغطي قدميه ، وقيل لإشراقه وحسنه الخضر بفتخ الخاء وقد تكسر وكسر الضاد وقد تسكن ، وقيل اليسع ، وقيل الياس ، وقيل ملك من الملائكة وهو قول غريب باطل في السفينة كان الخضر عبداً لا تراه إلا عين من أراد الله تعالى أن يريه إياه فلم يره من القوم إلا موسى عليه السلام ولو رآه القوم لحالوا بينه وبين خرق السفينة وكذا بينه وبين قتل الغلام قرأ علي كرم الله تعالى وجهه { لمساكين } بتشديد السين جمع تصحيح لمساك فقيل : المعنى لملاحين ، وقيل : المساك من يمسك رجل السفينة وكانوا يتناوبون ذلك في الرواية عن الربيع أن موسى عليه السلام لما رأى من الخضر ما رأى امتلأ غضباً وشد عليه ثيابه وأراد أن يقذف الخضر عليه السلام في البحر فقال أردت هلاكهم فستعلم أنك أول هالك وجعل كلما ازداد غضباً استعر البحر وكلما سكن كان البحر كالدهن وأن يوشع بن نون قال له : ألا تذكر العهد والميثاق الذي جعلت على نفسك ، وأن الخضر عليه السلام أقبل عليه يذكره ما قاله من قبل : ،وفي رواية أبي حاتم عن الربيع بن أنس أن أهل السفينة ظنوا أنهم لصوص لأن المكان كان مخوفاً فأبوا أن يحملوهم فقال كبيرهم : إني أرى رجالاً على وجوههم النور لأحملنهم فحملهم { حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِى السفينة } أل فيها لتعريف الجنس إذ لم يتقدم عهد في سفينة مخصوصة ، وكانت على ما في بعض الروايات سفينة جديدة وثيقة لم يمر بهما من السفن سفينة أحسن منها ولا أجمل ولا أوثق ، وكانت أيضاً على ما يدل عليه بعض الروايات الصحيحة من سفن صغار يحمل بها أهل هذا الساحل إلى أهل الساحل الآخر ، وفي رواية أبي حاتم أنها كانت ذاهبة إلى أيلة ، وصح أنهما حين ركبا جاء عصفور حتى وقع على حرف السفينة ثم نقر في البحر فقال له الخضر : ما نقص علمي وعلمك من علم الله تعالى الأمثل ما نقص هذا العصفور من الحبر ، وهو جار مجرى التمثيل؛ وقيل إن ذلك لإرادة معنى الدخول كأنه قيل حتى إذا دخلا في السفينة { خَرَقَهَا } صح أنهما لما ركبا في السفينة لم يفجأ إلا والخضر قد قلع لوحاً من ألواحها بالقدوم فقال له موسى عليه السلام : قوم حملونا بغير نول عمدت إلى سفينتهم فخرقتها ، وصح أيضاً أنه عليه السلام خرقها ووتد فيها وتدا . وقيل قلع لوحين مما يلي الماء . وفي رواية عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعاً أنهما لما ركبا وأطمأنا فيها ولججت بهما مع أهلها أخرج مثقاباً له ومطرقة ثم عمد إلى ناحية منها فضرب فيها بالمنقار حتى خرقها ثم أخذ لوحاً فطبقه عليها نم جلس عليها يرقعها . وهذه الرواية ظاهرة في أن خرقه إياها كان حين وصولها إلى لج البحر وهو معظم مائه ، وفي الرواية عن الربيع أن أهل السفينة حملوهما فساروا حتى إذا شارفوا على الأرض خرقها ، ويمكن الجع بأن أول العزم كان وهي في اللج وتمام الفعل كان وقد شارفت على الأرض ، وظاهر الأخبار يقتضي أنه عليه السلام خرقها وأهلها فيها وهو ظاهر قوله تعالى : { قَالَ } موسى { أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا } سواء كانت اللام للعاقبة بناء على أن موسى عليه السلام حسن الظن بالخضر أو للتعليل بناء على أنه الأنسب بمقام فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة فخرج من كان فيها وتخلف ليخرقها فقال له موسى : تخرقها لتغرق أهلها فقال له الخضر ما قص الله تعالى . وهذا ظاهر في أنه عزم على الخرق فاعترض عليه موسى عليه السلام وهو خلاف ما تقتضيه الآية . فإن أول بأنه بتقدير وتخلف ليخرقها فخرقها وأن تعبير موسى عليه السلام بالمضارع استحضاراً للصورة أو قيل بأنه وقع من الخضر عليه السلام أو لا تصميم على الخرق وتهيئة لأسبابه وثانياً خرق بالفعل ووقع من موسى عليه السلام اعتراض على الأول أولا وعلى الثاني ثانياً فنقل في الحديث أول ما وقع من كل هذه المادة وفي الآية ثاني ما وقع من كل فيها بقي بين ظاهر الحديث وظاهر الآية مخالفة أيضاً على ما قيل من حيث أن الأول يقتضي أن أهل السفينة لم يكونوا فيها إذ خرقت والثاني يقتضي أنهم كانوا فيها حينئذ . وأجيب أنه ليس في الحديث أكثر من أنهم خرجوا منها وتخلف للخرق وليس فيه إنهم خرجوا فخرقها فيمكن أن يكون عليه السلام تخلف للخرق إذ خرجوا لكنه لم يفعله إلا بعد رجوعهم إليه وحصولهم فيها . وأنت تعلم أنه ينافي هذا ما قيل في وجه الجمع بين الرواية عن سعيد والرواية عن الربيع؛ وبالجملة الجمع بين الأخبار الثلاثة وبينها وبين الآية صعب ، وقال بعضهم في ذلك : إنه يحتمل أن السفينة لما لججت بهم صادفوا جزيرة في اللج فخرجوا لبعض حوائجهم وتخلف الخضر عازماً على الخرق ومعه موسى عليه السلام فاحس منه ذلك فعجل بالاعتراض ثم رجع أهلها وركبوا فيها والعزم هو العزم فأخذ عليه السلام في مباشرة ما عزم عليه ولم يشعر موسى عليه السلام حتى تم وقد شارفت على الأرض ، ولا يخفى ما في ذلك من البعد ، وذكر بعضهم أن ظاهر الآية يقتضي أن خرقه إياها وقع عقب الركوب لأن الجزاء يعقب الشرط أجيب بأن المراد أنه خلفهم مدرك لهم ومار بهم أو بان رجوعهم عليه واسمه على ما يزعمون هدد بن بدد وكان كافراً ، وقيل . جلندي بن كركر ملك غسان ، وقيل . مفواد بن الجلند بن سعيد الأزدي وكان بجزيرة الأندلس { يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ } أي صالحة وقد قرأ كذلك أبي بن كعب ، ولو أبقى العموم على ظاهره لم يكن للتعييب فائدة { غَصْباً } من أصحابها ، وانصابه على أنه مصدر مبين لنوع الأخذ ، والظاهر أنه كان يغصب السفن من أصحابها ثم لا يردها عليهم ، وقيل . كان يسخرها ثم يردها ، والفاء في { فَأَرَدتُّ } للتفريع فيفيد أن سبب إرادة التعييب كونها لقوم مساكين عجزة لكن لما كانت مناسبة هذا السبب هذا السبب للمسبب خفية بين ذلك بذكر عادة الملك في غصب السفن ، وما آل المعنى أما السفينة فكانت لقوم مساكين عجزة يكتسبون بها فأردت بما فعلت أعانتهم على ما يخافونه ويعجزون عن دفعه من غصب ملك وراءهم عادته غصب السفن الصالحة ، وذكر بعضهم أن السبب مجموع الأمرين المسكنة والغصب إلا أنه وسط التفريع بين الأمرين وكان الظاهر تأخيره عنهما للغاية به من حيث أن ذلك الفعل كان هو المنكر المحتاج إلى بيان تأويله وللإيذان بأن الأقوى في السببية هو الأمر الأول ولذلك لم يبال بتخليص سفن سائر الناس مع تحقق الجزء الأخير من السبب ولان في تأخيره فصلاً بين السفينة وضميرها مع توهم رجوعه إلى الأقرب فليفهم ، وظاهر الآية أن موسى عليه السلام ما علم تأويل هذا الفعل قبل . ويشكل عليه ما جاء عن الربيع أن الخضر عليه السلام بعد أن خرق السفينة وسلمت من الملك الظالم أقبل على أصحابها فقال : إنما أردت الذي هوخير لكم فحمدوا رأيه وأصلحها لهم كما كانت فإنه ظاهر في أنه عليه السلام أوقفهم على حقيقة الأمر ، والظاهر أن موسى عليه السلام كان حاضراً يسمع ذلك ، وقد يقال : إن هذا الخبر لا يعول عليه واحتمال صحته مع عدم سماع موسى عليه السلام مما لا يلتفت إليه . في أمر الغلام ثم اقتلع كتف الصبي الأيسر وقشر اللحم عنه وإذا مكتوب فيه كافر لا يؤمن بالله تعالى أبداً كان الغلام على الطريق لا يمرُّ به أحدٌ إِلا قتلَه أو غصبه ، فيدعو ذلك عليه وعلى أبويه . وقال ابن السائب : كان الغلام لصّاً ، فإذا جاء من يطلبه حلف أبواه أنه لم يفعل واسم الأب على ما في الاتقان كازير والأم سهواً فقبل عذره فخرجا من السفينة فانطلقا يمشيان على الساحل كما في «الصحيح» ، وفي رواية أنهما مرا بقرية { حتى إِذَا لَقِيَا غُلاَمًا } يزعمون كما قال البخاري أن اسمه جيسور بالجيم وروى بالحاء ، وقيل اسمه جنبتون وقيل غير ذلك ، وصح أنه كان يلعب مع الغلمان وكانوا على ما قيل عشرة وأنه لم يكن فيهم أحسن ولا أنظف منه فأخذه { فَقَتَلَهُ } أخرج البخاري في رواية أنه عليه السلام أخذ برأسه من أعلاه فاقتلعه بيده ، وفي رواية أخرى أنه أخذه فأضجعه ثم ذبحه بالسكين ، وقيل ضرب رأسه بالجدار حتى قتله ، وقيل رضه بحجر ، وقيل ضربه برجله فقتله ، وقيل أدخل أصبعه في سرته فاقتلعها فمات ، وجمع بين الروايات الثلاثة الأول بأنه ضرب رأسه بالجدار أولاً ثم أضجعه وذبحه ثم اقتلع رأسه ، وربما يجمع بين الكل وفي كلا الجمعين بعد ، والظاهر أن الغلام لم يكن بالغاً لأنه حقيقة الغلام الشائعة في الاستعمال وإلى ذلك ذهب الجمهور ، وقيل كان بالغاً شاباً ، وقد أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن عبد العزيز أنه كان ابن عشرين سنة ، والعرب تبقى على الشاب اسم الغلام عن أبي بن كعب أن الخضر عليه السلام لما قتل الغلام ذعر موسى عليه السلام ذعرة منكرة وقال : أقتلت نفساً زكية بغير نفس { لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً } منكراً جداً في بعض الآثار أن الغلام كان يفسد وفي رواية يقطع الطريق ويقسم لأبويه أنه ما فعل فيقسمان على قسمه ويحميانه ممن يطلبه . واستدل بذلك من قال : إنه كان بالغاً ، والذاهب إلى صغره يقول إن ذلك لا يصح ولعل الحق معه ، والظاهر أن هذا من كلام الخضر عليه السلام أجاب به موسى عليه السلام من جهتهوابن أبي حاتم عن ابن عباس أنهما أبدلا جارية ولدت نبياً ، وقال الثعلبي : إنها أدركت يونس بن متى فتزوجها نبي من الأنبياء فولدت نبياً هدى الله تعالى على يده أمة من الأمم ، وفي رواية ابن المنذر عن يوسف بن عمر أنها ولدت نبيين ، وفي رواية أخرى عن ابن عباس . وجعفر الصادق رضي الله تعالى عنهما أنها ولدت سبعين نبياً ، واستبعد هذا ابن عطية وقال : لا يعرف كثرة الأنبياء عليهم السلام إلا في بني إسرائيل ولم تكن هذه المرأة منهم وفيه نظر ظاهر ، ووجه التأييد أن الجارية بحسب العادة تحب أبويها وترحمهما وتعطف عليهما وتبر بهما أكثر من الغلام قيل : أبدلهما غلاما مؤمناً مثلهما في الجدار وقرية اللئام جدار اليتيمين قيل : إنهما أصرم وصريم صغيرين مات أبوهما وهذا هو الظاهر لأن يتم بني آدم بموت الأب وذكر أن اسمه كاشح وأن اسم أمهما دهناً ،{ وَكَانَ أَبُوهُمَا صالحا } ذكر من صلاح هذا الرجل إن الناس كانوا يضعون عنده الودائع فيردها إليهم كما وضعوها ، ويروى أنه كان سياحاً الظاهر أنه الأب الأقرب الذي ولدهما قيل الأب السابع وقيل العاشر وفي الحديث « لا يتم بعد بلوغ » وقال ابن عطية : يحتمل أنهما كانا بالغين والتعبير عنهما بما ذكر باعتبار ما كان على معنى الشفقة عليهما ولا يخفى أنه بعيد جداً قال الراغب : الكنز جعل المال بعضه على بعض وحفظه وأصله من كنزت التمر في الوعاء ، واستشكل تفسير الكنز بما ذكر بأن الظاهر أن الكانز له أبوهما لاقتضاء { لَّهُمَا } له إذا لا يكون لهما إلا إذا كان إرثاً والوصف بالصلاح قرينة على أنه لم يكن من الكنز المذموم وقيل المراد بالكنز ما يشمل جميع ذلك بناء على أنه المال المدفون مطلقاً وقيل ما كان ذهباً ولا فضة ولكن كان صحف علم ذكروا أن اليتيمين كانا غير عالمين بالكنز ولهما وصي يعلم به لكنه كان غائباً والجدار قد شارف فلو سقط لضاع فلذا أقامه { رَحْمَةً مّن رَّبّكَ }{ فِى المدينة } هي القرية المنذكورة فيما سبق ، ولعل التعبير عنها بالمدينة هنا لإظهار نوع اعتداد بها باعتداد ما فيها من اليتيمين وما هو من أهلها وهو أبوهما الصالح . ولما كان سوق الكلام السابق على غير هذا المساق عبر بالقرية فيه { وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا } مال مدفون من ذهب وفضة كما أخرجه البخاري في تاريخه . لا يكاد يرد الضيف إلا لئيم ، شر القرى التي لا يضاف فيها الضيف ولا يعرف لابن السبيل حقه{ فانطلقا حتى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ } الجمهور على أنها إنطاكية وحكاه الثعلبي عن ابن عباس ، وأخرج ابن أبي حاتم من طريق قتادة عنه أنها برقة وهي كما في «القاموس» اسم لمواضع ، وفي «المواهب» أنها قرية بأرض الروم والله تعالى أعلم ، وأخرج ابن أبي حاتم . وابن مردويه عن السدي أنها باجروان وهي أيضاً اسم لمتعدد إلا أنه ذكر بعضهم أن المراد بها قرية بنواحي أرمينية ، وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين أنها الأبلة بهمزة وباء موحدة ولا مشددة ، وقيل : قرية على ساحل البحر يقال لها ناصرة وإليها تنسب النصارى قال في مجمع البيان وهو المروى عن أبي عبد الله رضي الله تعالى عنه ، وقيل : قرية في الجزيرة الخضراء من أرض الأندلس ، قال ابن حجر : والخلاف هنا كالخلاف في «مجمع البحرين» ولا يوثق بشيء منه ، وفي الحديث أتيا أهل قرية لئاماً لسوء صنيعهم من الإباء عن حق الضيف مع طلبه وللبقاع تأثير في الطباع ولم يهم فيها مع أنها حرية بالإفساد والإضاعة بل باشر الإصلاح لمجرد الطاعة ولم يعبأ عليه السلام بفعل أهلها اللئام ،روي عن أبي هريرة والله تعالى أعلم بصحة الخبر أنه قال : أطعتهما امرأة من بربر بعد أن طلبا من الرجال فلم يطعموهما فدعيا لنسائهم ولعنا رجالهم فلذا جىء بالظاهر دون الضمير ، ونقل مثله عن الإمام الشافعي عليه الرحمة في الرسالة { فِيهَا جِدَاراً } روى أنهما التجآ إليه حيث لم يجدا مأوى وكانت ليلتهما ليلة باردة وكان على شارع{ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ } مسحه بيده فقام كما روي عن ابن عباس . وابن جبير ، وقال القرطبي . إنه هو الصحيح وهو أشبه بأحوال الأنبياء عليهم السلام؛ واعترض بأنه غير ملائم لما بعد إذ لا يستحق بمثله الأجر ، ورد بأن عدم استحقاق الأجر مع حصول الغرض غير مسلم ولا يضره سهولته على الفاعل ، وقيل : أقامه بعمود عمده به ، وقال مقاتل : سواه بالشيد ، وقيل هدمه وقعد يبنيه . وكان الكليم عليه السلام لما رأى الحرمان ومساس الحاجة والاشتغال بما لا يعني لم يتمالك الصبر فاعترض روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في وجهه أن قول موسى عليه السلام في السفينة والغلام كان لله تعالى ، وفي هذا لنفسه لطلب الدنيا فكان سبب الفراق ، وحكى القشيري نحوه عن بعضهم . ورد ذلك في «الكشف» بأنه لا يليق بجلالتهما ولعل الخبر عن الحبر غير صحيح ، ونقل في «البحر» عن أرباب المعاني أن هذه الأمور التي وقعت لموسى مع الخضر حجة على موسى عليه السلام وذلك أنه لما أنكر خرق السفينة نودي يا موسى أين كان تدبيرك هذا وأنت في التابوت مطروحاً في اليم؟ ولما أنكر قتل الغلام قيل له أين إنكارك هذا ووكز القبطي والقضاء عليه؟ ولما أنكر إقامة الجدار نودي أين هذا من رفعك الحجر لبنتي شعيب عليه السلام بدون أجرة؟ ورأيت أنا في بعض الكتب أن الخضر عليه السلام قال : يا موسى اعترضت علي بخرق السفينة وأنت ألقيت ألواح التوراة فتكسرت واعترضت علي بقتل الغلام وأنت وكزت القبطي فقضى عليه واعترضت علي بإقامة الجدار بلا أجر وأنت سقيت لبنتي شعيب أغنامهما بلا أجر فمن فعل نحو ما فعلت لن يعترض علي ، والظاهر أن شيئاً من ذلك لا يصح والفرق ظاهر بين ما صدر من موسى عليه السلام وما صدر من الخضر وهو أجل من أن يحتج على صاحب التوراة بمثل ذلك كما لا يخفى . وهذا الخبر إن صح يجعل زمن وقوع الفعل في التيه مادام ذكر بكسر الألواح والأقرب للمنطق أن هذا اجتهاد مفسر يرد عليه والله أعلمأن الخضر قال لموسى لما أراد أن يفارقه : يا موسى تعلم العلم لتعمل به ولا تعلمه لتحدث به ، وبلغني أن موسى قال للخضر : ادع لي فقال الخضر : يسر الله تعالى عليك طاعته والله تعالى أعلم بصحة ذلك أيضاً والظاهر أن هذا لم يكن عن طلب من موسى عليه السلام ، وقيل : إنه لما عزم الخضر على فراقه أخذ بثيابه وقال : لا أفارقك حتى تخبرني بما أباح لك فعل ما فعلت ودعاك إليه فقال : { سَأُنَبّئُكَ } والتأويل رد الشيء إلى مآله ، والمراد به هنا المآل والعاقبة إذ هو المنبأ به دون التأويل بالمعنى المذكور ، وما عبارة عن الأفعال الصادرة من الخضر عليه السلام وهي خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار ، ومآلها خلاص السفينة من اليد الغاصبة وخلاص أبوي الغلام من شره مع الفوز بالبدل الأحسن واستخراج اليتيمين للكنز لحظة اللقاء ووالقول بحياته وموته قال الثعلبي : انتهيا إليه وهو نائم على طنفسة خضراء على وجه الماء وهو مسجى بثوب أخضر . وقيل إن سبيل الحوت عاد حجراً فلما جاءا إليه مشيا عليه حتى وصلا إلى جزيرة فيها الخضر . وصح أنهما لما انتهيا إليه سلم موسى فقال الخضر : وإني بأرضك السلام . فقال : أنا موسى . فقال : موسى بني إسرائيل قال : نعم ، وروي أنه لما سلم عليه وهو مسجى عرفه أنه موسى فرفع رأسه فاستوى جالساً وقال : وعليك السلام يا نبي بني إسرائيل فقال موسى : وما أدراك بي ومن أخبرك أني نبي بني إسرائيل؟ فقال : الذي أدراك بي ودلك علي ثم قال : يا موسى أما يكفيك أن التوراة بيدك وأن الوحي يأتيك؟ قال موسى : إن ربي أرسلني إليك لأتبعك وأتعلم من علمك ، والتنوين في { عَبْداً } للتفخيم والإضافة في { عِبَادِنَا } للتشريف والاختصاص أي عبداً جليل الشأن ممن اختص بنا وشرف بالإضافة إلينا . { ءاتَيْنَاهُ رَحْمَةً مّنْ عِندِنَا } قيل المراد بها الرزق الحلال والعيش الرغد ، وقيل العزلة عن الناس وعدم الاحتياج إليهم وقيل طول الحياة مع سلامة البنية ، والجمهور على أنها الوحي والنبوة ، مابين الولاية والنبوة وأخرج ذلك ابن أبي حاتم عن ابن عباس ، وهذا قول من يقول بنبوته عليه السلام وفيه أقوال ثلاثة ، فالجمهور على أنه عليه السلام نبي وليس برسول ، وقيل هو رسول ، وقيل هو ولي وعليه القشيري وجماعة ، والمنصور ما عليه الجمهور . وشواهده من الآيات والأخبار كثيرة وبمجموعها يكاد يحصل اليقين ، وكما وقع الخلاف في نبوته مابين القول بحياته وموته وقع الخلاف في حياته اليوم فذهب جمع إلى أنه ليس بحي اليوم ، وسئل البخاري عنه وعن إلياس عليهما السلام هل هما حيان؟فقال : كيف يكون هذا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم أي قبل وفاته بقليل لا يبقى على رأس المائة ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد " والذي في «صحيح مسلم» عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته ما من نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة وهي يومئذٍ حية وهذا أبعد عن التأويل ، وسئل عن ذلك غيره من الأئمة فقرأ : { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مّن قَبْلِكَ الخلد } [ الأنبياء : 34 ] . وسئل عنه شيخ الإسلام ابن تيمية فقال : لو كان الخضر حياً لوجب عليه أن يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويجاهد بين يديه ويتعلم منه . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر " اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض " فكانوا ثلثمائة وثلاثة عشر رجلاً معروفين بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم فأين كان الخضر حينئذٍ؟ . وسئل إبراهيم الحربي عن بقائه فقال : من أحال على غائب لم ينتصف منه وما ألقى هذا بين الناس إلا الشيطان . ونقل في «البحر» عن شرف الدين أبي عبد الله محمد بن أبي الفضل المرسي القول بموته أيضاً . ونقله ابن الجوزي عن علي بن موسى الرضا رضي الله تعالى عنهما أيضاً . وكذا عن إبراهيم بن إسحاق الحربي ، وقال أيضاً : كان أبو الحسين بن المنادي يقبح قول من يقول إنه حي . وحكى القاضي أبو يعلى موته عن بعض أصحاب محمد . وكيف يعقل وجود الخضر ولا يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة والجماعة ولا يشهد معه الجهاد مع قوله عليه الصلاة والسلام " والذي نفسي بيده لو كان موسى حياً ما وسعه إلا أن يتبعني "وما أبعد فهم من يثبت وجود الخضر عليه السلام وينسى ما في طي إثباته من الإعراض عن هذه الشريعة ثم قال : وعندنا من المعقول وجوه على عدم حياته ، أحدها أن الذي قال بحياته قال إنه ابن آدم عليه السلام لصلبه وهذا فاسد لوجهين ، الأول : أنه يلزم أن يكون عمره اليوم ستة آلاف سنة أو أكثر ومثل هذا بعيد في العادات في حق البشر . والثاني : أنه لو كان ولده لصلبه أو الرابع من أولاده كما زعموا أنه وزير ذي القرنين لكان مهول الخلقة مفرط الطول والعرض ، ففي «الصحيحين» من حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " خلق آدم طوله ستون ذراعاً فلم يزل الخلق ينقص بعده " وما ذكر أحد ممن يزعم رؤية الخضر أنه رآه على خلقة عظيمة وهو من أقدم الناس ، والوجه الثاني أنه لو كان الخضر قبل نوح عليه السلام لركب معه في السفينة ولم ينقل هذا أحد . الثالث : أن العلماء اتفقوا على أن نوحاً عليه السلام لما خرج من السفينة مات من معه ولم يبق غير نسله ودليل ذلك قوله سبحانه { وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين } [ الصافات : 77 ] . الرابع : أنه لو صح بقاء بشر من لدن آدم إلى قرب خراب الدنيا لكان ذلك من أعظم الآيات والعجائب وكان خبره في القرآن مذكوراً في مواضع لأنه من آيات الربوبية وقد ذكر سبحانه عز وجل من استحياه ألف سنة إلا خمسين عاماً وجعله آية فكيف لا يذكر جل وعلا من استحياه أضعاف ذلك ، الخامس : أن القول بحياة الخضر قول على الله تعالى بغير علم وهو حرام بنص القرآن ، أما المقدمة الثانية فظاهرة ، وأما الأولى فون حيات لو كانت ثابتة لدل عليها القرآن أو السنة أو إجماع الأمة فهذا كتاب الله تعالى فأين فيه حياة الخضر؟ وهذه سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فأين فيها ما يدل على ذلك بوجه ، وهؤلاء علماء الأمة فمتى أجمعوا على حياته ، السادس : إن غاية ما يتمسك به في حياته حكايات منقولة يخبر الرجل بها أنه رأى الخضر فيالله تعالى العجب هل للخضر علامة يعرفه بها من رآه؟ وكثير من زاعمي رؤيته يغتر بقوله أنا الخضر ومعلوم أنه لا يجوز تصديق قائل ذلك بلا برهان من الله تعالى فمن أين للرائي أن المخبر له صادق لا يكذب؟ السابع : أن الخضر فارق موسى بن عمران كليم الرحمن ولم يصاحبه وقال : { هذا فِرَاقُ بَيْنِى وَبَيْنِكَ } [ الكهف : 78 ] فكيف يرضى لنفسه بمفارقة مثل موسى عليه السلام ثم يجتمع بجهلة العباد الخارجين عن الشريعة الذين لا يحضرون جمعة ولا جماعة ولا مجلس علم وكل منهم يقول : قال لي الخضر جاءني الخضر أوصاني الخضر فياعجباً له يفارق الكليم ويدور على صحبة جاهل لا يصحبه إلا شيطان رجيم سبحانك هذا بهتان عظيم . الثامن : أن الأمة مجمعة على أن الذي يقول أنا الخضر لو قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كذا وكذا لم يلتفت إلى قوله ولم يحتج به في الدين ولا مخلص للقائل بحياته عن ذلك إلا أن يقول : إنه لم يأت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ولا بايعه أو يقول : إنه لم يرسل إليه وفي هذا من الكفر ما فيه ، التاسع : أنه لو كان حياً لكان جهاده الكفار ورباطه في سبيل الله تعالى ومقامه في الصف ساعة وحضوره الجمعة والجماعة وإرشاد جهلة الأمة أفضل بكثير من سياحته بين الوحوش في القفار والفلوات إلى غير ذلك ، وسيأتي إن شاء الله تعالى ماله وما عليه . وشاع الاستدلال بخبر لو كان الخضر حياً لزارني وهو كما قال الحفاظ خبر موضوع لا أصل له ولو صح لأغنى عن القبيل والقال ولانقطع به الخصام والجدال؛ وذهب جمهور العلماء إلى أنه حي موجود بين أظهرنا وذلك متفق عليه عند الصوفية قدست أسرارهم قاله النووي ، ونقل عن الثعلبي المفسر أن الخضر نبي معمر على جميع الأقوال محجوب عن أبصار أكثر الرجال ، وقال ابن الصلاح : هو حي اليوم عند جماهير العلماء والعامة معهم في ذلك؛ وإنما ذهب إلى إنكار حياته بعض المحدثين واستدلوا على ذلك باخبار كثيرة منها ما أخرجه الدارقطني في الأفراد وابن عساكر عن الضحاك عن ابن عباس أنه قال : الخضر ابن آدم لصلبه ونسيء له في أجله حتى يكذب الدجال ومثله لا يقال من قبل الرأي ، ومنها ما أخرجه ابن عساكر عن ابن إسحق قال : حدثنا أصحابنا أن آدم عليه السلام لما حضره الموت جمع بنيه فقال : يا بني إن الله تعالى منزل على أهل الأرض عذاباً فليكن جسدي معكم في المغارة حتى إذا هبطتم فابعثوا بي وادفنوني بأرض الشام فكان جسده معهم فلما بعث الله تعالى نوحاً ضم ذلك الجسد وأرسل الله تعالى الطوفان على الأرض فغرقت زماناً فجاء نوح حتى نزل بابل وأوصى بنيه الثلاثة أن يذهبوا بجسده إلى المغار الذي أمرهم أن يدفنوه به فقالوا : الأرض وحشة لا أنيس بها ولا نهتدي الطريق ولكن كف حتى يأمن الناس ويكثروا فقال لهم نوح : إن آدم قد دعا الله تعالى أن يطيل عمر الذي يدفنه إلى يوم القيامة فلم يزل جسد آدم حتى كان الخضر هو الذي تولى دفنه فانجز الله تعالى له ما وعده فهو يحيا إلى ما شاء الله تعالى له أن يحيى ، وفي هذا سبب طول بقائه وكأنه سبب بعيد وإلا فالمشهور فيه أنه شرب من عين الحياة حين دخل الظلمة مع ذي القرنين وكان على مقدمته ، ومنها ما أخرجه الخطيب . وابن عساكر عن علي رضي الله تعالى عنه وكرم وجهه قال : بينا أنا أطوف بالبيت إذا رجل متعلق بأستار الكعبة يقول : يا من لا يشغله سمع عن سمع ويا من لا تغلطه المائل ويا من لا يتبرم بإلحاح الملحين أذقني برد عفوك وحلاوة رحمتك قلت : يا عبد الله أعد الكلام قال : أسمعته؟ قال : نعم قال : والذي نفس الضر بيده وكان هو الخضر لا يقولهن عبد دبر الصلاة المكتوبة إلا غفرت ذنوبه وإن كانت مثل رمل عالج وعدد المطر وورق الشجر . وعلي رضي الله تعالى عنهما : هذا الخضر عليه السلام؛ ومنها ما أخرجه ابن عساكر أن الياس والخضر يصومان شهر رمضان في بيت المقدس ويحجان في كل سنة ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلى مثلها من قابل ، ومنها ما أخرجه ابن عساكر أيضاً . والعقيلي . والدارقطني في الأفراد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يلتقي الخضر والياس كل عام في الموسم فيحلق كل واحد منهما رأس صاحبه ويتفرقان عن هذه الكلمات باسم الله ما شاء الله لا يسوق الخير إلا الله ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله . / ومنها ما أخرجه ابن عساكر بسنده عن محمد بن المنكدر قال : بينما عمر بن الخطاب يصلي على جنازة إذا بهاتف يهتف من خلفه لا تسبقنا بالصلاة يرحمك الله تعالى فانتظره حتى لحق بالصف الأول فكبر عمر وكبر الناس معه فقال الهاتف : إن تعذبه فكثيراً عصاك وإن تغفر له ففقير إلى رحمتك فنظر عمر وأصحابه إلى الرجل فلما دفن الميت وسوى عليه التراب قال : طوبى لك يا صاحب القبران لم تكن عريفاً أو جابياً أو خازناً أو كاتباً أو شرطياً فقال عمر : خذوا لي الرجل نسأله عن صلاته وكلامه هذا عمن هو فتوارى عنهم فنظروا فإذا أقر قدمه ذراع فقال عمر : هذا والله الذي حدثنا عنه النبي صلى الله عليه وسلم . والاستدلال بهذا مبني على أنه عنى بالمحدث عنه الخضر عليه السلام إلى غير ذلك . وكثير مما ذكر وإن لم يدل على أنه حي اليوم بل يدل على أنه كان حياً في زمنه صلى الله عليه وسلم ولا يلزم من حياته إذ ذاك حياته اليوم إلا أنه يكفي في رد الخصم إذ هو ينفي حياته إذ ذاك كما ينفي حياته اليوم ، نعم إذا كان عندنا من يثبتها إذ ذاك وينفيها الآن لم ينفع ما ذكر معه لكن ليس عندنا من هو كذلك ، وحكايات الصالحين من التابعين والصوفية في الاجتماع به والأخذ عنه في سائر الأعصار أكثر من أن تحصر وأشهد من أن تذكر . نعم أجمع المحدثون القائلون بحياته عليه السلام على أنه ليس له رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم كما صرح به العراقي في تخريج أحاديث الأحياء . وهذا خلاف ما عند الصوفية فقد ادعى الشيخ علاء الدين استفادة الأحاديث النبوية عنه بلا واسطة . وذكر السهروردي في السر المكتوم أن الخضر عليه السلام حدثنا بثلثمائة حديث سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم شفاها ، واستدل بعض الذاهبين إلى حياته الآن بالاستصحاب فإنه قد تحققت من قبل بالدليل فتبقى على ذلك إلى أن يقوم الدليل على خلافها ولم يقم . وأجابوا عما استدل به الخصم مما تقدم . فإجابوا عما ذكره البخاري من الحديث الذي لا يوجب نفي حياته في زمانه صلى الله عليه وسلم وإنما يوجب بظاهره نفيها بعد مائة سنة من زمان القول بأنه لم يكن حينئذ على ظهر الأرض بل كان على وجه الماء . وبأن الحديث عام فيما يشاهده الناس بدليل استثناء الملائكة عليهم السلام وإخراج الشيطان ، وحاصله انخرام القرن الأول ، نعم هو نص في الرد على مدعي التعمير كرتن بن عبد الله الهندي التبريزي الذي ظهر في القرن السابع وادعى الصحبة وروى الأحاديث . وفيه أن الظاهر ممن على ظهر الأرض من هو من أهل الأرض ومتوطن فيها عرفاً ولا شك أن هذا كامل لمن كان في البحر ولو لم يعد من في البحر ممن هو على ظهر الأرض لم يكن الحديث نصاً في الرد على رتن وإضرابه لجواز أن يكونوا حين القول في البحر بل متى قبل هذا التأويل خرج كثير من الناس من عموم الحديث ، وضعف العموم في قوله تعالى : { وَلَوْ يُؤَاخِذُ الله الناس بِمَا كَسِبُوا مَّا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ } [ فاطر : 45 ] ولينظر في قول من قال : يحتمل أنه كان وقت القول في الهواء ففيه أيضاً ما لا يخفى على الناظر . ويرد على الجواب الثاني أن الخضر لو كان موجوداً لكان ممن يشاهده الناس كما هو الأمر المعتاد في البشر . وكونه عليه السلام خارجاً عن ذلك لا يثبت إلا بدليل وأنى هو فتأمل . وأجابوا عما قاله الشيخ ابن تيمية بأن وجوب الاتيان ممنوع فكم من مؤمن به صلى الله عليه وسلم في زمانه لم يأته عليه الصلاة والسلام فهذا خير التابعين أويس القرنى رضي الله تعالى عنه لم يتيسر له الاتيان والمرافقة في الجهاد ولا التعلم من غير واسطة وكذا النجاشي رضي الله تعالى عنه . على أنا نقول : إن الخضر عليه السلام كان يأتيه ويتعلم منه صلى الله عليه وسلم لكن على وجه الخفاء لعدم كونه مأموراً بإتيان العلانية لحكمة إلهية اقتضت ذلك . وأما الحضور في الجهاد فقد روى ابن بشكوال في كتاب المستغيثين بالله تعالى عن عبد الله بن المبارك أنه قال : كنت في غزوة فوقع فرسي ميتاً فرأيت رجلاً حسن الوجه طيب الرائحة قال : أتحب أن تركب فرسك؟ قلت : نعم فوضع يده على جبهة الفرس حتى انتهى إلى مؤخره وقال : أقسمت عليك أيتها العلة بعزة عزة الله وبعظمة عظمة الله وبجلال جلال الله وبقدرة قدرة الله وبسلطان سلطان الله وبلا إله إلا الله وبما جرى به القلم من عند الله وبلا حول ولا قوة إلا بالله إلا انصرفت فوثب الفرس قائماً بإذن الله تعالى وأخذ الرجل بركابي وقال : اركب فركبت ولحقت بأصحابي فلما كان من غداة غد وظهرنا على العدو فإذا هو بين أيدينا فقلت : ألست صاحبي بالأمس؟ قال : بلى فقلت : سألتك بالله تعالى من أنت؟ فوثب قائماً فاهتزت الأرض تحته خضراء فقال : أنا الخضر فهذا صريح في أنه قد يحضر بعض المعارك . وأما قوله صلى الله عليه وسلم في بدر : « اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض » فمعناه لا تعبد على وجه الظهور والغلبة وقوة الأمة وإلا فكم من مؤمن كان بالمدينة وغيرها ولم يحضر بدراً ، ولا يخفى أن نظم الخضر عليه السلام في سلك أويس القرني والنجاشي واضرابهما ممن لم يمكنه الاتيان إليه صلى الله عليه وسلم بعيد عن الانصاف وإن لم نقل بوجوب الاتيان عليه عليه السلام ، وكيف يقول منصف بإمامته صلى الله عليه وسلم لجميع الأنبياء عليهم السلام واقتداء جميعهم به ليلة المعراج ولا يرى لزوم الاتيان على الخضر عليه السلام والاجتماع معه صلى الله عليه وسلم مع أنه لا مانع له من ذلك بحسب الظاهر ، ومتى زعم أحد أن نسبته إلى نبينا صلى الله عليه وسلم كنسبته إلى موسى عليه السلام فليجدد إسلامه ، ودعوى أنه كان يأتي ويتعلم خفية لعدم أمره بذلك علانية لحكمة إلهية مما لم يقم عليها الدليل ، على أنه لو كان كذلك لذكره صلى الله عليه وسلم ولو مرة وأين الدليل على الذكر؟ وأيضاً لا تظهر الحكمة في منعه عن الاتيان مرة أو مرتين على نحو إتيان جبريل عليه السلام في سورة دحية الكلبي رضي الله تعالى عنه ، وإن قيل إن هذه الدعوى مجردا احتمال ، قيل لا يلتفت إلى مثله إلا عند الضرورة ولا تتحقق إلا بعد تحقق وجوده إذ ذاك بالدليل ووجوده كوجود عندنا ، وأما ما روى عن ابن المبارك فلا نسلم ثبوته عنه ، وأنت إذا أمعنت النظر في ألفاظ القصة استبعدت صحتها ، ومن أنصف يعلم أن حضوره عليه السلام يوم قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد رضي الله تعالى عنه : ارم فداك أبي وأمي كان أهم من حضوره مع ابن المبارك ، واحتمال أنه حضر ولم يره أحد شبه شيء بالسفسطة ، وأما ما ذكروه في معنى الحديث فلقائل أن يقول : إنه بعيد فإن الظاهر منه نفي أن يعبد سبحانه إن أهلك تلك العصابة مطلقاً على معن أنهم إن أهلكوا والإسلام غض ارتد الباقون ولم يكد يؤمن أحد بعد فلا يعبده سبحانه أحد من البشر في الأرض حينئذ ، وقد لا يوسط حديث الارتداد بأن يكون المعنى اللهم إن تهلك هذه العصابة الذين هم تاج رأس الإسلام استولى الكفار على سائر المسلمين بعدهم فأهلكوهم فلا يعبدك أحد من البشر حينئذ ، وأياً كان فالاستدلال بالحديث على عدم وجود الخضر عليه السلام له وجه ، فإن أجابوا عنه بأن المراد نفى أن يشاهد من يعبده تعالى بعد والخضر عليه السلام لا يشاهد ورد عليه ما تقدم . وأجابوا عن الاستدلال بقوله تعالى : { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مّن قَبْلِكَ الخلد } [ الأنبياء : 34 ] بأن المراد من الخلد الدوام الأبدي والقائلون بوجوده اليوم لا يقولون بتأبيده بل منهم من يقول : إنه يقاتل الدجال ويموت ، ومنهم من يقول : إنه يموت زمان رفع القرآن ، ومنهم من يقول : إنه يموت في آخر الزمان ومراده أحد هذين الأمرين أو ما يقاربهما . وتعقب بأن الخلد بمعنى الخلود وهو على ما يقتضيه ظاهر قوله تعالى : { خالدين فِيهَا أَبَداً } [ النساء : 57 ] حقيقة في طول المكث لا في دوام البقاء فإن الظاهر التأسيس لا التأكيد ، وقد قال الراغب : كل ما يتباطأ عنه التغير والفساد تصفه العرب بالخلود كقولهم للأثافي خوالد وذلك لطول مكثها لا لدوامها وبقائها انتهى . وأنت تعلم قوة الجواب لأن المكث الطول ثبت لبعض البشر كنوح عليه السلام . وأجابوا عما نقل عن ابن الجوزي من الوجوه العقلية ، ما عن الأول من وجهي فساد القول بأنه ابن آدم عليه السلام بعد تسليم صحة الرواية فبأن البعد العادي لا يضر القائل بتعميه هذه المدة المديدة لأن ذلك عنده من خرج العادات ، وأما على الثاني فبأن ما ذكر من عظم خلقة المتقدمين خارج مخرج الغالب وإلا فيأجوج ومأجوج من صلب يافث بن نوح وفيهم من طوله قدر شبر كما روى في الآثار ، على أنه لا بدع في أن يكون الخضر عليه السلام قد أعطى قوة التشكل والتصور بأي صورة شاء كجبريل عليه الصلاة والسلام ، وقد أثبت الصوفية قدست أسرارهم هذه القوة للأولياء ولهم في ذلك حكايات مشهورة ، وأنت تعلم أن ما ذكر عن يأجوج ومأجوج من أن فيهم من طوله قدر شبر بعد تسليمه لقائل أن يقول فيه : إن ذلك حين يفتح السد وهو في آخر الزمان ولا يتم الاستناد بحالهم إلا إذا ثبت أن فيهم من هو كذلك في الزمن القديم ، وما ذكر من إعطائه من قوة التشكل احتمال بعيد وفي ثبوته للأولياء خلاف كثير من المحدثين . وقال بعض الناس : لو أعطى أحد من البشر هذه القوة لأعطيها صلى الله عليه وسلم يوم الهجرة فاستغنى بها عن الغار وجعلها حجاباً له عن الكفار ، وللبحث في هذا مجال . وعن الثاني من الوجوه بأنه لا يلزم من عدم نقل كونه في السفينة إن قلنا بأنه عليه السلام كان قبل نوح عليه السلام عدم وجوده لجواز أنه كان ولم ينقل مع أنه يحتمل أن يكون قد ركب ولم يشاهد وهذا كما ترى . وقال بعض الناس : إذا كان احتمال إعطاء قوة التشكل قائماً عند القائلين بالتعمير فليقولوا يحتمل أنه عليه السلام قد تشكل فصار في غاية من الطول بحيث خاض في الماء ولم يحتج إلى الركوب في السفينة على نحو ما يزعمه أهل الخرافات في عوج بن عوق ، وأيضاً هم يقولون : له قدرة الكون في الهواء فما منعهم من أن يقولوا بأنه يحتمل أنه لم يركب وتحفظ عن الماء بالهواء كما قالوا باحتمال أنه كان في الهواء في الجواب عن حديث البخاري . وأيضاً ذكر بعضهم عن العلامي في تفسيره أن الخضر يدور في البحار يهدي من ضل فيها والياس يدور في الجبال يهدي من ضل فيها هذا دأبهما في النهار وفي الليل يجتمعان عند سد يأجوج ومأجوج يحفظانه فلم لم يقولوا : إنه عليه السلام بقي في البحر حين ركب غيره السفينة ولعلهم إنما لم يقولوا ذلك لأن ما ذكر قد روى قريباً منه الحرث بن أبي أسامة في مسنده عن أنس مرفوعاً ولفظه : « إن الخضر في البحر والياس في البر يجتمعان كل ليلة عند الردم الذي بناه ذو القرنين » الخبر ، وقد قالوا : إن سنده واه أو لأنهم لا يثبتون له هذه الخدمة الإلهية في ذلك الوقت ، ويوشك أن يقولوا في إعطائه قوة التشكل والكون في الهواء كذلك . وعن الثالث بأنه لا نسلم الاتفاق على أنه مات كل أهل السفينة ولم يبق بعد الخروج منها غير نسل نوح عليه السلام والحصر في الآية إضافي بالنسبة إلى المكذبين بنوح عليه السلام . وأيضاً المراد أنه مات كل من كان ظاهراً مشاهداً غير نسله عليه السلام بدليل أن الشيطان كان أيضاً في السفينة . وأيضاً المراد من الآية بقاء ذريته عليه السلام على وجه التناسل وهو لا ينفي بقاء من عداهم من غير تنال ونحن ندعي ذلك في الخضر . لى أن القول بأنه كان قبل نوح عليهما السلام قول ضعيف والمعتمد كونه بعد ذلك ولا يخفى ما في بعض ما ذكر من الكلام . / وعن الرابع : بأنه لا يلزم من كون تعميره من أعظم الآيات أن يذكر في القرآن العظيم كرات ، وإنما ذكر سبحانه نوحاً عليه السلام تسلية لنبينا صلى الله عليه وسلم بما لاقى من قومه في هذه المدة مع بقائهم مصرين على الكفر حتى أغرقوا ولا توجد هذه الفائدة في ذكر عمر الخضر عليه السلام لو ذكر ، على أنه قد يقال : من ذكر طول عمر نوح عليه السلام تصريحاً يفهم تجويز عمر أطول من ذلك تلويحاً . وتعقب بأن لنا نعود فنقول : لا أقل من أن يذكر هذا الأمر العظيم في القرآن العظيم مرة لأنه من آيات الربوبية في النوع الإنساني ، وليس المراد أنه يلم عقلاً من كونه كذلك ذكره بل ندعي أن ذكر ذلك أمر استحساني لا سيما وقد ذكر تعمير عدو الله تعالى إبليس عليه اللعنة فإذا ذكر يكون القرآن مشتملاً على ذكر معمر بن الجن مبعد وذكر معمر من الإنس مقرب ولا يخفى حسنه ، وربما يقال : إن فيه أيضاً إدخال السرور على النبي صلى الله عليه وسلم ، وبأن التجويز المذكور في حيز العلاوة مما لا كلام فيه إنما الكلام في الوقوع ودون إثباته الظفر بماء الحياة ، وأجاب بعضهم بأن في قوله تعالى : { آتيناه رَحْمَةً مّنْ عِندِنَا } إشارة إلى طول عمره عليه السلام على ما سمعت عن بعض في تفسيره . ورد بأن تفسيره بذلك مبني على القول بالتعمير فإن قبل قبل وإلا فلا ، وعن الخامس : بأنا نختار أنه ثابت بالسنة وقد تقدم لك طرف منها . وتعقب بما نقله عن القارىء عن ابن قيم الجوزية أنه قال : إن الأحاديث التي يذكر فيها الخضر عليه السلام وحياته كلها كذب ولا يصح في حياته حديث واحد ومن ادعى الصحة فعليه البيان ، وقيل : يكفي في ثبوته إجماع المشايخ العظام وجماهير العلماء الأعلام . وقد نقد هذا الاجماع ابن الصلاح . والنووي . وغيرهما من الأجلة الفخام . وتعقب بأن إجماع المشايخ غير مسلم فقد نقل الشيخ صدر الدين إسحق القونوي في تبصرة المبتدى وتذكرة المنتهى أن وجود الخضر عليه السلام في عالم المثال . وذهب عبد الرزاق الكاشي إلى أن الخضر عبارة عن البسط والياس عن القبض ، وذهب بعضهم إلى أن الخضرية رتبة يتولاها بعض الصالحين على قدم الخضر الذي كان في زمان موسى عليهما السلام ، ومع وجود هذه الأقوال لا يتم الإجماع وكونها غير مقبولة عند المحققين منهم لا يتممه أيضاً ، وإجماع جماهير العلماء على ما نقل ابن الصلاح . والنووي مسلم لكنه ليس الاجماع الذي هو أحد الأدلة الشرعية والخسم لا يقنع إلا به وهو الذي نفاه فإني بإثباته ، ولعل الخصم لا يعتبر أيضاً إجماع المشايخ قدست أسرارهم إجماعاً هو أحد الأدلة ، وعن السادس : بأن له علامات عند أهله ككون الأرض تخضر عند قومه وإن طول قدمه ذراع وربما يظهر منه بعض خوارق العادات بما يشهد بصدقه ، على أن المؤمن يصدق بقوله بناء على حسن الظن به ، وقد شاع بين زاعمي رؤيته عليه السلام أن من علاماته أن إبهام يده اليمنى لا عظم فيه وإن بؤبؤ إحدى عينيه يتحرك كالزئبق ، وتعقب بأنه بأي دليل ثبت أن هذه علاماته قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين . والذي ثبت في الحديث الصحيح أنه إنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز من خلفه خضراء وأين فيه ثبوت ذلك له دائماً ، وكون طول قدمه ذراعاً إنما جاء في خبر محمد بن المنكذر السابق عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ولا نسلم صحته ، على أن زاعمي رؤيته يزعمون أنهم يرونه في صور مختلفة ولا يكاد يستقر له عليه السلام قدم على صورة واحدة ، وظهور الخوارق مشترك بينه وبين غيره من أولياء الأمة فيمكن أن يظهر ولي خارقاً ويقول : أنا الخضر مجازاً لأنه على قدمه أو لاعتبار آخر ويدعوه لذلك داع شرعي ، وقد صح في حديث الهجرة أنه صلى الله عليه وسلم لما قيل له ممن القوم؟ قال : من ما فظن السائل إن ما اسم قبيلة ولم يعن صلى الله عليه وسلم إلا أنهم خلقوا من ماء دافق ، وقد يقال للصوفي : إن أنا الخضر مع ظهور الخوارق لا تيقن منه أن القائل هو الخضر بالمعنى المتبادر في نفس الأمر لجواز أن يكون ذلك القائل ممن هو فإن فيه لاتحاد المشرب ، وكثيراً ما يقول الفاني في شيخه أنا فلان ويذكر اسم شيخه ، وأيضاً متى وقع من بعضهم قول : أنا الحق وما في الجبة إلا الله لم يبعد أن يقع أنا الخضر ، وقد ثبت عن كثير منهم نظماً ونثراً قول : أنا آدم أنا نوح أنا إبراهيم أنا موسى أنا عيسى أنا محمد إلى غير ذلك مما لا يخفى عليك وذكروا له محملاً صحيحاً عندهم فليكن قول : أنا الخضر ممن ليس بالخضر على هذا الطرز ، ومع قيام هذا الاحتمال كيف يحصل اليقين؟ وحسن الظن لا يحصل منه ذلك . وعن السابع : بأنا لا نسلم اجتماعه بجهلة العباد الخارجين عن الشريعة ولا يلتفت إلى قولهم فالكذابون الدجالون يكذبون على الله تعالى وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم فلا يبعد أن يكذبوا على الخضر عليه السلام ويقولوا قال وجاء إنما القول باجتماعه بأكابر الصوفية والعباد المحافظين على الحدود الشرعية فإنه قد شاع اجتماعه بهم حتى أن منهم من طلب الخضر مرافقته فأبى ، وروى ذلك عن علي الخواص رحمة الله تعالى عليه في سفر حجه ، وسئل عن سبب آبائه فقال : خفت من النقص في توكلي حيث اعتمدت على وجوده معي وتعقب بأن اجتماعه بهم واجتماعهم به يحتمل أن يكون من قبيل ما يذكرونه من اجتماعهم بالنبي صلى الله عليه وسلم واجتماعه عليه الصلاة والسلام بهم ، وذلك أن الأرواح المقدسة قد تظهر متشكلة ويجتمع بها الكاملون من العباد ، وقد صح أنه صلى الله عليه وسلم رأى موسى عليه السلام قائماً يصلي في قبره ورآه في السماء ورآه يطوق بالبيت . وادعى الشيخ الأكبر قدس سره الاجتماع مع أكثر الأنبياء عليهم السلام لا سيما مع إدريس عليه السلام فقد ذكر أنه اجتمع به مراراً وأخذ منه علماً كيراً بل قد يجمع الكامل بمن لم يولد بعد كالمهدي ، وقد ذكر الشيخ الأكبر أيضاً اجتماعه مه ، وهذا ظاهر عند من يقول : إن الأزل والأبد نقطة واحدة والفرق بينهما بالاعتبار عند المتجردين عن جلابيب أبدانهم ، ولعل كثرة هذا الظهور والتشكل من خصوصيات الخضر عليه السلام ، ومع قيام هذا الاحتمال لا يحصل يقين أيضاً بأن الخضر المرئي موجود في الخارج كوجود سائر الناس فيه كما لا يخفى . ومما يبني على اجتماعه عليه السلام بالكاملين من أهل الله تعالى بعض طرق إجازتنا بالصلاة البشيشية فإني أرويها من بعض الطرق عن شيخي علاء الدين علي أفندي الموصلي عن شيخه ووالده صلاح الدين يوسف أفندي الموصلي عن شيخه خاتمة المرشدين السيد علي البندينجي عن نبي الله تعالى الخضر عليه السلام عن الولي الكامل الشيخ عبد السلام بن بشيش قدس سره . وعن الثامن : بأنا لا نسلم أن القول بعدم إرساله صلى الله عليه وسلم إليه عليه السلام كفر ، وبفرض أنه ليس بكفر هو قول باطل إجماعاً ، ونختار أنه أتى وبايع لكن باطناً حيث لا يشعر به أحد؛ وقد عده جماعة من أرباب الأصول في الصحابة ، ولعل عدم قبول روايته لعدم القطع في وجوده وشهوده في حال رؤيته وهو كما ترى . وعن التاسع : بأنه مجازفة في الكلام فإنه من أين يعلم نفي ما ذكره من حضور الجهاد وغيره عن الخضر عليه السلام مع أن العالم بالعلم اللدني لا يكون مشتغلاً إلا بما علمه الله تعالى في كل مكان وزمان بحسب ما يقتضي الأمر والشأن . وتعقب بأن النفي مستند إلى عدم الدليل فنحن نقول به إلى أن يقوم الدليل ولعله لا يقوم حتى يقوم الناس لرب العالمين ، وسيأتي إن شاء الله تعالى الكلام في العلم اللدني والعالم به ، وبالجملة قد ظهر لك حال معظم أدلة الفريقين وبقي ما استدل به البعض من الاستصحاب ، وأنت تعلم أنه حجة عند الشافعي . والمزني . وأبي بكر الصيرفي في كل شيء نفياً وإثباتاً ثبت تحققه بدليل ثم وقع الشك في بقائه إن لم يقع ظن بعدمه ، وأما عندنا وكذا عند المتكلمين فهو من الحجج القاصرة التي لا تصلح للإثبات وإنما تصلح للدفع بمعنى أن لا يثبت حكم وعدم الحكم مستند إلى عدم دليله والأصل في العدم الاستمرار حتى يظهر دليل الوجود فالمفقود يرث عنده لا عندنا لأن الإرث من باب الاثبات فلا يثبت به ولا يورث لأن عدم الإرث من باب الدفع فيثبت به ، ويتفرع على هذا الخلاف فروع أخر ليس هذا محل ذكرها ، وإذا كان حكم الاستثحاب عندنا ما ذكر فاستدلال الحنفي به على إثبات حياة الخضر عليه السلام اليوم وأنها متيقنة لا يخلو عن شيء بل استدلال الشافعي به على ذلك أيضاً كذلك بناء على أن صحة الاستدلال به مشروط بعدم وقوع ظن بالعدم فإن العادة قاضية بقاء الآدمي تلك المدة المديدة والأحقاب العديدة ، وقد قيل : إن العادة دليل معتبر ولولا ذلك لم يؤثر خرق العادة بالمعجزة في وجوب الاعتقاد والاتباع فإن لم تفد يقيناً بالعدم فيما نحن فيه أفادت الظن به فلا يتحقق شرط صحة الاستدلال ، وعلى هذا فالمعول عليه الخالص من شوب الكدر الاستدلال بأحد الأدلة الأربعة وقد علمت حال استدلالهم بالكتاب والسنة وما سموه إجماعاً ، وأما الاستدلال بالقياس هنا فمما لا يقدم عليه عاقل فضلاً عن فاضل ثم اعلم : بعد كل حساب أن الأخبار الصحيحة النبوية والمقدمات الراجحة العقلية تساعد القائلين بوفاته عليه السلام أي مساعدة وتعاضدهم على دعواهم أي معاضدة ، ولا مقتضي للعدول عن ظواهر تلك الأخبار إلا مراعاة ظواهر الحكايات المروية والله تعالى بصحتها عن بعض الصالحين الأخبار وحسن الظن ببعض السادة الصوفية فإنهم قالوا بوجوده إلى آخر الزمان على وجه لا يقبل التأويل السابق ، ففي الباب الثالث والسبعين من الفتوحات المكية اعلم أن لله تعالى في كل نوع من المخلوقات خصائص وصفوة ، وأعلى الخواص فيه من العباد الرسل عليهم السلام ولهم مقام الرسالة والنبوة والولاية والايمان فهم أركان بيت هذا النوع ، والرسول أفضلهم مقاماً وأعلاهم حالاً بمعنى أن المقام الذي أرسل منه أعلى منزلة عند الله تعالى من سائر المقامات وهم الأقطاب . والأئمة . والأوتاد الذين يحفظ الله تعالى بهم العالم ويصون بهم بيت الدين القائم بالأركان الأربعة الرسالة والنبوية والولاية والايمان ، والرسالة هي الركن الجامع وهي المقصودة من هذا النوع فلا يخلو من أن يكون فيه رسول كما لا يزال دين الله تعالى ، وذلك الرسول هو القطب الذي هو موضع نظر الحق وبه يبقى النوع في هذه الدار ولو كفر الجميع ، ولا يصح هذا الاسم على إنسان إلا أن يكون ذا جسم طبيعي وروح ويكون موجوداً في هذا النوع في هذه الدار بجسده وروحه يتغذى ، وهو مجلى الحق من آدم عليه السلام إلى يوم القيامة ، ولما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما قرر الدين الذي لا ينسخ والشرع الذي لا يبدل ، ودخل الرسل كلهم عليهم السلام في ذلك الدين وكانت الأرض لا تخلو من رسول حسي بجسمه لأنه قطب العالم الإنساني وإن تعدد الرسل كان واحد منهم هو المقصود أبقى الله تعالى بعد وفاته عليه الصلاة والسلام من الرسل الأحياء بأجسادهم في هذه الدار أربعة إدريس . واليأس . وعيسى . والخضر عليهم السلام ، والثلاثة الأول متفق عليهم والأخير مختلف فيه عند غيرنا لا عندنا؛ فأسكن سبحانه ادريس في السماء الرابعة ، وهي سائر السموات السبع من الدار الدنيا لأنها تتبدل في الدار الأخرى كما تتبدل هذه النشأة الترابية منا بنشأة أخرى ، وأبقى الآخرين في الأرض فهم كلهم باقون باجسامهم في الدار الدنيا ، وكلهم الأوتاد ، وإثنان منهم الامامان ، وواحد منهم القطب الذي هو موضع نظر الحق من العالم ، وهو ركن الحجر الأسود من أركان بيت الدين ، فما زال المرسلون ولا يزالون في هذه الدار إلى يوم القيامة وإن كانوا على شرع نبينا صلى الله عليه وسلم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ، بالواحد منهم يحفظ الله تعالى الإيمان وبالثاني الولاية وبالثالث النبوة وبالرابع الرسالة وبالمجموع الدين الحنيفي ، والقطب من هؤلاء لا يموت أبداً أي لا يصعق . وهذه المعرفة لا يعرفها من أهل طريقتنا إلا الافراد الأمناء ، ولكل واحد منهم من هذه الأمة في كل زمان شخص على قلبه مع وجودهم ويقال لهم النواب ، وأكثر الأولياء من عامة أصحابنا لا يعرفون إلا أولئك النواب ولا يعرفون أولئك المرسلين ، ولذا يتطاول كل واحد من الأمة لنيل مقام القطبية والإمامية والوتدية فإذا خصوا بها عرفوا أنهم نواب عن أولئك المرسلين عليهم السلام . ومن كرامة نبينا صلى الله عليه وسلم أن جعل من أمته وأتباعه رسلاً وإن لم يرسلوا فهم من أهل هذا المقام الذي منه يرسلون وقد كانوا أرسلوا ، فلهذا صلى صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء بالأنبياء عليهم السلام لتصح له الإمامة على الجميع حيا بجسمانيته وجسمه ، فلما انتقل عليه الصلاة والسلام بقي الأمير محفوظاً بهؤلاء الرسل عليهم السلام ، فثبت الدين قائماً بحمد الله تعالى وإن ظهر الفساد في العالم إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها ، وهذه نكتة فاعرف قدرها فإنك لا تراها في كلام أحد غيرنا . ولولا ما ألقى عندي من إظهارها ما أظترتها لسر يعلمه الله تعالى ما أعلمنا به . ولا يعرف ما ذكرناه إلا نوابهم دون غيرهم من الأولياء . فاحمدوا الله يا اخواننا حيث جعلكم الله تعالى ممن قرع سمعه أسرار الله تعالى المخبوءة في خلقه التي اختص بها من شاء من عباده . كونوا لها قابلين وبها مؤمنين ولا تحرموا التصديق بها فتحرموا خيرها انتهى . وعلم منه القول برسالة الخضر عليه السلام وهو قول مرجوح عند جمهور العلماء والقول بحياته وبقائه إلى يوم القيامة وكذا بقاء عيسى عليه السلام ، والمشهور أنه بعد نزوله إلى الأرض يتزوج ويولد له ويتوفى ويدفن في الحجرة الشريفة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولينظر ما وجه قوله قدس سره بإبقاء عيسى عليه السلام في الأرض وهو اليوم في السماء كإدريس عليه السلام ، ثم إنك إن اعتبرت مثل هذه الأقوال وتلقيتها بالقبول لمجرد جلالة قائلها وحسن الظن فيه فقل بحياة الخضر عليه السلام إلى يوم القيامة ، وإن لم تعتبر ذلك وجعلت الدليل وجوداً وعدماً مداراً للقبول والرد ولم تغرك جلالة القائل إذ كل أحد يؤخذ من قوله ويرد ما عدا رسول الله صلى الله عليه وسلم . وعن علي كرم الله تعالى وجهه أنه قال : لا تنظر إلى من قال وانظر ما قال فاستفت قلبك بعد الوقوف على أدلة الطرفين وما لها وما عليها ثم اعمل بما يفتيك . وأنا أرى كثيراً من الناس اليوم بل في كثير من الأعصار يسمون من يخالف الصوفية في أي أمر ذهبوا إليه منكراً ويعدونه سيء العقيدة ويعقدون بمن يوافقهم ويؤمن بقولهم الخير ، وفي كلام الصوفية أيضاً نحو هذا فقد نقل الشيخ الأكبر قدس سره في الباب السابق عن أبي يزيد البسطامي قدس سره أنه قال لأبي موسى الدبيلي : يا أبا موسى إذا رأيت من يؤمن بكلام أهل هذه الطريقة فقل له يدعو لك فإنه مجاب الدعوة . وذكر أيضاً أنه سمع أبا عمران موسى بن عمران الاشبيلي يقول لأبي القاسم بن عفير الخطيب وقد أنكر ما يذكر أهل الطريقة يا أبا القاسم لا تفعل فإنك إن فعلت هذا جمعنا بين حرمانين لا ندري ذلك من نفوسنا ولا نؤمن به من غيرنا وما ثم دليل يرده ولا قادح يقدح فيه شرعاً أو عقلاً انتهى . ويفهم منه أن ما يرده الدليل الشرعي أو العقلي لا يقبل وهو الذي إليه أذهب وبه أقول ، واسأل الله تعالى أن يوفقني وإياك لكل ما هو مرضى لديه سبحانه ومقبول ، والتنوين في قوله تعالى : { رَحْمَةً } للتفخيم وكذا في قوله سبحانه : { وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا } أي علماً لا يكتنه كنهه ولا يقادر قدره وهو علم الغيوب وأسرار العلوم الخفية ، وذكر { لَّدُنَّا } قيل لأن العلم من أخص صفاته تعالى الذاتية وقد قالوا : إن القدرة لا تتعلق بشيء ما لم تتعلق الإرادة وهي لا تتعلق ما لم يتعلق العلم فالشيء يعلم أولا فيراد فتتعلق به القدرة فيوجد . وذك أنه يفهم من فحوى { مّن لَّدُنَّا } أو من تقديمه على { عِلْمًا } اختصاص ذلك بالله تعالى كأنه قيل علماً يختص بنا ولا يعلم إلا بتوقيفنا ، وفي اختيار { علمناه } على آتيناه من الإشارة إلى تعظيم أمر هذا العلم ما فيه ، وهذا التعليم يحتمل أن يكون بواسطة الوحي المسموع بلسان الملك وهو القسم الأول من أقسام الوحي الظاهري كما وقع لنبنا صلى الله عليه وسلم في أخباره عن الغيب الذي أوحاه الله تعالى إليه في القرآن الكريم ، وأن يكون بواسطة الوحي الحاصل بإشارة الملك من غير بيان بالكلام وهو القسم الثاني من ذلك ويسمى بالنفث كما في حديث إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله تعالى واجملوا في الطلب والإلهام على ما يشير إليه بعض عبارات القوم من هذا النوع ، ويثبتون له ملكاً يسمونه ملك الإلهام ، ويكون للأنباء عليهم السلام ولغيرهم بالإجماع ، ولهم في الوقوف على المغيبات طرق تتشعب من تزكية الباطن . والآية عندهم أصل في إثبات العلم اللدني ، وشاع اطلاق علم الحقيقة والعلم الباطن عليه ولم يرتض بعضهم هذا الإطلاق ، قال العارف بالله تعالى الشيخ عبد الوهاب الشعراني عليه الرحمة في كتابة المسمى بالدرر المنثورة في بيان زبد العلوم المشهورة ما لفظه : وأما زبدة علم التصوف الذي وضع القوم فيه رسائلهم فهو نتيجة العمل بالكتاب والسنة فمن عمل بما علم تكلم بما تكلموا وصار جميع ما قالوه بعض ما عنده لأنه كلما ترقى العبد في باب الأدب مع الله تعالى دق كلامه على الافهام ، حتى قال بعضهم لشيخه : إن كلام أخى فلان يدق على فهمه فقال : لأن لك قميصين وله قميص واحد فهو أعلى مرتبة منك ، وهذا هو الذي دعا الفقهاء ونحوهم من أهل الحجاب إلى تسمية علم الصوفية بالعلم الباطن وليس ذلك بباطن إذ الباطن إنما هو علم الله تعالى وأما جميع ما علمه الخلق على اختلاف طبقاتهم فهو من العلم الظاهر لاْنه ظهر للخلق فاعلم ذلك انتهى . والحق أن اطلاق العلم الباطن اصطلاحاً على ما وقفوا عليه صحيح ولا مشاحة في الاصطلاح ، ووجه أنه غير ظاهر على أكثر الناس ويتوقف حصوله على الوقة القدسية دون المقدمات الفكرية وإن كان كل علم يتصف بكونه باطناً وكونه ظاهراً بالنسبة للجاهل به والعالم به ، وهذا كاطلاق العلم الغريب على علم الأوفاق والطلسمات والجفر وذلك لقلة وجوده والعارفين به فاعرف ذلك . وزعم بعضهم أن أحكام العلم الباطن وعلم الحقيقة مخالفة لأحكام الظاهر وعلم الشريعة وهو زعم باطل عاطل وخيال فاسد كاسد ، وسيأتي أن شاء الله تعالى نقل نصوص القوم فيما يرده وانه لا مستند لهم في قصة موسى والخضر عليهما السلام . وقرأ أبو زيد عن أبي عمرو { لَّدُنَّا } بتخفيف النون وهي إحدى اللغات في لدن . { قَالَ لَهُ موسى } استئناف مبني على سؤال نشأ من السياق كأنه قيل فما جرى بينهما من الكلام؟ فقيل : قال له موسى عليه السلام : { هَلْ أَتَّبِعُكَ على أَن تُعَلّمَنِ } استئذان منه عليه السلام في اتباعه له بشرط التعليم ، ويفهم ذلك من { على } فقد قال الأصوليون : إن على قد تستعمل في معنى يفهم منه كون ما بعدها شرطاً لما قبلها كقوله تعالى : { يُبَايِعْنَكَ على أَن لاَّ يُشْرِكْنَ } [ الممتحنة : 12 ] أي بشرط عدم الإشراك ، وكونها للشرط بمنزلة الحقيقة عند الفقهاء كما في التلويح لأنها في أصل الوضع للالزام والجزاء لازم للشرط ، ويلوح بهذا أيضاً كلام الفناري في بدائع الأصول وهو ظاهر في أنها ليست حقيقة في الشرط ، وذكر السرخسي أنه معنى حقيقي لها لكن النحاة لم يتعرضوا له ، وقد تردد السبكي في وروده في كلام العرب ، والحق أنه استعمال صحيح يشهد به الكتاب حقيقة كان أو مجازاً ولا ينافي انفهام الشرطية تعلق الحرف بالفعل الذي قبله كما قالوا فيما ذكرنا من الآية كما أنه لا ينافيه تعلقه بمحذوف يقع حالاً كما قيل به هنا فيكون المعنى هل اتبعك باذلا تعليمك إياي { مِمَّا عُلّمْتَ رُشْداً } أي علماً ذا رشد وهو إصابة الخير . وقرأ أبو عمرو . والحسن . والزهري . وأبو بحرية . وابن محيصن . وابن مناذر ويعقوب . وأبو عبيد . واليزيدي { رَشَدًا } بفتحتين؛ وأكثر السبعة بالضم والسكون وهما لغتان كالبخل والبخل ، ونصبه في الأصل على أنه صفة للمفعول الثاني لتعلمني ووصف به للمبالغة لكن أقيم مقامه بعد حذفه والمفعول الثاني لعلمت الضمير العائد على ما الموصولة أي من الذي علمته ، والفعلان مأخوذان من علم المتعدي إلى مفعول واحد ، وجوز أن يكون { مِمَّا عُلّمْتَ } هو المفعول الثاني لتعلمني و «رشدا» بدل منه وهو خلاف الظاهر ، وان يكون { رَشَدًا } مفعولاً له لأتبعك أي هل أتبعك لأجل إصابة الخير فيتعين أن يكون المفعول الثاني لتعلمني { مِمَّا عُلّمْتَ } لتأويله ببعض ما علمت أو علما مما علمت ، وأن يكون مصدراً باضمار فعله أي أرشد رشداً والجملة استئنافية والمفعول الثاني { مِمَّا عُلّمْتَ } أيضاً . واستشكل طلبه عليه السلام التعليم بأنه رسول من أولي العزم فكيف يتعلم من غيره والرسول لا بد أن يكون أعلم أهل زمانه ، ومن هنا قال نوف واضرابه : إن موسى هذا ليس هو ابن عمران وإن كان ظاهر اطلاقه يقتضي أن يكون إياه . وأجيب بأن اللازم في الرسول أن يكون أعلم في العقائد وما يتعلق بشريعته لا مطلقاً ولذا قال نبينا صلى الله عليه وسلم : " أنتم اعلم بأمور دنياكم " فلا يضر في منصبه أن يتعلم علوماً غيبية وأسراراً خفية لا تعلق لها بذلك من غيره لا سيما إذا كان ذلك الغير نبيا أو رسولاً أيضاً كام قيل في الخضر عليه السلام ، ونظير ما ذكر من وجه تعلم عالم مجتهد كأبي حنيفة والشافعي رضي الله عنهما علم الجفر مثلا ممن دونه فإنه لا يخل بمقامه ، وإنكار ذلك مكابرة . لا يرد على هذا أن علم الغيب ليس علماً ذا رشد أي إصابة خير وموسى عليه السلام كان بصدد تعلم علم يصيب به خيراً لقوله تعالى : { ولوْ كُنتُ * أَعْلَمُ الغيب لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الخير وَمَا مَسَّنِىَ السوء } [ الأعراف : 188 ] وقال بعضهم : اللازم كون الرسول أعلم من أمته والخضر عليه السلام نبي لم يرسل إليه ولا هو مأمور باتباع شريعته فلا ينكر تفرده بما لم يعلمه غيره ، ولا يخفى أنه على هذا ليس الخضر عليه السلام من بنى إسرائيل لأن الظاهر إرسال موسى عليه السلام إليهم جميعاً كذا قيل : ثم إن الذي أميل إليه أن لموسى عليه السلام علماً بعلم الحقيقة المسمى بالعلم الباطن والعلم اللدني إلا أن الخضر أعلم به منه وللخضر عليه السلام سواء كان نبياً أو رسولاً علماً بعلم الشريعة المسمى بالعلم الظاهر إلا أن موسى عليه السلام أعلم به منه فكل منهما أعلم من صاحبه من وجه ، ونعت الخضر عليه السلام في الأحاديث السابقة بأنه أعلم من موسى عليه السلام ليس على معنى أنه أعلم منه من كل وجه بل على معنى أنه أعلم من بعض الوجوه وفي بعض العلوم لكن لما كان الكلام خارجاً مخرج العتب والتأديب أخرج على وجه ظاهره العموم ، ونظير هذا آيات الوعيد على ما قيل من أنها مقيدة بالمشيئة لكنها لم تذكر لمزيد الإرهاب ، وافغل التفضيل وإن كان للزيادة في حقيقة الفعل إلا أن ذلك على وجه يعم الزيادة في فرد منه ، ويدل على ذلك صحة التقييد بقسم خاص كما تقول زيد أعلم من عمرو في الطب وعمرو أعلم منه في الفلاحة ، ولو كان معناه الزيادة في مطلق العلم كان قولك زيد أعلم من عمرو مستلزماً لأن لا يكون عمرو أعلم منه في شيء من العلوم فلا يصح تفضيل عمرو عليه في علم الفلاحة ، وإنكار صدق الأعلم المطلق مع صدق المقيد التزام لصدق المقيد بدون المطلق ، وقد جاء إطلاق افعل التفضيل والمراد منه التفضيل من وجه على ما ذكره الشيخ ابن الحاجب في أمالي القرآن ضمن عداد الأوجه في حل الاشكال المشهور في قوله تعالى : { وَمَا نُرِيِهِم مّنْ ءايَةٍ إِلاَّ هِىَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا } [ الزخرف : 48 ] من أن المراد إلا هي أكبر من أختها من وجه ثم قال : وقد يكون الشيئان كل واحد منهما أفضل من الآخر من وجه ، وقد أشبع الكلام في هذا المقام مولانا جلال الدين الدواني فيما كتبه على الشرح الجديد للتجريد وحققه بما لا مزيد عليه ، ومما يدل على أن لموسى عليه السلام علماً ليس عند الخضر عليه السلام ما أخرجه البخاري . مسلم . والترمذي . والنسائي من حديث ابن عباس مرفوعاً أن لخضر عليه السلام قال يا موسى : إني على علم من علم الله تعالى علمنيه لا تعلمه أنت وأنت على علم من علم الله تعالى علمك لله سبحانه لا أعلمه ، وأنت تعلم أنه لو لم يكن قوله تعالى لموسى عليه السلام المذكور في الأحاديث السابقة إن لي عبداً بمجمع البحرين هو أعلم منك على معنى أعلم في بعض العلوم بل كان على معنى أعلم في كل العلوم أشكل الجمع بينه بين ما ذكرنا من كلام الخضر عليه السلام ، ثم على ما ذكرنا ينبغي أن يراد من العلم الذي ذكر الخضر أنه يعلمه هو ولا بعلمه موسى عليهما السلام بعض علم الحقيقة ومن العلم الذي ذكر أنه يعلمه موسى ولا يعلمه هو عليهما السلام بعض علم لشريعة ، فلكل من موسى والخضر عليهما السلام علم بالشريعة والحقيقة إلا أن موسى عليه السلام أزيد بعلم الشريعة والخضر عليه السلام أزيد بعلم الحقيقة ، ولكن نظراً للحالة الحاضرة كما ستعلم وجهه إن شاء الله تعالى وعدم علم كل ببعض ما عند صاحبه لا يضر بمقامه . وينبغي أن يحمل قول من قال كالجلال السيوطي ما جمعت الحقيقة والشريعة إلا نبينا صلى الله عليه وسلم ولم يكن للأنبياء إلا أحدهما على معنى أنها ما جمعت على الوجه الأكمل إلا له صلى الله عليه وسلم ولم يكن للأنبياء عليهم السلام على ذلك الوجه إلا أحدهما ، والحمل على أنهما لم يجمعا على وجه الأمر بالتبليغ إلا لنبينا صلى الله عليه وسلم فإنه عليه الصلاة والسلام مأمور بتبليغ الحقيقة كما هو مأمور بتبليغ الشريعة لكن للمستعدين لذلك لا يخلو عن شيء . ويفهم من كلام بعض الأكابر أن علم الحقيقة من علوم الولاية وحينئذ لا بد أن يكون لكل نبي حظ منه ولا يلزم التساوي في علومها . وقائلوا ذلك يلزمهم ظاهراً القول بأن ما عنده من علم الحقيقة مع كونه ولياً أكثر مما عند موسى عليه السلام منه إن أثبتوا له عليه السلام شيئاً من ذلك مع كونه نبياً ولكنهم لا يرون في ذلك حطا لقدر موسى عليه السلام . وظاهر كلام بعضهم أنه عليه السلام لم يؤت شيئاً من علم الحقيقة أصلاً ومع هذا لا ينط قدره عن قدر الخضر عليهما السلام إذ له جهات فضل أخر ، وسيأتي إن شاء الله تعالى تحقيق ما يقوله الذاهبون إلى ولايته عليه السلام . ثم ما أراه أنا ولله تعالى الحمد أبعد عن القول بما نقل عن بعض الصوفية من أن الولاية مطلقاً أفضل من النبوة وإن كان الولي لا يبلغ درجة النبي . وهو مردود عند المحققين بلا تردد . نعم قد يقع تردد في نبوة النبي وولايته أيهما أفضل؟ فمن قائل بان نبوته أفضل من ولايته ، ومن قائل بان ولايته أفضل . واختار هذا بعض العرفاء معللاً له بأن نبوة التشريع متعلقة بمصلحة الوقت والولاية لا تعلق لها بوقت دون وقت وهي في النبي على غاية الكمال . والمختار عندي الأول . وقد ضل الكرامية في هذا المقام فزعموا أو الولي قد يبلغ درجة النبي بل أعلى . ورده ظاهر . والاستدلال له بما فيه هذه القصة بناء على القول بولاية الخضر عليه السلام ليس بشيء كما لا يخفى . هذا ولا يخفى على من له أدنى ذوق بأساليب الكلام ما راعاه موسى عليه السلام في سوق كلامه على علو مقامه من غاية التواضع مع الخضر عليه السلام ونهاية الأدب واللطف ، وقد عد الإمام من ذلك أنواعاً كثيرة أوصلها إلى اثني عشر نوعاً أن أردتها فارجع إلى تفسيره لا تفسدوا في الأرض فإنه مفسد لدينكم وآخرتكم (وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) و العثى السرقة وقطع الطريق والغارة ، و { مُفْسِدِينَ } حال من ضمير { تَعْثَوْاْ } ، وفائدة ذلك إخراج ما يقصد به الإصلاح كما فعل الخضر عليه السلام من قتل الغلام . وخرق السفينة فهو حال مؤسسة الولي من كان على بينة من ربه في حاله فعرف ما له بإخبار الحق إياه على الوجه الذي يقع به التصديق عنده في حياته وموته حكى القاضي أبو يعلى موته عن بعض أصحاب محمد . وكيف يعقل وجود الخضر ولا يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة والجماعة ولا يشهد معه الجهاد مع قوله عليه الصلاة والسلام " والذي نفسي بيده لو كان موسى حياً ما وسعه إلا أن يتبعني في سبب تسميته الخضر فَوَجَدَا عَبْدًا مّنْ عِبَادِنَا } الجمهور على أنه الخضر بفتخ الخاء وقد تكسر وكسر الضاد وقد تسكن ، وقيل اليسع ، وقيل الياس ، وقيل ملك من الملائكة وهو قول غريب باطل كما في شرح مسلم ، والحق الذي تشهد له الأخبار الصحيحة هو الأول ، والخضر لقبه ولقب به كما أخرج البخاري وغيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز من خلفه خضراء . وأخرج ابن عساكر . وجماعة عن مجاهد أنه لقب بذلك لأنه إذا صلى اخضر ما حوله ، وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة أن ذلك لأنه كان إذا جلس في مكان أخضر ما حوله وكانت ثيابه خضراً ، وأخرج عن السدي أنه إذا قام بمكان نبت العشب تحت رجليه حتى يغطي قدميه ، وقيل لإشراقه وحسنه ، والصواب كما قال النووي الأول ، وكنيته أبو العباس واسمه بليا بموحدة مفتوحة ولام ساكنة وياء مثناة تحتية ، وفي آخره ألف قيل ممدودة ، وقيل إبليا بزيادة همزة في أوله ، وقيل عامر ، وقيل أحمد . ووهاه ابن دحية بأنه لم يسم قبل نبينا صلى الله عليه وسلم أحد من الأمم السالفة بأحمد ، وزعم بعضهم أن اسم الخضر اليسع وأنه إنما سمي بذلك لأن علمه وسع ست سموات وست أرضين ووهاه ابن الجوزي ، وأنت تعلم أنه باطل لاواه ، ومثله القول بأن اسمه الياس ، واختلفوا في أبيه فأخرج الدارقطني في الإفراد . وابن عساكر من طريق مقاتل بن سليمان عن الضحاك عن ابن عباس أنه ابن آدم لصلبه ، وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن المسيب أن أمه رومية وأباه فارسي ، ولم يذكر اسمه وذكر أن الياس أخوه من هذه الأم وهذا الأب ، وأخرج أيضاً عن أسباط عن السدي أنه ابن ملك من الملوك وكان منقطعاً في عبادة الله تعالى وأحب أبوه أن يزوجه فأبى ثم أجاب فزوجه بامرأة بكر فلم يقربها سنة ثم بثيب فلم يقربها ثم فر فطلبه فلم يقدر عليه ثم تزوجت امرأته الأولى وكانت قد آمنت وهي ماشطة امرأة فرعون ، ولم يذكر أيضاً ابم أبيه ، وقيل إنه ابن فرعون على ما قيل أنه أبوه وسبحان من يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ، وأخرج أبو الشيخ في العظمة . وأبو نعيم في الحلية عن كعب الأحبار أنه ابن عامل وأنه ركب في نفر من أصحابه حتى بلغ بحر الهند وهو بحر الصين فقال : يا أصحابي دلوني فدلوه في البحر أياماً وليالي ثم صعد فقال : استقبلني ملك فقال لي : أيها الآدمي الخطاء إلى أين ومن أين؟ فقلت : أردت أن أنظر عمق هذا البحر فقال لي : كيف وقد أهوى رجل من زمان داود عليه السلام ، ولم يبلغ ثلث قعره حتى الساعة وذلك ثلثمائة سنة ، وأظنك لا تشك بكذب هذا الخبر وإن قيل حدث عن البحر ولا حرج ، وقيل هو ابن العيص . وقيل هو ابن كليان بكاف مفتوحة ولام ساكنة وياء مثناة تحتية بعدها ألف ونون . وقال ابن قتيبة في «المعارف» : قال وهب بن منبه أنه ابن ملكان بفتح الميم وإسكان اللام ابن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ ابن سام بن نوح عليه السلام . ولم يصح عندي شيء من هذه الأقوال بيد أن صنيع النووي عليه الرحمة في شرح مسلم يشعر باختيار أنه بليا بن ملكا وهو الذي عليه الجمهور والله تعالى أعلم . وصح من حديث البخاري وغيره أنهما رجعا إلى الصخرة وإذا رجل مسجى بثوب قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه الآخر تحت رأسه . وفي «صحيح مسلم» فأتيا جزيرة فوجد الخضر قائماً يصلي على طنفسة خضراء على كبد البحر ، وقال الثعلبي : انتهيا إليه وهو نائم على طنفسة خضراء على وجه الماء وهو مسجى بثوب أخضر . وقيل إن سبيل الحوت عاد حجراً فلما جاءا إليه مشيا عليه حتى وصلا إلى جزيرة فيها الخضر . وصح أنهما لما انتهيا إليه سلم موسى فقال الخضر : وإني بأرضك السلام . فقال : أنا موسى . فقال : موسى بني إسرائيل قال : نعم ، وروي أنه لما سلم عليه وهو مسجى عرفه أنه موسى فرفع رأسه فاستوى جالساً وقال : وعليك السلام يا نبي بني إسرائيل فقال موسى : وما أدراك بي ومن أخبرك أني نبي بني إسرائيل؟ فقال : الذي أدراك بي ودلك علي ثم قال : يا موسى أما يكفيك أن التوراة بيدك وأن الوحي يأتيك؟ قال موسى : إن ربي أرسلني إليك لأتبعك وأتعلم من علمك ، والتنوين في { عَبْداً } للتفخيم والإضافة في { عِبَادِنَا } للتشريف والاختصاص أي عبداً جليل الشأن ممن اختص بنا وشرف بالإضافة إلينا . { ءاتَيْنَاهُ رَحْمَةً مّنْ عِندِنَا } قيل المراد بها الرزق الحلال والعيش الرغد ، وقيل العزلة عن الناس وعدم الاحتياج إليهم وقيل طول الحياة مع سلامة البنية ، والجمهور على أنها الوحي والنبوة وقد أطلقت على ذلك في مواضع من القرآن ، وأخرج ذلك ابن أبي حاتم عن ابن عباس ، وهذا قول من يقول بنبوته عليه السلام وفيه أقوال ثلاثة ، فالجمهور على أنه عليه السلام نبي وليس برسول ، وقيل هو رسول ، وقيل هو ولي وعليه القشيري وجماعة ، والمنصور ما عليه الجمهور . وشواهده من الآيات والأخبار كثيرة وبمجموعها يكاد يحصل اليقين ، وكما وقع الخلاف في نبوته وقع الخلاف في حياته اليوم فذهب جمع إلى أنه ليس بحي اليوم ، وسئل البخاري عنه وعن إلياس عليهما السلام هل هما حيان؟ في توقيت أحداث قصة الخضر وموسى وموقف بني اسرائيل يقول الألوسي في تفسيره لا تسمح أنفسهم بالقول بتعلم نبيهم الأفضل ممن ليس مثله في الفضل فإن الخضر عليه السلام على القول بنبوته بل القول برسالته لم يبلغ درجة موسى عليه السلام ، وقال بعض المحققين : ليس إنكارهم لمجرد ذلك بل لذلك ولقولهم إن موسى عليه السلام بعد الخروج من مصر حصر هو وقومه في التيه وتوفي فيه ولم يخرج قومه منه إلا بعد وفاته؛ والقصة تقتضي خروجه عليه السلام من التيه لأنها لم تكن وهو في مصر بالإجماع ، وتقتضي أيضاف الغيبة أياماً ولو وقعت لعلمها كثير من بني إسرائيل الذين كانوا معه ولو علمت لنقلت لتضمنها أمراً غريباً تتوفر الدواعي على نقله فحيث لم يكن لم تكن . وأجيب بأن عدم سماح نفوسهم بالقول بتعلم نبيهم عليه السلام ممن ليس مثله في الفضل أمر لا يساعده العقل وليس هو إلا كالحمية الجاهلية إذ لا يعبد عقلاً تعلم الأفضل الأعلم شيئاً ليس عنده ممن هو دونه في الفضل والعلم . ومن الأمثال المشهورة قد يوجد في الإسقاط ما لا يوجد في الاسفاط . وقالوا : قد يوجد في المفضول ما لا يوجد في الفاضل . وقال بعضهم : لا مانع من أن يكون قد أخفى الله سبحانه وتعالى علم المسائل التي تضمنتها القصة عن موسى عليه السلام على مزيد علمه وفضله لحكمة ولا يقدح ذلك في كونه أفضل وأعلم من الخضر عليه السلام وليس بشيء كما لا يخفى ، وبأنه سيأتي إن شاء الله تعالى قريباً القول بأن القصة كانت بعد أن ظهر موسى عليه السلام على مصر مع بني إسرائيل واستقر بعد هلاك القبط فلا إجماع على أنها لم تكن بمصر ، نعم اليهود لا يقولون باستقرارهم في مصر بعد هلاك القبط وعليه كثير منا وحينئذ يقال : إن عدم خروج موسى عليه السلام من التيه غير مسلم ، وكذلك اقتضاء ذلك الغيبة أياماً لجواز أن يكون على وجه خارق للعادة كالتيه الذي وقعوا فيه وكنتق الجبل عليهم وغير ذلك من الخوارق التي وقت فيهم ، وقد يقال : يجوز أن يكون عليه السلام خرج وغاب أياماً لكن لم يعلموا أنه عليه السلام ذهب لهذا الأمر وظنوا أنه ذهب يناجي ويتعبد ولم يوقفهم على حقيقة غيبته بعد أن رجع لعلمه بقصور فهمهم فخاف من حط قدره عندهم فهم القائلون استدلال ينفي وقوع القصة قبل الخروج ولا ينفيها عن موسى بن عمران ويلحقها بموسى غيره وذلك إن موسى عليه السلام بعد الخروج من مصر حصر هو وقومه في التيه وتوفي فيه ولم يخرج قومه منه إلا بعد وفاته؛ والقصة تقتضي خروجه عليه السلام من التيه لأنها لم تكن وهو في مصر بالإجماع ، وتقتضي أيضاف الغيبة أياماً ولو وقعت لعلمها كثير من بني إسرائيل الذين كانوا معه ولو علمت لنقلت لتضمنها أمراً غريباً تتوفر الدواعي على نقله فحيث لم يكن لم تكن مابين دعوة الله ودعوة الشرك وعقيدة المستور ذكر الألوسي في تفسيره أنه عند نزول البلاء حتى المشركين لا يدعون غيره تعالى في تلك الحال ، وكان الناس إذا اعتراهم أمر خطير وخطب جسيم في بر أو بحر دعوا من لا يضر ولا ينفع ولا يرى ولا يسمع فمنهم من يدعو الخضر والياس ومنهم من ينادي أبا الخميس والعباس ومنهم من يستغيث بأحد الأئمة ومنهم من يضرع إلى شيخ من مشايخ الأمة ولا ترى فيهم أحداً يخص مولاه بتضرعه ودعاه ولا يكاد يمر له ببال أنه لو دعا الله تعالى وحده ينجو من هاتيك الأهوال فبالله تعالى عليك قل لي أي الفريقين من هذه الحيثية أهدى سبيلاً وأي الداعيين أقوم قيلاً؟ وإلى الله تعالى المشتكى من زمان عصفت فيه ريح الجهالة وتلاطمت أمواج الضلالة وخرقت سفينة الشريعة واتخذت الاستغاثة بغير الله تعالى للنجاة ذريعة وتعذر على العارفين الأمر بالمعروف نقل عن ابن عباس أن المراد إلى يوم القيامة فهم اليوم أحياء إلا أن الله تعالى سترهم عن الناس على حد ما يقال في الخضر عليه السلام ، ورأيت في بعض الكتب ما يوافقه إلا أنه ذكر فيه أنهم يظهرون أيام المهدي ويكونون من جملة انصاره ثم يموتون والكل مما لا صحة له .زمن عريب ما أورد الألوسي في تفسيره أن رقيم أهل الكهف لوح من رصاص كتب فيه شأنهم ووضع في تابوت من نحاس في فم الكهف وقيل لوح من ذهب كتب فيه ذلك وكان تحت الجدار الذي أقامه الخضر عليه السلام روي عن ابن عباس أنه كتاب كان عندهم فيه الشرع الذي تمسكوا به من دين عيسى عليه السلام ، وقيل من دين قبل عيسى عليه السلام والرقيم لفظ عربي (قصة الخضر مع موسى سابقة على زمنهم أو قد يعني أن اللوح اكتشف وكان مع أهل الكهف والله أعلم) الخضر وفرعون أن فرعون موسى هو والد الخضر عليه السلام وأوقد يكون ابنا لحاكم اقليم فيكون مالكه كملك الأقليم الذي يأخذ كل سفينة غصبا الخضر وإلياس الخضر وإلياس يصومان شهر رمضان ببيت المقدس، ويوافيان موسم الحج في كل عام. وقيل: إن إلياس موكل بالفيافي، والخضر موكل بالبحار والذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قيل : هو أرميا بن خلقيا من سبط هارون عليه السلام ، وقيل : هو الخضر عليه السلام وحكي ذلك عن ابن إسحق وزعم بعضهم أن هذين القولين واحد ، وأن أرميا هو الخضر بعينه ، وقيل : اشعيا ، وقيل : غلام لوط عليه السلام ، موسى والخضر يا موسى أنا على علم علمنيه الله تعالى لا تعلمه أنت في بعض الأخبار أنه لما قال له موسى هذا قال له الخضر: كفى بالتوراة علما وببني إسرائيل شغلا فقال له موسى: إن الله أمرني بهذا فحينئذ: { قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا } { قَالَ } له الخضر { إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا } وإنما قال ذلك لأنه علم أنه يرى أمورا منكرة ولا يجوز للأنبياء أن يصبروا على المنكرات . ثم بين عذره في ترك الصبر فقال: { وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا } أي علما. { قَالَ } موسى { سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا } إنما استثنى لأنه لم يثق من نفسه بالصبر { وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا } أي: لا أخالفك فيما تأمر. { قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي } فإن صحبتني ولم يقل: اتبعني ولكن جعل الاختيار إليه إلا أنه شرط عليه شرطا فقال: { فَلا تَسْأَلْنِي } كن بساما ولا تكن ضحاكا، ودع اللجاجة، ولا تمش في غير حاجة، ولا تعب على الخطائين خطاياهم وابك على خطيئتك يا ابن عمران. وروى أبو سعيد الخدري قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بنهار وفيه: وكان فيما حفظنا أن قال: (ألا إن بني آدم خلقوا طبقات شتى فمنهم من يولد مؤمنا ويحيا مؤمنا ويموت مؤمنا، ومنهم من يولد كافرا ويحيا كافرا ويموت كافرا، ومنهم من يولد مؤمنا ويحيا مؤمنا ويموت كافرا، ومنهم من يولد كافرا ويحيا كافرا ويموت مؤمنا، ومنهم حسن القضاء حسن الطلب). إثبات بالدليل على أن بني اسرائيل عاشوا هنا في المنطقة من البحر الفرعوني إلى رأس الدلتا وتوقيع محل برعمسيس ومخازن فيثوم ومسقط رأس موسى وهارون عليهم السلام الخضر وسليمان الذي عنده علم من الكتاب قال بن لهيعة: هو الخضر عليه السلام. وقال ابن زيد: الذى عنده علم من الكتاب رجل صالح كان في جزيرة من جزائز البحر، خرج ذلك اليوم ينظر من ساكن الارض ؟ وهل يعبد الله أم لا ؟ فوجد سليمان، فدعا باسم من أسماء الله تعالى فجئ بالعرش. الخضر وذي القرنين الأكثرون على أنه كان ملكا عادلا صالحا واختلفوا في سبب تسميته بـ "ذي القرنين" قال الزهري: لأنه بلغ قرني الشمس مشرقهاومغربها. وقيل: لأنه ملك الروم وفارس.وقيل: لأنه دخل النور والظلمة.وقيل: لأنه رأى في المنام كأنه أخذ بقرني الشمس.وقيل: لأنه كانت له ذؤابتان حسنتان.وقيل: لأنه كان له قرنان تواريهما العمامة.وروى أبو الطفيل عن علي أنه قال سمي "ذا القرنين" لأنه أمر قومه بتقوى الله، فضربوه على قرنه الأيمن فمات فبعثه الله، ثم أمرهم بتقوى الله فضربوه على قرنه الأيسر فمات، فأحياه اللهقال أبو الطفيل: سئل علي رضي الله عنه عن ذي القرنين أكان نبيا أم ملكا؟ قال: لم يكن نبيا ولا ملكا ولكن كان عبدا أحب الله وأحبه الله، ناصح الله فناصحه الله ومكنه وملكه ودانت له الملوك، فروي أن جميع ملوك الدنيا كلها سخر له السحاب فحمله عليها، ومد له في الأسباب، وبسط له النور، فكان الليل والنهار عليه سواء، فهذا معنى تمكينه في الأرض وهو أنه سهل عليه السير فيها وذلل له طرقها.{ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ } أي: أعطيناه من كل شيء يحتاج إليه الخلق وقيل: من كل ما يستعين به الملوك على فتح المدن ومحاربة الأعداء.{ سَبَبًا } أي: علما يتسبب به إلى كل ما يريد ويسير به في أقطار الأرض، والسبب: ما يوصل الشيء إلى الشيء.وقال الحسن: بلاغا إلى حيث أراد. وقيل: قربنا إليه أقطار الأرض { حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ } قرأ أبو جعفر وأبو عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر: " حامية " بالألف غير مهموزة، أي: حارة، وقرأ الآخرون: { حَمِئَةٍ } مهموزا بغير الألف، أي: ذات حماة، وهي الطينة السوداء.وسأل معاوية كعبا: كيف تجد في التوراة أن تغرب الشمس؟ قال: نجد في التوراة أنها تغرب في ماء وطين.قال القتيبي: يجوز أن يكون معنى قوله: { فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ } أي: عندها عين حمئة، أو في رأي العين. وكان الخضر عليه السلام صاحب لوائه الاعظم، في الخضرواسمه اختلف في اسم الخضر اختلافا متباينا، فعن ابن منبه أنه قال: أيليا ابن ملكان بن فالغ بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح. وقيل: هو ابن عاميل بن سماقحين ابن أريا بن علقما بن عيصو بن إسحق، وأن أباه كان ملكا، وأن أمه كانت بنت فارس واسمها ألمى، وأنها ولدته في مغارة، وأنه وجد هنالك وشاة ترضعه في كل يوم من غنم رجل من القرية، فأخذه الرجل فرباه، فلما شب وطلب الملك - أبوه - كاتبا وجمع أهل المعرفة والنبالة ليكتب الصحف التي أنزلت على إبراهيم وشيث، كان ممن أقدم عليه من الكتاب ابنه الخضر وهو لا يعرفه، فلما استحسن خطه ومعرفته وبحث عن جلية أمره عرف أنه ابنه (2) فضمه لنفسه (3) وولاه أمر الناس ثم إن الخضر فر من الملك لاسباب يطول ذكرها إلى أن وجد عين الحياة فشرب منها، فهو حي إلى أن يخرج الدجال، وأنه الرجل الذي يقتله الدجال ويقطعه ثم يحييه الله تعالى وليت سياحة الآفاق فصرت خليفة الخضر الرحلة في طلب الخضر والاستعداد بالعزم بالصحبة والزاد في أمر الفتى لم يسمع لفتى موسى ذكر في أول الآية ولا في آخرها، قيل له: اختلف في ذلك، فقال عكرمة لابن عباس: لم يسمع لفتى موسى بذكر وقد كان معه ؟ فقال: شرب الفتى من الماء فخلد، وأخذه العالم فطبق عليه سفينة (3) ثم أرسله في البحر،وإنها لتموج به فيه إلى يوم القيامة وذلك أنه لم يكن له أن يشرب منه فشرب منه.قال القشيري: وهذا إن ثبت فليس الفتى يوشع بن نون، فإن يوشع بن نون قد عمر بعد موسى وكان خليفته، والأظهر أن موسى صرف فتاه لما لقي الخضر.ويحتمل أن يكون أكتفي بذكر المتبوع عن التابع والله أعلم في الكرامة والمعجزة والأدب السير لرؤية الكرامة لمن يأتي بالمعجزة ماكان خيرا كله أضافه الخضر إلى الله تعالى وأضاف عيب السفينة إلى نفسه رعاية للادب لانها لفظة عيب فتأدب بأن لم يسند الارادة فيها إلا إلى نفسه نحن لا ننكر كرامات الأولياء أحياء وأموات حمي الدبر وقطف عنب خبيب لا ينكر أن يكون للولي مال وضيعة يصون بها وجهه وعياله، وحسبك بالصحابة وأموالهم مع ولايتهم وفضلهم، وهم الحجة على غيرهم بلا استكثار ولا تنعم ولكن للمعاش يصون بها دينه وعياله فاتخاذها بهذه النية من أفضل الاعمال، وهي من أفضل الاموال، (لا تتخذوا الضيعة فتركنوا إلى الدنيا) (نعم المال الصالح للرجل الصالح). وجواز الاجارة، وهى سنة الانبياء والاولياء الكرامة ما تظهر من غير دعوى والمعجزة ما تظهر عند دعوى الانبياء فيطالبون بالبرهان فيظهر أثر ذلك.الكرامة من شرطها الاستتار، والمعجزة من شرطها الاظهار.شرط الولي أن يستديم الخوف إلى أن تتنزل عليه الملائكة، كما قال عز وجل: " تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا " جمع للخضر مابين معجزات الأنبياء وكرمات الأولياء وكرامات الاولياء ثابتة، على ما دلت عليه الاخبار الثابتة، والآيات المتواترة ولا ينكرها إلا المبتدع الجاحد، أو الفاسق الحائد، فالآيات ما أخبر الله تعالى في حق مريم من ظهور الفواكه الشتوية في الصيف، والصيفية في الشتاء - على ما تقدم - وما ظهر على يدها حيث أمرت النخلة وكانت يابسة فأثمرت، وهي ليست بنبية، على الخلاف. ويدل عليها ما ظهر على يد الخضر عليه السلام من خرق السفينة، وقتل الغلام، وإقامة الجدار.القرطبي في تفسيره ج11 ما وصف من أحوال الخضر عليه السلام في هذا الباب كلها أمور خارقة للعادة، هذا إذا تنزلنا على أنه ولي لا نبي.وقول تعالى: " وما فعلته عن أمري " [ الكهف: 82 ] يدل على نبوته وأنه يوحى إليه بالتكليف والاحكام، كما أوحى للانبياء عليهم الصلاة والسلام غير أنه ليس برسول، والله أعلم.و موسى مأمور بطلب العلم على يد عبد لله (آتيناه رحمة من عندنا) النبوة.وقيل النعمة. وعلمناه من لدنا علما) أي علم الغيب و إذا صلى اخضر ما حولها وهو الخضر واختلف في زاد موسى فقال ابن عباس: كان حوتا مملوحا في زنبيل، وكانا يصيبان منه غداء وعشاء وقيل الحوت علامة وكان معهم طعام غيره وقيل فتاه يوشع بنون ومهمته (لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت، قال: ما كلفت كبيرا )بينما موسى نائم وفي ظل الصخرة على أرض ترابها بلل وندى تحرك الحوت ونزل البحر(وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره) فقال فتاه: لا أوقظه، حتى إذا أستيقظ نسي أن يخبره، وتحرك الحوت حتى دخل البحر، فأمسك الله عنه جرية البحر حتى كأن أثره في حجر، طلب موسى الغداء فقال له فتاه: " أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره "). صخرة الملتقى والحوت فلما أستيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت فانطلقا بقية يومهما وليلتهما، حتى إذا كان من الغد قال موسى لفتاه: " آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا " ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمر الله به، فقال له فتاه: " أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره ") تلك الصخرة عندها عين الحياة، ولا يصيب ماؤها شيئا إلا عاش. وقيل أن موسى عليه السلام توضأ من عين الحياة فقطرت من لحيته على الحوت قطرة فحيي، والله أعلم. قال: وكان الحوت قد أكل منه فلما قطر عليه الماء عاش.ابن عباس قال حيي لانه مسه ماء عين هناك تدعى عين الحياة، ما مست قط شيئا إلا حيي إنما كان الحوت دليلا على موضع الخضر لقوله في الحديث: (أحمل معك حوتا في مكتل فحيث فقدت الحوت فهو ثم) على هذا فيكون تزودا شيئا آخر غير الحوت وموضع العجب قيل أن يكون حوت قد مات فأكل شقه الايسر ثم حي بعد ذلك والشق الذي ليس فيه شئ عليه قشرة رقيقة ليست تحتها شوكه وقال ابن عباس: كان حوتا مملوحا في زنبيل (مكتل مقطف قفه قوطه )ذكر الطبري أن الحوت بقي موضع سلوكه فارغا، وأن موسى مشى عليه متبعا للحوت، حتى أفضى به الطريق إلى جزيرة في البحر). وفيها وجد الخضر.وظاهر الروايات والكتاب أنه إنما وجد الخضر في ضفةوجدا خضرا على طنفسة خضراء على كبد البحر مسجى بثوبه، قد جعل طرفه تحت رجليه، وطرفه تحت رأسه، فسلم عليه موسى، فكشف عن وجهه وقال: هل بأرضك من سلام ؟ ! من أنت ؟ قال: أنا موسى.قال: موسى بني إسرائيل ؟ قال: نعم.قال: فما شأنك ؟ قال جئت لتعلمني مما علمت رشدا)، الحديث.وقال الثعلبي في كتاب " العرائس ": إن موسى وفتاه وجدا الخضر وهو نائم على طنفسة خضراء على وجه الماء وهو متشح بثوب أخضر فسلم عليه موسى، فكشف عن وجهه فقال: وأنى بأرضنا السلام ؟ ! ثم رفع رأسه واستوى جالسا وقال: وعليك السلام يا نبي بني إسرائيل، فقال له موسى: وما أدراك بي ؟ ومن أخبرك أني نبي بني إسرائيل ؟ قال: الذي أدراك بي ودلك علي واستثنى موسى في الصبر فصبر، وما استثنى في قوله: " ولا أعصي لك أمرا " فاعترض فلو صبر ودأب لرأى العجب، لكنه أكثر من الاعتراض فتعين الفراق والاعراض في خرق السفينة أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ } قال كعب: كانت لعشرة إخوة خمسة مرضى (زمنى) وخمسة يعملون في البحر وفيه دليل على أن المسكين وإن كان يملك شيئا فلا يزول عنه اسم المسكنة إذا لم يقم ما يملك بكفايته قيل لم ير الخضر حين خرق السفينة غير موسى وكان عبدا لا تراه إلا عين من أراد الله له أن يريه، ولو رآه القوم لمنعوه من خرق السفينة. قيل: خرج أهل السفينة إلى جزيرة، وتخلف الخضر فخرق السفينة، وقال ابن عباس: (لما خرق الخضر السفينة تنحى موسى ناحية، وقال في نفسه: ما كنت أصنع بمصاحبة هذا الرجل ! كنت في بني إسرائيل أتلو كتاب الله عليهم غدوة وعشية فيطيعوني ! قال له الخضر: يا موسى أتريد أن أخبرك بما حدثت به نفسك ؟ قال: نعم. قال: كذا وكذا روي أن الخضر لما خرق السفينة لم يدخلها الماء. روي أن الخضر اعتذر إلى القوم وذكر لهم شأن الملك الغاصب ولم يكونوا يعلمون بخبره وقال: أردت إذا هي مرت به أن يدعها لعيبها (4) فإذا جاوزه أصلحوها فانتفعواوروي أن موسى لما رأى ذلك أخذ ثوبه فحشى به الخرق. وروي أن الخضر أخذ قدحا من الزجاج ورقع به خرق السفينة. وقيل: سدوها بقارورة وقيل: بالقار. ماقيل في قتل الغلام أن الله خلق الكافر وكفره فعل له وكسب وخلق المؤمن وإيمانه فعل له وكسب فلكل واحد من الفريقين كسب واختيار وكسبه واختياره بتقدير الله ومشيئته فالمؤمن بعد خلق الله إياه يختار الإيمان لأن الله تعالى أراد ذلك منه وقدَّره عليه وعلمه منه، والكافر بعد خلق الله تعالى إياه يختار الكفر لأن الله تعالى أراد ذلك منه وقدَّره عليه وعلمه منه. وهذا طريق أهل السنة والجماعة من سلكه أصاب الحق وسلم من الجبر والقدر. "إن الغلام الذي قتله الخضر عليه السلام طبع كافرًا" الخضر قتله لما علم من سيره والغلام من الاغتلام وهو شدة الشبق. والكفر والايمان من صفات المكلفين، ولا يطلق على غير مكلف إلا بحكم التبعية لابويه، وأبوا الغلام كانا مؤمنين بالنص فلا يصدق عليه اسم الكافر إلا بالبلوغ قوله تعالى: فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكر وجد غلمانا يلعبون فأخذ غلاما كافرا فأضجعه ثم ذبحه بالسكين، وفي الصحيحين وصحيح الترمذي: ثم خرجا من السفينة فبينما هما يمشيان على الساحل إذ أبصر الخضر غلاما يلعب مع الغلمان، فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه وقيل إن الخضر مر بغلمان يلعبون فأخذ بيده غلاما ليس فيهم أضوأ منه، وأخذ حجرا فضرب به رأسه حتى دمغه، فقتله. لم يره إلا موسى، ولو رأوه لحالوا بينه وبين الغلام. يحتمل أن يكون دمغه أولا بالحجر، ثم أضجعه فذبحه، ثم أقتلع رأسه، والله أعلم وفي كتاب العرائس: إن موسى لما قال للخضر " أقتلت نفسا زكية " - الآية - غضب الخضر وأقتلع كتف الصبي الايسر،وقشر اللحم عنه، وإذا في عظم كتفه مكتوب: كافر لا يؤمن بالله أبدا. إن هذا الغلام كان يفسد في الارض، ويقسم لابويه أنه ما فعل، فيقسمان على قسمه، ويحميانه ممن يطلبه، قالوا وقوله: " بغير نفس " يقتضي أنه لو كان عن قتل نفس لم يكن به بأس، وهذا يدل على كبر الغلام، وإلا فلو كان لم يحتلم لم يجب قتله بنفس، وإنما جاز قتله لانه كان بالغا عاصيا. قال ابن عباس: كان شابا يقطع الطريق. قيل اسم الغلام شمعون وقيل جيسون وحيسور وجيسور وقيل اسم أبيه سلاس واسم أمه رحمى وقيل أن اسم أبيه كازير واسم أمه سهوى. بدلا جارية، قال الكلبي فتزوجها نبي من الانبياء فولدت له نبيا فهدى الله تعالى على يديه أمة من الامم.عند قتادة: ولدت أثنى عشر نبيا، وعن ابن جريج أيضا أن أم الغلام يوم قتل كانت حاملا بغلام مسلم وكان المقتول كافرا. وعن ابن عباس: فولدت جارية ولدت نبيا، أبدلهما الله جارية فتزوجها نبي من الأنبياء فولدت له نبيا فهدى الله على يديه أمة من الأمم. وفي رواية: أبدلهما الله به جارية ولدت سبعين نبيا، وقاله جعفر بن محمد عن أبيه، قال علماؤنا: وهذا بعيد ولا تعرف كثرة الانبياء إلا في بني إسرائيل، وهذه المرأة لم تكن فيهم، ويستفاد من هذه الآية تهوين المصائب بفقد الاولاد وإن كانوا قطعا من الاكباد، علم البشر كالرقيم وهواللوح من الذهب تحت الجدار الذى أقامه الخضر. في صحيح مسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رحمة الله علينا وعلى موسى لولا أنه عجل لرأى العجب ولكنه أخذته من صاحبه ذمامة ولو صبر لرأى العجب) ورواية(يرحم الله موسى لوددنا أنه صبر حتى يقص علينا من أمرهما). في الجدار والفراق و العلم البشري واللدوني خلا الله فكل متعلم تبع للعالم وإن تفاوتت المراتب والفضل لمن فضله الله يؤتيه من يشاء علم موسى الشريعة علم الاحكام والفتيا بظاهر أقوال الناس وأفعاله وعلم الخضر علم الغيب علم معرفة بواطن قد أوحيت إليه (وعلمناه من لدنا علما) أي علم الغيب في أم الكتاب باللوح المحفوظ في جبين اسرافيل يعلم الله منه من يشاء من عباده . قوله تعالى: فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لتخذت عليه أجرا (77) قال سعيد بن جبير: مسح الجدار بيده فاستقام وروي عن ابن عباس: هدمه ثم قعد يبنيه وقال السدي: بل طينا وجعل يبني الحائط. قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا (78) قَالَ } الخضر: { هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ } يعني هذا وقت فراق بيني وبينك وقيل: هذا الإنكار على ترك الأجر هو المفرق بيننا واليتيمين قيل واسمهما أصرم وصريم وأن اليتم في الناس من قبل فقد الاب، وفي غيرهم من الحيوان من قبل فقد الام. وكنزهم فيه أنه و...كان مالا جسيما وهو الظاهر من اسم الكنز " قال سعيد بن جبير: كان الكنز صحفا فيها علم وقيل كان ذهبا وفضةوقال ابن عباس: كان علما في صحف مدفونة. عنه أيضا قال: كان لوحا من ذهب مكتوبا فيه بسم الله الرحمن الرحيم، عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن، عجبت لمن يؤمن بالرزق كيف يتعب، عجبت لمن يؤمن بالموت كيف يفرح، عجبت لمن يؤمن بالحساب كيف يغفل، عجبت لمن يؤمن بالدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن لها، لا إله إلا الله محمد رسول الله. وعند البغوي في تفسيره هذا النص "عجبا لمن أيقن بالموت كيف يفرح! عجبا لمن أيقن بالحساب كيف يغفل! عجبا لمن أيقن بالرزق كيف يتعب! عجبا لمن أيقن بالقدر كيف ينصب! عجبا لمن أيقن بزوال الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها! لا إله إلا الله محمد رسول الله". وفي الجانب الآخر مكتوب: "أنا الله لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي خلقت الخير والشر فطوبى لمن خلقته للخير وأجريته على يديه والويل لمن خلقته للشر وأجريته على يديه (وكان أبوهما صالحا) وكان يسمى كاسح وقيل كاشحا، قاله مقاتل اسم أمهما دنيا وظاهر اللفظ والسابق منه أنه والدهما دنية وقيل: هو الاب السابع، وقيل العاشر إن الله يحفظ بصلاح العبد ولده [وولد ولده] وعترته وعشيرته وأهل دويرات حوله فما يزالون في حفظ الله ما دام فيهم. قال ابن عباس: وكان قول موسى في السفينة والغلام لله، وكان قوله في الجدار لنفسه لطلب شئ من الدنيا، فكان سبب الفراق. قيل في تفسير هذه الآيات التي وقعت لموسى مع الخضر: إنها حجة على موسى لا عجبا له.وذلك أنه لما أنكر أمر خرق السفينة نودي: يا موسى أين كان تدبيرك هذا وأنت في التابوت مطروحا في اليم ! فلما أنكر أمر الغلام قيل له: أين إنكارك هذا من وكزك القبطي وقضائك عليه ! فلما أنكر إقامة الجدار نودي: أين هذا من رفعك حجر البئر لبنات شعيب دون أجر اختلف العلماء في القرية فقيل أيلة " وبرقة أنطاكية وقيل ناصرةوقيل بجزيرة الاندلس ويذكر أنها الجزيرةالخضراء. هي باجروان وهي بناحية أذربيجان شر القرى التي لا تضيف الضيف ولا تعرف لابن السبيل حقه وهي أبخل قرية وأهلها لئام " ومن جاع وجب عليه أن يطلب ما يرد جوعه والاستطعام سؤال الطعام، والمراد به هنا سؤال الضيافة خلاف بخلاف في أي ناحية من الارض كانت قصة موسى وها نحن نقول الناحية بمصر والباجور تحديدا مابين قراها الثلاث الخضرة ومسجد الخضر وجروان .ولم يصب أحد كبد الحقيقة حتى تتوفر أدلة قوية والله أعلم على النت ذكر ابن رجب ذيل طبقات الحنابلةأن كتبا ألفت عن الخضر منها موت الخضر و حياة الخضرو الروض النضر في حياة أبي العباس الخضر وعجالة المنتظر، لشرح حال الخضر والتعليق النضر في ترجمة الخضر و لقول النضر على الدعاوي الفارغة بحياة الخضر و رسالة في أحوال الخضر و القول الدال على حياة الخضر ووجود الابدال وكتاب رقد النظر على عقائد الخضر. رسالة في الخضر عليه السلام وحياته رسالة العدل في بيان حال الخضر. أردت إخراج كتاب لا يحقر قارئه بعده فقيرا أبدا. فكفى الفقراء فخرا انهم يدخلون الجنة قبل الأغنياء علم ضاع عند أهل بلاده فنسبه أهل بلاد لم يقع فيها لأنفسهم إذا وفقنا الله لتحديد أماكن وقوع الأحداث يسهل تحديد زمنها من مراحل حياة موسى عليه السلام قبل أم بعد التيه فالخضركان معروفا بين قومه بدليل المعداوي حمله وضيفه بالسفينة بغير أجره وكانوا يثقون فيه وفي أعماله فلم يعترضوه على خرق السفينة ولم يسألوه لما خرقها (فانطلقا يمشيان على الساحل، فعرف الخضر، فحمل بغير نول) أن كان القاء بالخضر قبل التيه فتكون(الخضرة (الملتقى)وجروان بلدة(الجدار) وقرية مسجد الخضر حيث(الغلام جيسور) البا- حور-بر شمس أم بير شمس وهل هي عين أم بر بمعنى مدينة سنتريس والفرعونية وسبك العبيد جنوبا والبحر الفرعوني شمالا قلتا الكبرى والصغرى(الخضرة العنب) الخضرة في النوم الجنة وقيل أحب الألوان الى الله الخضرة عن أنس قال كان أحب الألوان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخضرة وإنما القلتان العامتان، والقلتان الجرتان، والقلتان الكوزان، والقلتان قلتا الجبلين فهذا كله ينطلق عليه اسم القلتين، وبمصر قرية (قلتا) بالمنوفية.محاولة الوصول لأين ومتى ؟ بليا بن ملكان وكنية الخضر أبو العباس، وهو صاحب موسى النبى، عليه السلام عن أبى هريرة، رضى الله عنه، أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما سمى الخضر؛ لأنه جلس على فروة، فإذا هى تهتز من خلفه خضراء قول الطبري في التوقيت ان الخضر كان قبل موسى وفى أيامه ويدل على خطأ قول من قال إنه أو رميا ابن خلقيا لما ظهر موسى وقومه على مصر نزل قومه مصر فلما استقرت بهم الدار أنزل الله عزوجل عليه أن ذكرهم بأيام الله فخطب قومه فذكر ما آتاهم الله من الخير والنعمة وذكرهم إذا نجاهم الله من آل فرعون وذكرهم هلاك عدوهم وما استخلفهم في الارض فقال وكلم الله موسى نبيكم تكليما واصطفانى لنفسه وأنزل على محبة منه وآتاكم الله من كل ما سألتموه فنبيكم أفضل أهل الارض وأنتم تقرؤن التوراة فلم يترك نعمة أنعمها الله عليهم إلا ذكرها وعرفها إياهم فقال له رجل من بنى اسرائيل هو كذلك يا نبى الله قد عرفنا الذى تقول فهل على الارض أحد أعلم منك يا نبى الله قال لا فبعث الله عزوجل جبرائيل عليه السلام إلى موسى عليه السلام فقال إن الله تعالى يقول وما يدريك أين أضع علمي بلى إن على شط البحر رجلا أعلم منك فقال ابن عباس هو الخضر فسأل موسى ربه أن يريه إياه فأوحى الله إليه أن ائت البحر فانك تجد على شط البحر حوتا فخذه فادفعه إلى فتاك ثم الزم شط البحر فإذا نسيت الحوت وهلك منك فثم تجد العبد الصالح الذى تطلب فلما طال سفر موسى نبى الله صلى الله عليه وسلم ونصب فيه سأل فتاه عن الحوت فقال له فتاه وهو غلامه أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فانى نسيت الحوت وما أنسانيه الا الشيطان أن أذكره لك قال الفتى لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سربا فأعجب ذلك موسى فرجع حتى أتى الصخرة فوجد الحوت فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى وجعل موسى يقدم عصاه يفرج بها عنه الماء يتبع الحوت وجعل الحوت لا يمس شيئا من البحر الا يبس حتى يكون صخرة فجعل نبى الله صلى الله عليه وسلم يعجب من ذلك حتى انتهى به الحوت إلى جزيرة من جزائر البحر فلقى الخضر بها فسلم عليه فقال الخضر وعليك السلام وأنى يكون هذا السلام بهذه الارض ومن أنت قال أنا موسى فقال له الخضر صاحب بنى إسرائيل قال نعم فرحب به وقال ما جاء بك قال جئت على أن تعلمني مما علمت رشدا قال إنك لن تستطيع معى صبرا يقول لا تطيق ذلك قال موسى ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصى لك أمرا قال فانطلق به وقال له لا تسألني عن شئ أصنعه حتى أبين لك شأنه فذلك قوله حتى أحدث لك منه ذكرا فركبا في السفينة يريدان أن يتعديا إلى البر فقام الخضر فخرق السفينة فقال له موسى أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا ثم ذكر بقية القصة * حدثنا ابن حميد قال حدثنا يعقوب القمى عن هارون ابن عنترة عن أبيه عن ابن عباس قال سأل موسى عليه السلام ربه عزوجل فقال أي رب أي عبادك أحب اليك قال الذى يذكرنى ولا ينساني قال فأى الخضر ونبأدمشق قي خمسمائة عام فاخرى بها مصلى باسم الخضر عليه السلام ومسجد يعرف بمسجد الخضر وبمسجدها الأموي مقصورة الخضر في زمان معاوية بن أبي سفيان رجل صالح بدمشق من المعوزين ( 3 ) وكان يقصده الخضر عليه السلام في أوقات يأتيه فيها فبلغ معاوية بن أبي سفيان ذلك فجاء إليه راجلا فقال له بلغني أن الخضر ينقطع إليك فأحب أن تجمع بيني وبينه عندك فقال له نعم فجاءه الخضر على الرسم فسأله الرجل ذلك فأبى عليه وقال ليس إلى ذلك سبيل فعرف الرجل ذلك إلى معاوية فقال قل له قد قعدنا مع من خير منك وحدثناه وخاطبناه وهو محمد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ولكن اسأله عن ابتداء بناء ( 4 ) دمشق كيف كان فقال نعم صرت إليها رأيت موضعها بحرا مستجمعا فيه المياه ثم غبت عنها خمسمائة سنة ثم صرت إليها فرأيتها غيضة ثم غبت عنها خمسمائة سنة ثم صرت إليها فرأيتها بحرا كعادتها الأولى ثم غبت عنها خمسماية عام وصرت إليها فرأيتها قد ابتدأ فيها البناء ونفر يسير فيها ابن عساكر تاريخ دمشق ج1 الخليفة الأموي والخضر والمسجد الأموي أصلي الليلة في المسجد فلا تتركوا فيه أحدا حتى أصلي الليلة ثم إنه أتى إلى باب الساعات فاستفتح الباب ففتح له فدخل من باب الساعات فإذا رجل قائم يصلي بين باب الساعات وباب الخضراء الذي يلي المقصورة قائما يصلي وهو أقرب إلى باب الخضراء منه إلى باب الساعات فقال للقوام ألم آمركم ألا تتركوا أحدا يصلي الليلة في المسجد فقال له بعضهم يا أمير المؤمنين هذا الخضر عليه السلام يصلي في المسجد كل ليلة الفتاوى فيه اختلفوا فى حياة الخضر ونبوته، فقال الأكثرون من العلماء: هو حى موجود بين أظهرنا، وذلك متفق عليه عند الصوفية وأهل الصلاح والمعرفة، وحكاياتهم فى رؤيته والاجتماع به والأخذ عنه، وسؤاله وجوابه، ووجوده فى المواضع الشريفة ومواطن الخير أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر. قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح فى فتاويه: هو حى عند جماهير العلماء والصالحين والعامة معهم فى ذلك. قال: وإنما شذ بإنكاره بعض المحدثين. قال: وهو نبى، واختلفوا فى كونه مرسلا، وكذا قاله بهذه الحروف غير الشيخ من المتقدمين. وقال أبو القاسم القشيرى فى رسالته فى باب الأولياء: لم يكن الخضر نبيا، وإنما كان وليا. وقال أقضى القضاة الماوردى فى تفسيره: قيل: هو ولى، وقيل: هو نبى، وقيل: إنه من الملائكة، وهذا الثالث غريب ضعيف أو باطل. وفى آخر صحيح مسلم فى أحاديث الدجال أنه يقتل رجلا ثم يحيا. قال إبراهيم بن سفيان صاحب مسلم: يقال: إن ذلك الرجل هو الخضر، وكذا قال معمر فى مسنده أنه يقال: إنه الخضر. وذكر أبو إسحاق الثعلبى المفسر اختلافا فى أن الخضر كان فى زمن إبراهيم الخليل، عليه السلام، أم بعده بقليل أم بعده بكثير. قال: والخضر على جميع الأقوال نبى معمر محجوب عن الأبصار. قال: وقيل: إنه لا يموت إلا فى آخر الزمان عند رفع القرآن. النووى: تهذيب الأسماء واللغات أمثال العرب عن الخضر سافر مع الخضر على النت خلف الخضر في قطع الأرض الخضر والياس يحذران من التقول على النبي ( من قال على ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار.) وفي أحمد بن حنبل قال الخضر عليه السلام ان ساكن السماء راض عنك لما بذلت نفسك في هذا الامر كلام في الزهد عبد الله بن صخر روى كلاما في الزهد والحكمة عن رجل ترأى له ثم غاب حتى لا يدرى كيف ذهب فذكر انه كان الخضر عليه السلام الرملي نسبة إلى رملة الانجب قرية صغيرة قريباً من البحر بالقرب من منية العطار تجاه مسجد الخضر عليه السلام جروان هل هي قرية الجدار؟ الخضرة وجروان ومسجد الخضر ثلاث قرى من الباجور منوفية فهل جروان من قرى الباجور ذكر بن خلكان أن باجروان اسم للقرية التي استطعم أهلها موسى والخضر عليهما السلام عندها - وفيما قيل - عين الحياة التي وجدها الخضر عليه السلام،. وكذلك هي اسم قرية من بلاد البليخ من أعمال الرقة اسم المدينة بنواحي أرمينية من أعمال شروان(1) عزاء الخضر في الرسول توفي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وجاءت التعزية يسمعون الصوت والحس ولا يرون الشخص: السلام عليكم يا أهل البيت ورحمة الله وبركاته! كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة. إن في الله عزاء عن كل مصيبة وخلفا من كل هالك ودركا من كل ما فات، فبالله فثقوا، وإياه فأرجوا، إنما المصاب من حرم الثواب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مدن وقرى ومساجد وقباب ومقاصير باسم الخضر حمل الكثير من الناس اسم الخضر ولقبه أبوالعباس وكذلك الأماكن فعلى مقربة مني توجد قرية الخضرة وقرية مسجد الخضر في حمص مسجد الخضر ومنشيتهابالباجور منوفية بمصر و بنى المهدي الزيدي باليمن 1637 - 1718 بلدة في ناحية رداع سماها (مدينة الخضر) فبلغت 1200 دار، ثم هدمها.وعلى مقربة من (بيت لحم)مكان يسمى (الخضر) إلى كل من له ثأر فليعفوا فأن الرجل لا يبلغ درجة اليقين حتى يأمنه عدوه. وإلى الواقفين في الطابور إذا وقف الرجل موقف مذلة في طلب الحلال وجبت له الجنة. في رحلة الاسراء والمعراج __________ (1) بن خلكان وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان ج5 ص 243 : دار صادر - بيروت الطبعة : 1 ، 1994 عن أبى، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه ليلة أسرى به وجد ريحا طيبا فقال: يا جبرائيل، ما هذا الريح ؟ قال: ريح قبر الماشطة وابنها وزوجها، وكان بدء ذلك أن الخضر عليه السلام كان من أشراف بنى إسرائيل، وكان ممره پراهب في صومعة، فتطلع إليه الراهب فعلمه الاسلام، فلما بلغ الخضر زوجه أبوه امرأة، فعلمها الخضر، وأخذ عليها - وكان لا يقرب النساء - فطلقها. ثم زوجه أبوه أخرى فعلمها، وأخذ عليها ألا تعلم أحدا، وطلقها، فكتمت إحداهما وأفشت (1) الاخرى، فقالت: قد رأيت الخضر. فقيل: من رآه معك ؟ قالت: فلان، فسئل عنه وكان في دينهم قل من يكذب قبل، فتزوج المرأة الكاتمة رجل، فبينما هي تمشط ابنة فرعون إذا سقط المشط فقالت: تعس فرعون ! فأخبرت أباها، وكان للمرأة ابن وزوج، فأرسل إليهم، فراودوا المرأة وزوجها أن يرجعا عن دينهما فأبيا.فقال: إنى قاتلكم.قالا: إحسانا منك إلينا إن قتلتنا أن تجعلنا في بيت، ففعل.فلما أسرى بالنبي صلى الله عليه وسلم وجد ريحا طيبة، فسأل جبرائيل، فأخبره. وأقول وبالله التوفيق أن مكان الماشطة هو الذي خلد المصريين ذكره بمقام تذكاري يعرف اليوم بالست حريرة خلف المدرسة الثانوية بسنتريس أشمون منوفية والله أعلى وأعلم وهو ليس ببعيد عن برعمسيس حيث كانت تعمل ماشطة لأبنة فرعون في رؤية الخضروالسير على الماء والطيرات في الهواءو رد الأمر لله ولرسوله قال أبو عبيد البسرى، قال لي الخضر: " يا أبا عبيد!، أنا أجئ إلى العارفين في اليقظة، وأجئ إلى المريدين في المنام أودهم " يروى عن نجيب بن أبى عبيد البسرى قال: " كان والدي في المحرس الغربي بعكا، في ليلة النصف من شعبان، وأنا في الرواق السادس، انظر إلى البحر؛ فبينا أنا أنظر إذا شخص يمشى على الماء، ثم بعد الماء مشى على الهواء، وجاء إلى والدى، فدخل من طاقته التي هو فيها ينظر إلى البحر، فجلس معه ملياً يتحادثان، ثم قام والدى فودعه، ورجع الرجل من حيث جاء.يمشى في الهواء، فقمت إلى والدي، قلت له: " يا أبت!، من هذا الذي كان عندك، يمشى على الماء، ثم الهواء؟ " ، فقال: " يا بنى! رأيته؟ " ، قلت: " نعم " ، قال: " الحمد لله رب العالمين، الذى سوى بك وبنظرك له، يا بنى!، هذا الخضر. نحن اليوم في الدنيا سبعة، ستة يجيئون إلى أبيك، وأبوك لا يروح إلى واحد منهم " : ابن الملقن. طبقات الأولياء ويرد عليه أخر يتمثل الجنى للرأي في صورة, ويقول: أنا الخضر, ويكون كاذبا, وكذلك الذين يذكرون رجال الغيب ورؤيتهم إنما رأوا الجن, وهم رجال غائبون, وقد يظنون أنهم إنس, اجتماع عرفه السنوي يجتمع كل يوم عرفة بعرفات جبريل وميكائيل وإسرافيل والخضر فيقول جبريل ما شاء الله لا قوة إلا بالله فيرد عليه ميكائيل ما شاء الله كل نعمة من الله فيرد عليه إسرافيل ما شاء الله الخير كله بيد الله فيرد عليه الخضر ما شاء الله لا يصرف السوء إلا الله ثم يتفرقون عن هذه الكلمات الشبلي والخضر سئل أبا بكر الشبلي عن قوله عز وجل (وكتبنا له في الألواح من كل شئ) لم يكن في الألواح ما كان عند الخضر من العلم حتى أحوجه إلى أن يمر إلى الخضر، فقال: نعم، كان العلم الذي أعطى الخضر كان في الألواح ولكن الله أمر موسى أن يأخذ الألواح بقوة فلما أخذها وغضب ألقاها فانكسر، فلما انكسر حول الله علم الخصوص منها وأعطاه الخضر، وأحوج موسى أن يطلب من عند الخضر.( وهذا لو صح يعني أن لقاء الخضر تالي للخروج فنزول الألواح بعد الخروج) في المسجد الأموي يقول بن كثير اشتهر في الاعصار المتأخرة أن الزاوية القبلية عند باب المأذنة الغربية تسمى زاوية الخضر، وما أدري ما سبب ذلك، والذي ثبت بالتواتر صلاة الصحابة فيه، وكفى بذلك شرفا له ولغيره من المساجد التي صلوا فيها، وأول من صلى فيه إماما أبو عبيدة بن الجراح، وهو أمير الامراء بالشام، من لم يمت لها ميت فلتأكل قيل أن ذا القرنين لما حضرته الوفاة أوصى أمه إذا هو مات أن تصنع طعاما وتجمع نساء أهل المدينة وتضعه بين أيديهن، وتأذن له فيه إلا من كانت ثكلى فلا تأكل منه شيئا، فلما فعلت ذلك لم تضع واحدة منهن يدها فيه فقالت لهن سبحان الله كلكن ثكلى ؟ فقلن أي والله ما منا إلا من أثكلت فكان ذلك تسلية لامه. الزئبق والحجر قيل كان لذي القرنين صاحب من الملائكة يقال له رناقيل فسأله ذوالقرنين هل تعلم في الارض عينا يقال لها عين الحياة فذكر له صفة مكانها فذهب ذو القرنين في طلبها، وجعل الخضر على مقدمته فانتهى الخضر إليها في واد في أرض الظلمات فشرب منها، ولم يهتد ذو القرنين إليها.وذكر اجتماع ذي القرنين ببعض الملائكة في قصر هناك وأنه أعطاه حجرا فلما رجع إلى جيشه سأل العلماء عنه فوضعوه في كفة ميزان وجعلوا في مقابلته ألف حجر مثله فوزنها حتى سأل الخضر فوضع قباله حجرا وجعل عليه حفنة من تراب فرجح به. وقال هذا مثل ابن آدم لا يشبع حتى يوارى بالتراب فسجد له العلماء تكريما له وإعظاما والله أعلم وجهات نظر في التفسير لاحصرو رحمة الاختلاف في الخضر وقبول الأخر بشر أم ملك بشر، سواء كان وليا أو نبيا أو رسولا حياة الشهداء وحياة الأنبياء إلياس هو الخضر.و اليسع هو الخضر فلتقابل الأثقل بالأثقل، والأخف بالأخف فهل ملك أم بشر ؟(نبي أم ولي )إذا ثبتت نبوته لم يبق لمن قال بولايته (حي أم ميت) يقول تعالى: { وما جعلنا لبشر من قبلك } أي: يا محمد،الخلاف في وجوده إلى زماننا هذا قيل لانه دفن آدم بعد خروجهم من الطوفان فنالته دعوة أبيه آدم بطول الحياة.وقيل لانه شرب من عين الحياة فحيى وقيل ميت (الخضر أم إلياس)موسى إنما سأل صحبته لينال ما عنده من العلم الذي اختصه الله به دونه" هل موسى بمنشا أم موسى بن عمران إنما سمي الخضر لانه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز من خلفه،خضراء " تفرد به البخاري عن أبي هريرة،والمراد بالفروة هاهنا الحشيش اليابس، وهو الهشيم من النبات. وقيل: المراد بذلك وجه الأرض وفي قتل الغلام قال بن كثير في أبويه أنهما بدلا جارية. وقيل لما قتله الخضر كانت أمه حاملا بغلام قرية أم مدينة { وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا (82) } . في هذه الآية دليل على إطلاق القرية على المدينةوفي الجدار قيل كان تحته مال مدفون لهما. كان تحته كنز علم في صحف قيل في أبوهما وقيل في الجد السابع من وصاياه لموسى عند الفراق حديث ياطالب العلم يا موسى تفرغ للعلم إن كنت تريده، فإنما العلم لمن تفرغ له.اعزف عن الدنيا وانبذها وراءك فإنها ليست لك بدار ولا لك فيها محل قرار، وإنما جعلت بلغة للعباد والتزود منها ليوم المعاد، ورض نفسك على الصبر تخلص من الاثم.. ويسر الله عليك طاعته، كن نفاعا ولا تكن ضرارا.كن بشاشا ولا تكن غضبان.ارجع عن اللجاجة ولا تمش في غير حاجة. ولا تضحك إلا من عجب لقمان والخضر من قبائل عاد قبيلة كان فيها "لقمان" الذي ورد ذكره في القرآن الكريم وفي الشعر الجاهلي وفي القصص. وقد ضرب به المثل بطول العمر، فعدّ في طليعة المعمرين، وعدّه "أبو حاتم السجستاني" ثاني المُعَمّرين فيَ العالم بعد الخضر. وقد كان عرب الجاهلية يعرفون قصص "لقمان"، وكانوا يصفونه بالحكمة. وقدُ وصف في القرآن الكريم بهذه الصفة: )ولقد آتينا لقمان الحكمة(. ولهذا السبب عرف بين الناس وفي الكتب ب "لقمان الحكيم". وذكر عنه انه كان "حكيماً عالما بعلم الأبدان والأزمان" وانه طلب من الله أن يعمّر طويلا فأًعطاه طلبه: و عُمرّ عمر سبعة أنسر، وذكر الأخباريون أن آخر نسي أدركه، وهلك بهلاكه اسمه "لبد". قالوا واليه يشير "النابغة" بقوله: أضحت خلاء وأضحى أهلها احتملوا أخنى عليها الذي أحنى على لبد مالا يصدق ولايكذب مايشبه مركبة فضائية لإدريس وإلياس ابن مسعود قال: الياس هو إدريس عن وهب بن منبه وغيره: أن إلياس لما دعا ربه عزوجل أن يقبضه إليه لما كذبوه وآذوه، فجاءته دابة لونها لون النار فركبها وجعل الله له ريشا وألبسه النور وقطع عنه لذة المطعم والمشرب وصار ملكيا بشريا سماويا أرضيا وأوصى إلى اليسع قال مكحول عن كعب أربعة أنبياء أحياء اثنان في الارض إلياس والخضر، واثنان في السماء إدريس وعيسى عليهم السلام وسلام على الياسين أقام إلياس عليه السلام هاربا من قومه في كهف جبل عشرين ليلة.أو قال أربعين ليلة - تأتيه الغربان برزقه. أصف والخضر وأبوالنور آصف بن برخيا قيل كاتب سليمان وكان صديقا يعلم الاسم الأعظم. : كان مؤمنا من الإنسمن بني إسرائيل.وقال مجاهد: كان اسمه أسطوم. وقال قتادة -في رواية عنه -: كان اسمه بليخا. وقال زهير بن محمد: هو رجل من الأندلس يقال له: ذو النور.وزعم عبد الله بن لهيعة: أنه الخضر. وهو غريب جدا. طعام الخضروالتناقضات قيل طعامه مرة في العام مائدة من السماء عليها خبز وحوت وكرفس وقيل سلبه الله لذة المطعم والمشرب وقيل أنه يشرب من زمزم كل سنة شربة تكفيه إلى مثلها من الحول الآخر.وقيل إن له في كل أربعين يوما أكلة وفي المائدة خبز ورمان وعنب وموز ورطب وبقل ما عدا الكراث قالوا عن الخضر كنيته أبو العباس ولقب الخضر غلب عليه لو كان الخضر حيا لكان من جملة أمة محمد صلى الله عليه وسلم والمعلوم أن الخضر لم ينقل بسند صحيح ولا حسن تسكن النفس إليه، أنه اجتمع برسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم واحد، ولم يشهد معه قتالا في مشهد من المشاهد. ثم ما الحامل له على هذا الاختفاء وظهوره أعظم لاجره وأعلى في مرتبته وأظهر بمعجزته، ثم لو كان باقيا بعده لكان تبليغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الاحاديث النبوية والآيات القرآنية وإنكاره لما وقع من الاحاديث المكذوبة والروايات المقلوبة والآراء البدعية ابن كثير نسبوا إلى الخضر تعلم ما تعلمت لتعمل به ولا تعلمه لتحدث به فما أوتينا من العلم إلا قليلا والعلم لمن تفرغ له والاقتصاد فيه من التوفيق والسداد..(رحمة من ربك وما فعلته من أمري) الكهف: 82 أني بأرضك السلام سأل موسى ربه عزوجل: أي رب فأي عبادك أعلم ؟ قال: الذي يبتغي علم الناس إلى علمه عسى أن يجد كلمة تهديه إلى هدى أو ترده عن ردى.قال أي رب فهل في الارض أحد أعلم مني ؟ قال الخضر.فسأل السبيل إلى لقائه عند الصخرة وفي أصلها عين يقال لها الحياة لا يصيب من مائها شئ إلا حيى، فأصاب الحوت من ماء تلك العين فتحرك وانسل من المكتل ودخل البحر فكان اللقاء. وبدأت الصحبة القصيرة فكان خبرالسفينة والغلام والجدار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وددنا أن موسى كان صبر حتى يقص الله علينا من خبرهما " من الأحياء عندربهم يرزقون الشهداء حياة يعلمها الله وكذلك حياة الخضر يعلمها الله وكما نهاية الشهداء يقول بن خلدون والصحيح أن الخضر قد مات ومن الناس من يقول إن الخضر مرتبة من وصل إليها يسمى الخضر كالقطب والغوث، والله أعلم. ملك أم نبي أم ولي الخضر أقدم على قتل ذلك الغلام وما ذاك إلا للوحي إليه من الملك العلام.وهذا دليل مستقل على نبوته.وبرهان ظاهر على عصمته لان الولي لا يجوز له الاقدام على قتل النفوس، بمجرد ما يلقي في خلده، لان خاطره ليس بواجب العصمة إذ يجوز عليه الخطأ بالاتفاق.ولما أقدم الخضر على قتل ذلك الغلام، الذي لم يبلغ الحلم علما منه بأنه إذا بلغ يكفر. دلت هذه الوجوه على نبوته.ولا ينافي ذلك حصول ولايته، بل ولا رسالته كما قاله آخرون، وأما كونه ملكا من الملائكة فغريب جدا، وإذا ثبتت نبوته كما ذكرناه لم يبق لمن قال بولايته وإن الولي قد يطلع على حقيقة الامور دون أرباب الشرع الظاهر، مستند يستندون إليه ولا معتمد يعتمدون عليه. وأما الخلاف في وجوده إلى زماننا هذا، فالجمهور على أنه باق إلى اليوم.قال الله تعالى مخبراً عن الخضر الذي آتاه الله تعالى العلم والحكمة والنبوة (اختلف في نبوته) حاكياً عن موسى عليه السلام وفتاه: " فوجدوا عبداً من عبادنا آتيناه رحمه من عندنا وعلمناه من لدنا علماً " وقال تعالى مخبراً عنه ومصدقاً عنه وما فعلته عن أمري فصح أن كل ما قال الخضر عليه السلام فمن وحي الله عز وجل وفي البداية والنهاية أورد بن كثير الأتي (لو كان الخضر حيا في زمانه، لما وسعه إلا اتباعه والاجتماع به والقيام بنصره، ولكان من جملة من تحت لوائه يوم بدر، كما كان تحتها جبريل وسادات من الملائكة.وقصارى الخضر عليه السلام أن يكون نبيا، وهو الحق، أو رسولا كما قيل أو ملكا فيما ذكر وأياما كان فجبريل رئيس الملائكة، وموسى أشرف من الخضر، ولو كان حيا لوجب عليه الايمان بمحمد ونصرته فكيف إن كان الخضر وليا كما يقوله طوائف كثيرون ؟ فأولى أن يدخل في عموم البعثة وأحرى.ولم ينقل في حديث حسن بل ولا ضعيف يعتمد أنه جاء يوما واحدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا اجتمع به وما ذكر من حديث التعزية فيه، وإن كان الحاكم قد رواه فإسناده ضعيف والله أعلم من الناحية الدينية الخضر عندي حقيقة كعبد لله صالح أطلعه الله على علم لم يطلعه على نبيه موسى عليه السلام لحكمة يعلمها لا يتعدى إعتقادي فراقه لموسى ولا أقول فيه ماليس لي به علم وأرد الفضل لله ولرسوله ثم لمن سبق وكتب حول الموضوع ومن أعد الكتب الكترونيا ويسر البحث والإطلاع وكل من قابلته وعلمني ومنطلقي ابتدأ بماورد في سورة الكهف بالقرآن الكريم وبصحيح الحديث وما استفتي قلبي من تفسير المفسرين فدراستي هذه فهي دراسة في حصرماورد عن الخضر في كتب التراث والأدب والتاريخ والبلدان والتصوف عند المسلمين ومن الناحية التاريخية أسعى لتحقيق مكان تقابل موسى بالخضر محاولا الإجابة على سؤال أين ومتى وماطول المدة ؟ من باب ابتغاء وجه الله ومعرفة الحقيقة وبيان ما أشكل والوقوف على الوصايا والأدعية المأثورة عن الصالحين وجمع شتات علم وتمحيصه وتعلم وتعليم التاريخ والجغرافيا والخرائط والتفكر وحبا في العلم من أجل التيسير على المفسرين وسيرا في الأرض لإاشباع رغبة للبحث في تاريخ مكان إقامتي وبيان علة إقامة الأضرحة الصوفية على أماكن دون غيرها ولماذا بهذه المسميات كالخضرة ومسجد الخضر وما سبب تواجد أشجار قديمة كالسدر والجميز والسنط واللبخ وهي الضاربة بجذورها بعمق التاريخ في المنطقة وأخيرا ليس آخرا أحاول بيان العلة من ذكر أماكن كثيرة ومتفرقة على أن الأحداث وقعت فيها فنادرا لايوجد مكان مسكون بقارات العالم القديم لم يتناول طرفا من قصة الخضر من المغرب للجزائر لمصر للشام للحجاز للعراق لتركيا لسرنديب ولماذا كثرة الأثار التي حملت اسم الخضر من قرية لمسجد لمشهد ل........ وانطلق من القرآن الكريم تحديدا من سورة الكهف قصة موسى وفتاه والعبد الصالح والحوت والصخرة والجدار والغلام والسفينة وفرضي موجه مؤداه أن الرحلة من بدايتها لنهايتها كانت بمصر قبل خروج بني إسرائيل منها وأن أحداثها دارت في الدلتا على صفحة النيل عصر رمسيس الثالث من الأسرة 19 حيث دارت أقدم معركة بحرية في التاريخ بينه وبين شعوب البحر والتي كان يستعد لها الملك بأخذ سفن المواطنين الصالحة غصبا لتنضم لسفن الأسطول لمجهود حربي وانتهت المعركة بهزيمة شعوب البحر ولما كان المصريين يسمون نيلهم وفروعه البحر فإن فرعيه الكبيران في الدلتا حتى الآن هما رشيد ودمياط وأن مجمعهم واتصالهم عبر البحر الفرعوني والموجود بقاياه حتى الأن بوسط محافظة المنوفية ونقطة مجمع البحرين قريبة من بير شمس وأن اسم قرية الخضرة جنوب شرق الباجور ليس عفويا وكذلك قرية مسجد الخضرأقصى شمال شرق الباجور قبالة بنها وأن بسياق القصة مايفيد ذلك فالطائر الذي ضرب به المثل في مقدار ماينقص من الماء ومقدار علم الله وعلم اخلق حين شرب من ماء البحر يؤكد أنه (ماء عذب نهري) وإحداث خلل في سفينة نهرية لعيبها مع عدم استمرار طفوها لايصح مع سفينة تسير في أعماق البحار المالحة وحياة موسى وميلاده وعصر فتوة يوشع في مصر والكنز(سواء علم أومال) أسفل الجدر عادة مصرية قديمة وتصدع الجدر المبنية باللبن لإرتفاع الماء الجوفي والفيضان صفة القرى المصرية وصفة الشح قديما من أدبيات سكان المنطقة المقصودة ومسيرة موسى وفتاة حتى الظهيرة ولو كان العزم على المضي حقبا منذ انطلقوا من محلة لبني اسرائيل عند رأس الدلتا يصدقها مسميات قرى المنطقة ومنها الفرعونية وسبك العبيد وشط النوف و..... وحتى وصولهما لمكان اللقاء عند الصخرة والمسمى اليوم بالخضرة وركوب البحر مع الإعفاء من تحصيل الأجر لعابري السبيل والصالحين أصيلة للعالمين بالصيد وركوب النهر حتى اليوم الخضر في التراث الأدبي للمتصوفة ماقيل في نسبه -وصايا الخضر ودعائه – أثاره بالبلاد أطلع الله عز وجل الخضر على ما خفى من موسى عليهما السلام. فليكن المرء مع الخالق كموسى مع الخضر.موسى عليه السلام لما سافر في طلب الخضر تزود.قال النبي صلى الله عليه وسلم: " يرحم الله أخي موسى لوددنا أن لو صبر حتى يقص الله علينا من أنبائهما " كان التصوف في صقلية مقترن بالفقه ولم ينفصل عنه فكان المتصوفة فقهاء بنوا آراءهم في التصوف على أصول فقهية، واشتهوا الوعاظ لتعلقهم بالقصص والأساطير، وجعلوا حديث الكرامات مادة مجالسهم. وكان الخضر وشعيب أهم شخصيتين في تلك الأحاديث. دعاء شروان هي إحدى مدن ارمينية، قالوا: والصخرة في قول الله تعالى: " إذ أوينا إلى الصخرة " هي صخرة شروان والبحر بحر جيلان، ومجمع البحرين: من بحر فارس والروم، قاله قتادة، قال غيره: بحر إفريقية، وخرق الخضر السفينة في بحر رادس، والملك الذي كان يأخذ كل سفينة غصباً الجلندى بن الجلندى، وقتل الغلام بطنبذة وهي المحمدية، ومن ذلك الموضع فارق موسى عليه السلام. قبة الصخرة على أكمة في المسجد، والصخرة تحت القبة، وتحت القبة مغارة ينزل إليها بدرج مما يلي الباب القبلي من أبواب القبة، والصخرة مرتفعة من ناحية المغرب ذراعين، منخفضة من جهة المشرق، وحول الصخرة حظيرة من رخام ارتفاعها نحو ذراع ونصف، ولقبة الصخرة أربعة أبواب، وفي المسجد القبة التي يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم عرج به منها إلى السماء، ومنارة إبراهيم عليه السلام التي كان يتخلى فيها للعبادة، ومصلى جبريل عليه السلام، ومصلى الخضر قيل أن ببحر رودس خرق الخضر السفينة وأن الملك الذي كان يأخذ كل سفينة غصباً الجلندى ملك قرطاجنة فخرق الخضر السفينة ببحر رادس وقتل الغلام بطنبدة وهي المحمدية، وهناك فارق موسى الخضر عليهما السلام، وطنبدة على عشرة أميال من تونس. اللهم إني أسألك يا من لا تراه العيون، ولا تخالطه الظنون، ولا يصفه الواصفون، ولا تغيره الحوادث ولا الدهور، يعلم مثاقيل الجبال، ومكاييل البحار، وعدد قطر الأمطار، وعدد ورق الأشجار، وعدد ما يظلم عليه الليل، ويشرق عليه النهار، ولا توارى منه سماء سماء، ولا أرض أرضاً، ولا جبل إلا يعلم ما في وعره وسهله، ولا بحر إلا يعلم ما في قعره وساحله، اللهم إني أسألك أن تجعل خير عملي آخره، وخير أيامي يوماً ألقاك فيه، إنك على كل شيء قدير. اللهم من عاداني فعاده، ومن كادني فكده، ومن بغى علي بهلكة فأهلكه، ومن أرادني بسوء فخذه، وأطفئ عني نار من أشب لي ناره، وأكفني هم من أدخل علي همه، وأدخلني في درعك الحصينة، واسترني بسترك الواقي، يا من كفاني كل شيء أكفني ما أهمني من أمر الدنيا والآخرة، وصدق قولي وفعلي بالتحقيق، يا شفيق يا رفيق، فرج عني كل ضيق، ولا تحملني ما لا أطيق، أنت إلهي الحق الحقيق، يا مشرق البرهان يا قوي الأركان، يا من رحمته في كل مكان وفي هذا المكان، يا من لا يخلو منه مكان، احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني في كنفك الذي لا يرام، إنه قد تيقن قلبي أن لا إله إلا أنت وأني لا أهلك وأنت معي، يا رجائي فارحمني بقدرتك علي، يا عظيماً يرجى لكل عظيم، يا عليم يا حليم أنت بحاجتي عليم، وعلى خلاصي قدير، وهو عليك يسير، فامنن علي بقضائها يا أكرم الأكرمين، ويا أجود الأجودين ويا أسرع الحاسبين يا رب العالمين، ارحمني وارحم جميع المذنبين، من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، إنك على كل شيء قدير، اللهم استجب لنا كما استجبت لهم برحمتك، عجل علينا بفرج من عندك، بجودك وكرمك وارتفاعك في علو سمائك، يا أرحم الراحمين، إنك على ما تشاء قدير، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين. إقتفاء أثر الخضر بحثا عن علم لما حان لموسى والخضر أن يتفرقا قال له الخضر عليه السلام: لو صبرت لأتيت على ألف عجب كل عجب أعجب مما رأيت! فبكى موسى عليه السلام على فراقه ثم قال موسى للخصر عليه السلام: أوصني يا نبي الله فقال له الخضر: يا موسى اجعل همك في معادك، ولا تخض فيما لا يعنيك، ولا تترك الخوف في أمنك، ولا تيأس من الأمن في خوفك، وتدبير الأمور في علانيتك، ولا تذر الإحسان في قدرتك. فقال له موسى: يا نبي الله، فقال له الخضر: يا موسى إياك واللجاجة، ولا تمش في غير حاجة، ولا تضحك من غير عجب، ولا تعير أحداً من الخطائين بخطاياهم بعد الندم، وابك على خطيئتك يا ابن عمران. فقال له موسى عليه السلام: قد أبلغت في الوصية فأتم الله عليك نعمته، وعمرك في طاعته، وكلأك من عدوه. فقال الخضر عليه السلام: وأوصني أنت، فقال له موسى: إياك والغضب إلا في الله، ولا ترض عن أحد إلا في الله، ولا تحب الدنيا ولا تبغض لدنيا، فإن ذلك يخرج من الإيمان ويدخل في الكفر، فقال له الخضر: لقد أبلغت في الوصية فأعانك الله على طاعته، وأراك السرور في أمرك، وحببك إلى خلقه، وأوسع عليك من فضله، فقال موسى عليه السلام: آمين. موسى عليه السلام، جد في طلب الخضر حتى وجده. وكذلك يستحب لكل طالب فائدة دينية أو دنيوية أن يكون كراراً غير فرار. فإما الظفر والغنيمة، وإما القتل والشهادة والعرب تسمي الأسود الأخضر ومن مضرب أمثالهم المتعلقة بالخضر عزاء الخضر، إن في الله عزاءً من كل مصيبة، وخلفا من كل هالك، ودركاً من كل فائت، فبالله فثقوا وإياه فآرجوا، فإن المصاب من حرم الثواب إن ابن آدم لا يشبع أبداً دون أن يحثي عليه التراب، ولا يملأ جوفه إلا التراب. ويقال فلانٌ خليفة الخضر، إذا كان يديم السفر ويكثر المسير. .و" الخضر معه وتد " يضرب للطائش الجوال- أجوب به الدنيا على قدم الخضر- شيوخ الصوفية خلفاء الخضر- وما علمك وعلمي وعلم كل مخلوق وعلم الخضر في علم الله إلا كالقطرة من ماءالبحر- صخرة الخِضر التي عند حُوتِها-و عند الصوفية صفاء القلب يمكن من مشاهدة صورة الخضر عليه السلام بالبصر ومن ابواب بيت المقدس باب الخضر وفيها مصلى الخضر عليه السلام وبمصر قرية تسمى مسجد الخضر قوله في أحمد بن حنبل قال البيهقي ضربت إليك من أربعمائة فرسخ أريت الخضر عليه السلام في المنام قال لي قم وصر إلى أحمد بن حنبل وقل له إن ساكن العرش والملائكة راضون عنك بما صبرت نفسك وقال بلال الخواص كنت في تيه بني إسرائيل فإذا رجل يماشيني فتعجبت فألهمت أنه الخضر عليه السلام فقلت له بحق الحق من أنت فقال أنا أخوك الخضر قلت أريد أن أسألك قال سل قلت ما تقول في الشافعي فقال لي هو من الأوتاد قلت فما تقول في أحمد بن حنبل فقال رجل صديق قلت فما تقول في بشر بن ( 1 ) الحارث فقال رجل لم يخلف بعده مثله فقلت له بأي وسيلة رأيتك قال ببرك أمك ابن أدهم والغلام فخرج إبراهيم سائحا إلى الله عز وجل على وجهه فلقيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فقال له يا غلام من أين وإلى أين قال إبراهيم من الدنيا إلى الآخرة فقال له يا غلام أنت جائع قال نعم فقام الشيخ فصلى ركعتين خفيفتين وسلم فإذا عن يمينه طعام وعن شماله ماء فقال كل فأكلت بقدر شبعي وشربت بقدر ريي فقال لي الشيخ اعقل وافهم لا تحزن ولا تستعجل فإن العجلة من الشيطان وإياك والتمرد على الله فإن العبد إذا تمرد على الله أورث الله قلبه الظلمة والضلالة مع حرمان الرزق ولا يبالي الله تعالى في أي واد هلك يا غلام إن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيرا جعل في قلبه سراجا يفرق بين الحق والباطل والناس فيهما متشابهون يا غلام إني معلمك اسم الله الأكبر أو قال الأعظم فإذا أنت جعت فادع الله عز وجل به حتى يشبعك وإذا عطشت فادع الله عز وجل به حتى يرويك وإذا جالست الأخيار فكن لهم أرضا يطؤوك فإن الله تعالى يغضب لغضبهم ويرضى لرضاهم يا غلام خذ كذا حتى آخذ كذا قال لا أبرح فقال الشيخ الله احجبني عنه واحجبه عني فلم أدر أين ذهب فأخذت في طريقي ذلك وذكرت الاسم الذي علمني فلقيني رجل حسن الوجه طيب الريح حسن الثياب فأخذ بحجرتي وقال لي حاجتك ومن لقيت في سفرك هذا قلت شيخا من صفته كذا وكذا وعليه كذا وكذا فبكى فقلت أقسمت عليك بالله من ذلك الشيخ قال ذاك إلياس عليه السلام أرسله الله عز وجل إليك ليعلمك أمر دينك فقلت فأنت يرحمك الله من أنت قال أنا الخضر عليهما السلام : ابن عساكر تاريخ دمشق ج6 كعب الأحبار والخضر كعب الأحبار قال إن ذا القرنين كان رجلا طوافا صالحا فلما وقف على جبل ادم الذي هبط عليه ونظر إلى موضع ادم هاله ذلك وفزع فوقف فقال له الخضر عليه السلام وكان صاحب لوائه الأكبر ما لك أيها الملك وقفت وفزعت فقال لي لا أقف ولا أفزع وهذا أثر الآدميين أرى موضع الكفين والقدمين وهذه القرحة وأرى هذه الأشجار حوله قائمة رأيت في طوافي أطول من هذه الأشجار يابسة يسيل منها ما احمر إن لها لشأنا فقال له الخضر عليه السلام وكان قد أعطي العلوم والفهم أيها الملك ألا ترى الورقة المعلقة من النخلة الكبيرة قال ذو القرنين بلى قال فهي تخبرك شأن هذا الموضع وكان الخضر يقرأ كل كتاب فقال أيها الملك أرى كتابا فيه بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب ادم أبي البشر أوصيكم ذريتي وبناتي أن تحذروا عدوي وعدوكم إبليس الذي كان بلين كلامه وبجور أمنيته أنزلني من الفردوس إلى تربة الدنيا فألقيت على موضعي هذا لا يلتفت إلي مائتي سنة بخطيئة واحدة حتى رست في الأرض وهذا أثري وهذه الأشجار من دموع عيني فعلى هذه التربة أنزلت التوبة فتوبوا من قبل أن تندموا وبادروا من قبل أن يبادر بكم وقدموا من قبل أن يقدم بكم قال فنزل ذو القرنين فمسح موضع جلوس ادم فإذا هو ثمانين ومائة ميل موضع جلوسه فقط قال ثم أحصى الأشجار فإذا هي تسع مائة شجرة كلها كلها تاريخ دمشق ج7 وفيه الخضر من ولد فارس وإلياس من بني إسرائيل ج9 إلياس إن الله أوحى إلى إلياس إني قد جعلت أرزاقهم بيدك حتى تكون أنت الذي تأذن لهم فقال إلياس اللهم أمسك عنهم القطر ثلاث سنين فأمسك الله عنهم وأرسل إلياس الملك فتاه وكان تلميذه يقال له اليسع بن حطوب ( 3 ) وليس باليسع الذي يقال له الخضر وذلك ابن عاميا وكان هذا غلام يتيم من بني إسرائيل أوت أمه إلياس أخفت أمره وكان اليسع به ضر فدعا الله فعافاه من الضر الذي كان به واتبع إلياس وآمن به وصدقه ولزمه فذهب حيث ما ذهب فلما أمسك الله عنهم القطر أرسل إلياس اليسع إلى الملك فقال قل له إن إلياس يقول لك إنك اخترت عبادة البعل على عبادة الله واتبعت عتاة قومك هؤلاء الكذبة الذين يزعمون أنهم أنبياء واتبعت هوى امرأتك الخبيثة التي خانتك وأهلكتك فاستعد للعذاب والبلاء قال وأمسك الله عنهم القطر حتى هلكت الماشية والدواب والهوام وجهد الناس جهدا شديدا وخرج إلياس شفقا على نفسه حين دعا عليهم فانطلق اليسع فبلغ رسالته الملك فعصمه الله من شرك الملك ولحق بإلياس فانطلق إلياس حتى أتى ذروة جبل فكان الله يأتيه برزقه وفجر له عينا معينا لشرابه وطهوره حتى أصاب الناس الجهد فأكلوا الكلاب والجيف والعظام فأرسل الملك إلى السبعين فقال لهم سلوا البعل أن يفرج ما بنا قال فأخرجوا أصنامهم فقربوا لها الذبائح وعكفوا عليها وجعلوا يدعون حتى طال ذلك عليهم فقال لهم الملك إن إله إلياس كان أسرع إجابة من هؤلاء قال فبعثوا في طلب إلياس ليدعو لهم فلم يجبهم فغارموه فقال يا رب غار مائي فأوحى الله إليه أني قد أهلكت خلفا كثيرا لم أرد هلاكهم بخطايا بني إسرائيل فقال أتحبون أن تعلموا أن الله عليكم ساخط وإنما حبس عنكم المطر للذي أنتم عليه فأخرجوا أوثانكم التي تعبدونها وتزعمون أنها خير مما أدعوكم إليه فادعوها هل تستجيب لكم وإلا دعوت ربي يفرج عنكم فقالوا أنفعل فأخرجوا أوثانهم فجعلت الكذبة تدعو وتتضرع ويدعو إلياس معهم فلا يستجاب لهم فقالوا إلياس ادع لنا ربك قال فدعا إلياس ربه أن يفرج عنهم فارتفعت سحابة مثل الترس وهم ينظرون حتى ركزت عليهم ثم أدحيت ثم أرسل الله عليهم المطر فأغاثهم فقال الحسن فتابوا وراجعوا قال أبو إلياس عن وهب تمادوا بعد ذلك فلما رأى ذلك إلياس دعا ربه أن يريحه منهم فقيل له انظر يوم كذا وكذا فإذا رأيت دابة لونها مثل النار فاركبها فجعل يتوقع ذلك اليوم فإذا هو بشئ قد أقبل على صورة فرس لونه كلون النار حتى وقف بين يديه فوثب عليه فانطلق به وناداه اليسع يا إلياس بماذا تأمرني فكان آخر العهد به فكساه الله عز وجل الريش وألبسه النور وقطع عنه لذة المطعم والمشرب فصار في الملائكة فقال كان إنسيا ( 3 ) ملكيا سمائيا وقال الحسن هو موكل بالفيافي والخضر بالبحار وقد أعطيا الخلد في الدنيا إلى الصيحة الأولى فإنهما يجتمعان في كل عام بالموسم تاريخ دمشق ج9 حديث تبوك عن الأوزاعي عن مكحول قال سمعت واثلة بن الأسقع قال غزونا مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )غزوة تبوك حتى إذا كنا في بلاد جذام في أرض لهم يقال لها الحوزة وقد كان أصابنا عطش شديد فإذا بين أيدينا آثار غيث فسرنا مليا فإذا بغدير وإذا فيه جيفتان وإذا السباع قد وردت المساء فأكلت من الجيفتين وشربت من الماء قال فقلت يا رسول الله هذه جيفتان وآثار السباع قد أكلت منها فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) نعم هما طهوران اجتمعا من السماء والأرض لا ينجسهما شئ وللسباع ما شربت في بطنها ولنا ما بقي حتى إذا ذهب ثلث الليل إذا نحن بمنادي ينادي بصوت حزين اللهم اجعلني من أمة محمد المرحومة المغفور لها المستجاب لها المبارك عليها فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يا حذيفة ويا أنس ادخلا إلى هذا الشعب فانظر ما هذا الصوت قال فدخلنا فإذا نحن برجل عليه ثياب بياض اشد بياضا من الثلج وإذا وجهه ولحيته كذلك ما أدري أيهما أشد ضوءا ثيابه أو وجهه فإذا هو أعلى جسما منا بذراعين أو ثلاثة قال فسلمنا عليه فرد علينا السلام ثم قال مرحبا أنتما رسولا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قالا فقلنا نعمقالا فقلنا من انت رحمك الله قال أنا إلياس النبي خرجت أريد مكة فرأيت عسكركم فقال لي جند من الملائكة على مقدمتهم جبريل وعلى ساقتهم ميكائيل هذا أخوك رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فسلم عليه وألقه ارجعا فاقرئاه السلام وقولا له لم يمنعني من الدخول إلى عسكركم إلا أني أتخوف أن تذعر الإبل ويفزع المسلمون من طولي فإن خلقي ليس كخلقكم قولا له ( صلى الله عليه وسلم ) يأتيني قال حذيفة وأنس فصافحناه فقال لأنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ) من هذا قال حذيفة بن اليمان صاحب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال فرحب به ثم قال والله إنه لفي السماء اشهر منه في الأرض يسميه أهل السماء صاحب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال حذيفة هل تلقى الملائكة قال ما من يوم إلا وأنا ألقاهم ويسلمون علي واسلم عليهم قال فأتينا النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فخرج النبي ( صلى الله عليه وسلم ) معنا حتى أتينا الشعب وهو يتلألأ وجهه نورا وإذا ضوء وجه إلياس وثيابه كالشمس قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على رسلكم قال فتقدمنا النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قدر خمسين ذراعا وعانقه مليا ثم قعدا قالا فرأينا شيئا كهيئة الطير العظام بمنزلة الإبل قد أحدقت به وهي بيض وقد نثرت أجنحتها فحالت بيننا وبينهم ثم صرخ بنا النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فقال يا حذيفة ويا أنس تقدما فتقدمنا فإذا بين أيديهم مائدة خضراء لم أر شيئا قط أحسن منها قد غلب خضرتها لبياضها فتقدمنا فإذا بين أيديهم مائدة خضراء وإذا عليها خبز ورمان وموز وعنب ورطب وبقل ما خلا الكراث قال ثم قال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) كلوا بسم الله قال فقلنا يا رسول الله أمن طعام الدنيا هذا قال لا هذا رزقي ولي في كل أربعين يوما وأربعين ليلة أكلة تأتيني بها الملائكة وهذا تمام الأربعين يوما والليالي وهو شئ يقول الله عز وجل له كن فيكون قال فقلنا من أين وجهك قال وجهي من خلف رومية كنت في جيش من الملائكة من جيش من المسلمين غزوا أمة من الكفار قال فقلنا فكم يسار من ذلك الموضع الذي كنت فيه قال أربعة أشهر وفارقته أنا منذ عشرة أيام وانا أريد إلى مكة أشرب بها في كل سنة شربة وهي ريي وعصمتي إلى تمام الموسم من قابل قال فقلت فأي المواطن أكبر معارك قال الشام وبيت المقدس والمغرب واليمن وليس في مسجد من مساجد محمد ( صلى الله عليه وسلم ) إلا وأنا أدخله صغيرا كان أو كبيرا قال الخضر متى عهدك به قال منذ سنة كنت قد التقيت أنا وهو بالموسم وقد كان قال ( 1 ) إنك ستلقى محمد ( صلى الله عليه وسلم ) قبلي فاقرئه مني السلام وعانقه وبكى قال ثم صافحناه وعانقناه وبكى وبكينا فنظرنا إليه حتى هوى في السماء كأنه يحمل حملا فقلنا يا رسول الله لقد رأينا عجبا إذا هوى إلى السماء فقال إنه يكون بين جناحي ملك حتى ينتهي به حيث أراد هذا حديث منكر وإسناده ليس بالقوي بالرغم من التغيرات التي تطرأ على الأماكن كل 500 عام لن تسمع من شهود العيان عن تاريخ مكانهم غير سبحان الله لم يذكر آباؤنا ولا أجدادنا إلا أن هذا المكان هكذا منذ كان انتوهي عندالإدريسي في نزهة المشتاق كانت مدينة أنتوهى حيث ينقسم النيل فمن انحدر على الذراع الشرقي صار من أنتوهى إلى منية العطار وهما متقابلتان فانحدر إلى بنها العسل وتقابلها في الضفة الغربية منيتها الكبرى. ومن أراد النزول إلى الخليج الغربي من أنتوهى سار من أنتوهى إلى مدينة مليج عشرين ميلاً والمسافة من فم أنتوهى إلى قرية شطنوف مائة ميل ومن شطنوف إلى الفسطاط خمسون ميلاً.و أنتوهى مدينة صغيرة وبها بساتين وجنات وزراعات وغلات معلومة ولها سوق في يوم معلوم. وأسفل أنتوهى ينقسم الذراع من النيل على قسمين فيمر منه القسم الواحد إلى ناحية الغرب والقسم الثاني يمر بالجهة الشرقية فيكون بينهما جزيرة ثم يجتمعان بشبرة ودمسيس ثم يمران غير بعيد فينقسمان قسمين ويمر القسم الشرقي إلى تنيس ويمر القسم الثاني وهو الغربي إلى دمياط. قالوا عن مجمع البحرين قيل في مصروقيل في الجزائر وقيل في تركيا وقيل في الشام و.......والأقرب للمنطق أن مصر هي مسرح الأحداث فهي محل ميلاد موسى وبها قضى من عمره أكثر من مائة عام وقالوا عن الخضر أما الخضر فالناس في أمره فريقان: منكر ومكذب، ومقر ومصدق. ومعظم أهل الشرائع والنبوات يثبت عينه وإن اختلف في نعته،ورب سفيهٍ ماجنٍ، وخليعٍ ماردٍ، قد استغوى ضعفة قومٍ فأعد لهم أثراً في صخرةٍ، أو موطئ قدمٍ على صفحة أرضٍ؛ فادعى أنه رأى رجلاً حسن الهيئة والشارة، جميل الرواء والسحنة، عطر الثوب والبزة، قد ظهر في موضع كذا، أو صلى على جبل كذا، ثم أراهم ذلك الأثر؛ فلم يشك القوم أن الخضر ظهر له، وأن نعمةً من الله أهديت إليه. وكرامةً من كراماته أفيضت عليه، فاتخذوا ذلك الماجن إماماً، وتلك البقعة مشهداً ومثاباً. قال بعضهم: إنما كان السبب في امتداد عمره وتأخر يومه، والعلة في خلوده، واتصال حياته، أنه كان على مقدمة ذي القرنين لما اقتحم الظلمات، طالباً فيها عين الحياة، التي جرع من مائها جرعةً عاش مخلداً، ولم يذق الموت أبداً. قالوا: فبينا هم بين أطباق الظلمات، وفي جو لا تتخلله الأنوار، إذ هجم الخضر على تلك العين فشرب منها حتى اكتفى؛ ولحق ذو القرنين وقد غارت فلم يجد لها أثراً، فانكفأ راجعاً، وغاب عنه الخضر سائحاً. والله سبحانه أعلم. قال الإمام محيي الدين النووي وجمهور العلماء: هو حي موجود بين أظهرنا قال: وهذا متفق عليه عند الصوفية وأهل الصلاح والمعرفة. وحكاياتهم في رؤيته والاجتماع به والأخذ عنه وسؤاله وجواباته ووجوده في المواضع الشريفة ومواطن الخير أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تشهر حملت كثيرا من المساجد اسم مسجد الخضراسمه خضرون وهو أطول بني آدم عمراً واختلاف العلماء في اسمه ونبوته ولقبه أبا العباس عليه ثياب بيض وإنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء فقام عنها وهي تهتز خضراء و ما خطا خطوة إلا نبت الحشيش تحت قدميه.أو لأنه كان إذا صلى اخضر ما حوله و أنه صحب ذو القرنين فسار الخضر بين يديه يرتحل قيل صحبه موسى بن منشا بن يوسف والأصح موسى بن عمران وبعد بناء الجدار كان الفراق بينهما وسئله أحد من لقيه لأمر أنشدك الله من أنت؟ فقال: أنا أخوك الخضر، وبعثت إليك لهذا الأمر وقيل صاحب الخضر، ومطلقةالخضر، تزوجا وولدت له، وكانت ماشطة ابنة فرعون ونهاية الخضرعلى يد الدجال عند بابل أما خضري فعلمي بما أستفتي قلبي مما على لوح النور الذي أمامي فينخاس بن إلعازر بن هارون وما كان كاهناً، الإسرائليون يذكرون أنه النبي الذي تسميه المسلمون الخضر، والفرس تزعم أن الخضر هو أحد السبعة بني منوشهر اسم الخضر أعجب ما في ذلك قول من قال: إنه ابن فرعون صاحب موسى عليه السلام. : قيل: بليان وقيل إيليا بن عاميل وقيل بليا بن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد ابن سام بن نوح وكان أبوه ملكاًقال وهب بن منبهفي الذي مر على قرية : هو أرمياء بن حلقيا، وكان من سبط هارون وهو الخضر. قيل كان من أبناء الملوك وكنيته أبوا لعباس و أنه ابن خالة ذي القرنين. وقيل ولد ذو القرنين وابن خالته الخضر في ليلة واحدة. ثم إن الاسكندر فتح الله عليه، بتمكينه في الأرض، وفتح البلاد وكان من أمره ما كان. و اسم أمه ألها وإنها ولدته في مغارة، وأنه وجد هناك شاة ترضعه في كل يوم من غنم رجل من القرية، ولما وجده الرجل أخذه ورباه، فلما شب طلب أبوه كاتباً، وجمع أهل المعرفة والنبالة ليكتب الصحف التي أنزلت على إبراهيم وشيث، فكان فيمن أقدم عليه من الكتاب ابنه الخضر عليه السلام، وهو لا يعرفه فلما استحسن خطه ومعرفته بحث عن جلية أمره فعرف أنه ابنه فضمه لنفسه، وولاه أمر الناس. ثم إن الخضر فر من الملك لأسباب يطول ذكرها ولم يزل سائحاً إلى أن وجد عين الحياة فشرب منها فهو حي إلى أن يخرج الدجال، قال الكلبي توضأ يوشع بن نون من عين الحياة، فنضح على الحوت المالح وهو في المكتل من ذلك الماء فعاش الحوت، فجعل يضرب بذنبه ولا يضرب بذنبه شيئاً من الماء وهو ذاهب إلا يبس. قال: ومن غريبه أيضاً أن بعض المفسرين ذكر أن موضع سلوك الحوت عاد طريقاً يبساً، وإن موسى مشى عليه متبعاً للحوت حتى أفضى به ذلك الطريق إلى جزيرة في البحر وفيها وجد الخضر. اختلف العلماء في الخضر هل هو ولي أو نبي؟ فقال الأكثرون: هو نبي، واحتجوا بقول تعالى: " وما فعتله عن أمري " فدل على أنه نبي يوحى إليه وبأنه أعلم من موسى، ويبعد أن يكون ولي أعلم من نبي، وأجاب الآخرون بأنه يجوز أن يكون الله تعالى قد أوحى إلى نبي الله ذلك الزمان بأن يأمر الخضر بذلك انتهى. ولم ينقل أنه كان مع موسى فكيف يتأتى هذا الجواب والخضر كان في عصر موسى؟ فإن نقل أنه كان معه نبي آخر قيل هذا الاحتمال في الجواب وإلا فلا. فإن قيل: إن يوشع بن نون كان نبياً في زمن موسى، قيل: هذه القضية كانت قبل نبوته، وأيضاً فهو كان مصاحباً لموسى ومرافقه حين لقيا الخضر، وهو الذي أخبر موسى بانسياب الحوت في البحر. واختلف في كونه مرسلاً فقال الثعلبي: الخضر نبي بعثه الله بعد شعيب، وهو معمر محجوب عن أبصار أكثر الناس. وقيل: إنه لا يموت إلا في آخر الزمان حين يرفع القرآن. وقصته مع موسى في السفينة والغلام والقرية طويلة مشهورة، تركناها لطولها واشتهارها لكن قال السهيل: إن القرية برقة وقيل غير ذلك. نقل الإمام العلامة أبو الفرج بن الجوزي، في المدهش، في قوله تعالى: " وإذ قال موسى لفتاه، الآية، عن ابن عباس والضحاك، ومقاتل رضي الله عنهم، قالوا: إن موسى صلى الله عليه وسلم، لما أحكم التوراة وعلم ما فيها، قال في نفسه: لم يبق في الأرض أحد أعلم مني، من غير أن يتكلم مع أحد، فرأى في منامه كأن الله تعالى أرسل السماء بالماء، حتى غرق ما بين المشرق والمغرب، فرأى قناة على البحر، فيها صردة، فكانت الصردة تجيء للماء الذي غرق الأرض، فتنقل الماء بمنقارها، ثم تدفعه في البحر، فلما استيقظ الكليم هاله ذلك، فجاءه جبربل، فقال: ما لي أراك يا موسى كئيباً! فأخبره بالرؤيا، فقال: إنك زعمت أنك استغرقت العلم كله، فلم يبق في الأرض من هو أعلم منك، وإن لله تعالى عبداً علمك في علمه، كالماء الذي حملته الصردة بمنقارها، فدفعته في البحر. فقال: يا جبريل من هذا العبد؟ قال: الخضر بن عاميل من ولد الطيب، يعني إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم، فقال: من أين أطلبه. قال: اطلبه من وراء هذا البحر. فقال: من يدلني عليه؟ قال. بعض زادك. قالوا: فمن حرصه على لقياه لم يستخلف على قومه، ومضى لوجهه، وقال لفتاه يوشع بن نون: هل أنت موازري؟ قال: نعم. قال: اذهب فاحمل لنا زاداً، فانطلق يوشع، فاحتمل أرغفة وسمكة مالحة عميقة، ثم سارا في البحر، حتى خاضا وحلا وطيناً، ولقيا تعباً ونصباً، حتى انتهيا إلى صخرة ناتئة في البحر، خلف بحر أرمينية، يقال لتلك الصخرة قلعة الحرس، فأتياها فانطلق موسى ليتوضأ، فاقتحم مكاناً، فوجد عيناً من عيون الجنة، في البحر، فتوضأ منها وانصرف، ولحيته تقطر ماء. وكان عليه الصلاة والسلام حسن اللحية، ولم يكن أحد أحسن لحية منه، فنفض موسى لحيته، فوقعت قطرة منها على تلك السمكة المالحة، وماء الجنة لا يصيب شيئاً ميتاً إلا عاش، فعاشت السمكة ووثبت في البحر، فسارت وصار مجراها في البحر سرباً يبساً، ونسي يوشع ذكر السمكة، فلما جاوزا، قال موسى لفتاه " آتنا غداءنا " الآية فذكر له أمر السمكة، فقال له: ذلك الذي نريده فرجعا يقصان أثرهما، فأوحى الله تعالى إلى الماء فجمد، وصار سرباً على قامة موسى وفتاه، فجرى الحوت أمامهما حتى خرج إلى البر وسار، فسار مسيره لهما جادة، فسلكاها فناداهما مناد من السماء، أن دعا الجادة فإنها طريق الشياطين إلى عرش إبليس، وخذا ذات اليمين، فأخذا ذات اليمين حتى انتهيا إلى صخرة عظيمة، وعندها مصلى، فقال موسى عليه السلام: ما أحسن هذا المكان! ينبغي أن يكون للعبد الصالح، فلم يلبثا أن جاء الخضر عليه السلام، حتى انتهى إلى ذلك المكان والبقعة، فلما قام عليها اهتزت خضراء، قالوا: وإنما سمي الخضر، لأنه لا يقوم على بقعة بيضاء إلا صارت خضراء. فقال موسى عليه الصلاة والسلام: السلام عليك يا خضر. فقال: وعليك السلام يا موسى، يا نبي بني إسرائيل. فقال: ومن أدراك من أنا؟ قال: أدراني الذي دلك على مكاني، فكان من أمرهما ما كان، عن السدي، قال: كان ملك وكان له ابن يقال له الخضر، وإلياس أخوه - أو كما قال - فقال إلياس للملك: إنك قد كبرت وابنك الخضر ليس يدخل في ملكك، فلو زوجته ليكون ولده ملكاً بعدك؟ فقال: يا بني تزوج، فقال: لا أريد، قال: لا بد لك، قال: فزوجني، فزوجه امرأة بكراً، فقال لها الخضر: إنه لا حاجة لي في النساء فإن شئت عبدت الله عز وجل معي فأنت في طعام الملك ونفقته، وإن شئت طلقتك، قالت: بل أعبد الله معك، قال: فلا تظهري سري فإنك إن حفظت سري حفظك الله، وإن أظهرت عليه أهلك أهلكك الله، فكانت معه سنة لم تلد، فدعاها الملك فقال: أنت شابة وابني شاب فأين الولد وأنت من نساء ولد؟ فقالت: إنما الولد بأمر الله تعالى، فدعا الخضر فقال: أين الولد يا بني، فقال: الولد بأمر الله تعالى، فقيل للملك: لعل هذه المرأة عقيم لا تلد، فزوجه امرأة قد ولدت، فقال للخضر: طلق هذه، قال: لا تفرق بيني وبينها فقد اغتبطت بها، فقال: لا بد، فطلقها، ثم زوجه ثيباً، قد ولدت، فقال لها الخضر كما قال للأولى، فقالت: بل أكون معك، فلما كان الحول دعاها فقال: إنك ثيب قد ولدت قبل ابني فأين ولدك، فقالت: هل يكون الولد إلا من بعل؟ وبعلي منشغل بالعبادة ولا حاجة له في النساء فغضب الملك وقال: اطلبوه، فهرب فطلبه ثلاثة فأصابته اثنان منهم فطلب إليهما أن يطلقاه فأبيا، وجاء الثالث فقال: لا تذهبا به فلعله يضربه وهو ولده فأطلقاه، ثم جاءا إلى الملك فأخبره الاثنان أنهما أخذاه وأن الثالث أخذه منهما، فحبس الثالث، ثم فكر الملك فدعا الاثنين فقال: أنتما خوفتما ابني حتى هرب، فذهب فأمر بهما فقتلا، ودعا بالمرأة فقال لها: أنت هربت ابني وأفشيت سره، ولو كتمت عليه لأقام عندي، فقتلها وأطلق المرأة الأولى والرجل، فذهبت فاتخذت عريشاً على باب المدينة وكانت تحتطب وتبيعه وتتقوت بثمنه، فخرج رجل من المدينة فقير الحال فقال: باسم الله، فقالت المرأة: وأنت تعرف الله؟ قال: أنا صاحب الخضر، قالت: وأنا امرأة الخضر، فتزوجها وولدت له، وكانت ماشطة ابنة فرعون، فقال أسباط، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أنها بينما هي تمشط ابنة فرعون سقط المشط من يدها، فقالت: سبحان ربي، فقالت ابنة فرعون: أبي؟ قالت: لا ربي ورب أبيك، قالت: أخبر أبي؟ قالت: نعم، فأخبرته، فدعا بها، وقال: ارجعي، فأبت فدعا بنقرة من نحاس فاخذ بعض من ولدها فرمى به في النقرة وهي تغلي، ثم قال: ترجعين؟ قالت: لا، فأخذ الولد الآخر حتى ألقى الأولاد أجمعين، ثم قال لها: ترجعين؟ قالت: لا، فأمر بها، قالت: إن لي حاجة، فقال: وما هي؟ قالت: إذا ألقيتني في النقرة تأمر بالنقرة أن تحمل ثم تطفأ في بيتي بباب المدينة وتنحي النقرة وتهدم البيت علينا حتى تكون قبورنا، فقال: نعم إن لك علينا حقاً، قال: ففعل بها ذلك، قال ابن عباس: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " مررت ليلة أسري بي فشممت رائحة طيبة، فقلت: يا جبريل! ما هذا؟ قال: هذا ريح ماشطة ابنة فرعون وولدها " يقال للرجل إذا كان جوالاً في الأسفار، جواباً للآفاق: فلان خليفة الخضر. الخضر عليه السلام: اللهم إني استغفرك لماتبت إليك منه ثم عدت واستغفرت لما وعدتك من نفسي ثم أخلفتك، واستغفرك لما أردت به وجهك فخالطه ما ليس لك، واستغفرك للنعم التي أنعمت بها علي فتفويت بها على معصيتك، واستغفرك، يا عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، من كل ذنب أو معصية ارتكبتها في ضياء النهار وسواد الليل، في ملاء أو خلاء، أو سر أو علانية، يا حليم. قال الأوزاعي: من دعا بها غفر الله له ولو كانت ذنوبه عدد ورق الشجر، قال الخضر لموسى عليهما السلام: يا موسى، تعلم العلم لتعمل به ولا تعلمه لتعلمه، فيكون عليك بوره ولغيرك نوره. ثم اختفى الخضر وبقي موسى يبكي. أظهر في مسجد الخضر عين الحياة " وقل رب زدني علماً " طه: 114قال بعض الحكماء: كل عز لا يوطده علم مذلة، وكل علم لا يؤيده عقل مضلة. وكيف يستنكف ملك أو ذو منزلة علية عن طلب العلم؟ وهذا موسى عليه السلام ارتحل من الشام إلى مجمع البحرين في أقصى المغرب على بحر الظلمات، إلى لقاء الخضر ليتعلم منه، فلما ظفر به كان بعدن حجراً مكتوب بالحميرية: أيها الشديد احذر الحيلة، أيها العجول احذر التأني، أيها المحارب لا تأنس بالتفكر في العاقبة، أيها الطالب موجوداً لا تقطع أملك من بلوغه(أطلب تحديد مكان برعمسيس بمصر) الحيلة عدو الشدة والصبر صديق الظفر والتأني مدرك الأمل والجود مفتاح الفقر. إذا استبد الإنسان برأيه عميت عليه المراشد عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من عاد مريضا لم يحضر أجله قال سبع مرات أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عافاه الله من ذلك المرض الحديث صحيح.. وعن الخضر عليه السلام أن المريض إذا لم يحضر أجله ودعا بهذا الدعاء صباحا سبعا ومساء سبعا عافاه الله تعالى قال ابن عباس رضي الله عنهما يجتمع الخضر والياس عليهما السلام في كل عام على عرفات فيحلق كل واحد منهما رأس صاحبه ويفرقان عن هؤلاء الكلمات بسم الله ما شاء الله لا يسوق الخير إلا الله بسم الله ما شاء الله لا يصرف السوء إلا الله بسم الله ما شاء الله ما كان من نعمة فمن الله بسم الله ما شاء الله لا يأتي بالحسنات إلا الله بسم الله ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله فمن قالها حفظ من كل آفة وعاهة وعلو وظالم وسلطان وشيطان وحية وعقرب وما من أحد يقولها يوم عرفة مائة مرة إلا ناداه الله تعالى عبدي قد أرضيتني ورضيت عنك فاسألني ما شئت وعزتي لأعطينك. بر الوالدين طريق لقاء الخضر قال الخواص رحمه الله تعالى كنت في البادية فرأيت رجلا إلى جانبي فقلت له من أنت قال الخضر قال فبأي وسيلة رأيتك قال ببرك لأمك قال وهب بن منبه بينما الخضر عليه السلام على شاطئ البحر إذا جاء رجل فقال سألتك بحق الله أن تعطيني شيئا لله فقال لا ملك إلا نفسي وقد وهبتك إياها فأخذه وباعه لرجل له بستان فاستعمله فعمل فيه عملا عظيما فقال صاحب البستان بحق الله قال أنا الخضر فقال أنت حر لوجه الله فسجد فنودي يا خضر طلبت الدنيا واتخذتها مسكنا حتى ابتلاك بالرق وذلك أنه كان قد بنى صومعة وغرس شجرة. في الرسالة القيشيرية لما مر موسى بالجدار وأقامه الخضر قال له موسى لو شئت لاتخذت علية أجرا فلما خرجا من القرية دعا الحضر ظبيا فوقف بينهما فصار الجانب الذي يلي الخضر لحما مشويا والجانب الذي يلى موسى لحما طريا فسأله موسى عن ذلك قال لأنك طمعت وأنا قنعت وقيل جاءهما من الهواء طبقان على أحدهما خبز وسمك مشوي فوقع بين يدي الخضر والآخر عليه سمك طري فوقع بين يدي موسى فتبسم الخضر وقال أنا صبرت وأنت لم تصبر والقرية هي إنطاكية والجدار كان طوله مائتين وخمسين فساعده موسى في ذلك فاستوى كما كان. قال رباح بن عبيدة خرجت مع عمر بن عبد العزيز إلى الصلاة فرأيت شيخا يكلمه فقلت من هذا قال الخضر عليه السلام أخبرني أني أتولى على هذه الأمة وأعدل فيهم وكان رعاة الشاة يقولون في ولايته من هذا العبد الصالح الذي قام على الناس فقيل من أخبركم به قالوا إذا كان الخليفة عادلا كفت الذئاب عن الغنم فلما كان بعد أيام قالوا نرى الذئب في هذا اليوم قد أكل الغنم فجاء الخبر بعد شهر بموت عمر رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم قلت يا رب جعلت للخضر عين الحياة وسيأتي في مناقب الخضر عليه السلام في باب فضل الأمة المرحومة قال قد جعلت لك سلسبيلا قلت أعطيت موسى التوراة قال قد أعطيتك آية الكرسي من كنز عرشي فالخضر والياس يصومان رمضان كل عام ببيت المقدس اسم الخضر خضرون بن عاميل بن اسحاق بن إبراهيم عليه السلام وقيل جعل بين الخضر وبين سام بن نوح أربعة أجداد وكان في زمن إبراهيم وقد اجتمع به في مكة قال أنس بن مالك رضي الله عنه رأيت شيخا يقول اللهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فقلت له من أنت قال الخضر قال موسى للخضر عليهما السلام بم أطلعك الله على الغيب قال بترك المعاصي قال أوصني قال يا موسى كن بساما ولا تكن غضابا كن نفاعا ولا تكن ضرارا وانزع عن اللجاجة ولا تمش في غير حاجة ولا تضحك في غير عجب ولا تعير الخاطئين بخطاياهم وابك على خطيئتك يا بن عمران روى الإمام أحمد بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم سمي الخضر خضرا لأنه جلس على ذروة بيضاء فإذا هي تهتز خضراء وقال مجاهد الخضر باق إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها قال عمرو بن دينار الخضر والياس حيان ما دام القرآن في الأرض فإذا رفع ماتا قال القرطبي في سورة الصافات أصاب الياس مرض شديد فبكى فأوحى الله إليه بكاؤك حرصا على الدنيا أو خوفا من الموت أو خوفا من النار فقال لا وعزتك كيف يحمدك الحامدون بعدي ويصوم الصائمون بعدي فقال الله تعالى لأؤخرنك إلى وقت لا يذكرني فيه ذاكر يعني إلى يوم القيامة وقال إبراهيم التيمي رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال كل ما يحكى عن الخضر حق وهو عالم أهل الأرض ورأس الأبدال وهو من جنود الله تعالى الخضر وإلياس لما أنكر موسى على الخضر خرق السفينة نودي يا موسى لما ألقتك أمك في التابوت في البحر ألست كنت في حفظنا كذلك نحفظ السفينة فلما أنكر عليه قتل الغلام نودي يا موسى أنسيت أنك قتلت نفسا بغير حق يا موسى لو أن النفس التي قتلتها أقرت بالتوحيد طرفة عين لأصابك العذاب والسفينة كانت لعشرة مساكين أخوة ورثوها عن أبيهم خمسة يعملون في السفينة أحدهم مجذوم والثاني أعور والثالث أعرج والرابع آدر أي إحدى خصيتيه أكبر من الأخرى والخامس محموم لا تفارقه الحمى وخمسة لا يطيقون العمل أحدهم مقعد والثاني أصم والثالث أبكم والرابع أعمى والخامس مجنون والله أعلم قال العلائي أن الخضر والياس باقيان إلى يوم القيامة فالخضر يدور في البحار يهدي من ضل فيها والياس يدور في الجبال يهدي من ضل فيها هذا دأبهما في النهار في الليل يجتمعان عند سد يأجوج ومأجوج يحرسانه قال قتادة ليس في ناحية البحر المظلم طريق إلى البر إلا من ناحية السد في ناحية الشمال في منقطع بلاد الترك وليس ليأجوج ومأجوج طعام إلا الأفاعي من ذلك البحر يرسل الله تعالى سحابة فتغرف منه الأفاعي ثم تمطرها عليهم فيأكلها يأجوج ومأجوج وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن يأجوج ومأجوج هل بلغتهم دعوتك قال جزت عليهم ليلة المعراج فدعوتهم إلى الله فلم يجيبوا قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه رأيت رجلا معلقا بأستار الكعبة وهو يقول يا من لا يشغله شأن عن شأن أذقني برد عفوك وحلاوه رحمتك فقلت يا عبد الله أعد على كلامك فقال والذي نفس الخضر بيده وكان هو الخضر لا يقولهن عبد عقب كل فريضة إلا غفرت ذنوبه وإن كانت مثل رمل عالج أو عمر القطر وأوراق الشجر قال اليافعي في روض الرياحين كنت جالسا ببيت المقدس بعد عصر الجمعة فرأيت رجلين أحدهما في خلقنا والآخر طويل عرض وجهه ذراع فقلت من أنتما قال أنا الخضر وهذا الياس من صلى العصر يوم الجمعة ثم استقبل القبلة ثم قال يا الله يا رحمن حتى تغيب الشمس لم يسأل الله شيئا إلا أعطاه فقلت للخضر ما طعامك قال الكرفس والكمثرى وعن النبي صلى الله عليه وسلم إن أخوي الخضر والياس يحجان في كل عام ويشربان من زمزم شربة فتكفيهما إلى قابل وطعامهما الكرفس وكان الخضر عليه السلام يقول اللهم إني أستغفرك لما تبت إليك منه ثم عدت إليه وأستغفرك لما وعدتك من نفسي ثم أخلفتك وأستغفرك لما أردت به وجهك فخالطه ما ليس لك واستغفرك للنعم التي أنعمت بها على فتقويت بها على معصيتك وأستغفرك يا عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم من كل ذنب أذنبته أو معصية في ضياء النهار وسواد الليل في ملأ أو خلاء وسر أو علانية يا حكيم قال الأوزاعي من قاله غفرت ذنوبه ولو كانت مثل ورق الشجر وقطر السماء... لطيفة: تكلم ابن الجوزي في معنى قوله تعالى كل يوم هو في شأن عامين فأعجب بنفسه فوثب إليه رجل من المجلس فقال يا ابن الجوزي ما يصنع ربنا في هذه الساعة فسكت وختم المجلس ثم قال في الثاني والثالث فرأى في تلك الليلة النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال يا بن الجوزي أتدري من السائل قلت لا يا نبي الله قال الخضر فإذا سألك فقل له شؤون يبديها ولا يبتديها فلما أصبح قال له ما يصنع ربنا في هذه الساعة قال شئون يبديها ولا يبتديها فقال الخضر صلى وسلم على من علمك في المنام... فائدة: اعلم جعلني الله وإياك من صالحي الأمة أن أولها نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم وآخرها نبي الله عيسى ابن مريم عليه السلام ولكنه من أمته صلى الله عليه وسلم وفيها رجل مختلف في نبوته أي وهو الخضر عليه السلام دعاء الخضر عليه السلام، فقلت له وأين هو؟ فقال لي قل " اللهم يا من لا يشغله سمع عن سمع، ويا من لا يغلطه المسائل، ويا من لا يتبرم من إلحاح الملحين أذقني برد عفوك وحلاوة مغفرتك " مع علي بن الحسين أرأيت رجلاً خاف الله فلم يكفه؟ أو توكل عليه فوكله إلى غيره؟ قال: ثم قال: أنا الخضر يا ابن الحسين. قرية البخل سرقوا جراب الخضر فذلكة لما علا شرف الكليم بالتكليم كل شرف، قال له قومه أي الناس أعلم؟ فقال: أنا. ولم يقل فيما أعلم، فابتلي فيما أخبر به واعلم، فقام بين يدي الخضر، كما يقوم بين يدي السليم الأعلم، فابتدأ بسؤال " هل أتبعك " فتلقاه برد " لن " وكم أنّ موسى من لن. أمر قومه بالإيمان فقالوا " لن نؤمن " وقعوا في التيه فقالوا " لن نصبر " ندبوا إلى الجهاد فصاحوا " لن ندخلها " طرق باب أرني فرده حاجب " لن " ، دنا إلى الخضر للتعلم فلفظه بلفظ " لن " ثم زاده من زاد الرد بكف " وكيف تصبر " فلما سامحه على نوبة السفينة، وواجهه بالعتاب في كرة الغلام، أراق ماء الصحبة في جدال الجدار " هذا فراق بيني وبينك " ثم فسر له سر المشكل، فجعل يشرح القصص فصلاً فصلاً، بمقول قائل يقول فصلاً، وكلما ذكره أصلاً أصلى، لم يبق لموسى عين تراه أصلاً، وكلما سل من حر للعتاب نصلاً، صاح لسان حال موسى: كم نصلى؟ فألقى تفسير الأمور على الكليم وأملى، والقدر يقول: أهو أعلم أم لا؟ فعلم موسى ويوشع أي عبد أمّا منذ ابتدأ بالشرح بأمّا، ثم أخذ لسان العتاب، يذكر منسى موسى، أتنكر خرق سفينة؟ لظاهر إفساد تضمن ضمنه صلاح " ولكم في القصاص حياة " أو تنكر؟ إتلاف شخص دنى لإبقاء دين شخصين؟ أو كرهت إقامة الجدار، لشح أهل القرية بالقرا أفاردت من الأصفياء؟ معاملة البخلاء بالبخل، أما تلمحت سر؟ صل من قطعك، لقد أنكرت ما جرى لك مثله، حذرت يوم السفينة من الغرق، فصحت بإنكار " أخرقتها " أنسيت يوم؟ " فألقيه في اليم " أنكرت قتل نفس بغير نفس، أنسيت يوم؟ " لو كره " نهيت عن عمل بلا أجر، أنسيت يوم " فسقى لهما " فلما بان البيان، خرج الخضر من باب الدعوى، وأخرج يده من ملك التصرف وأحال الحال على الغير " وما فعلته عن أمري " . وهذه القصة قد حرضت على جمع رحل الرحيل في طلب العلم، وعلمت كيفية الدب في كف كف الاعتراض على العالم، وصاح فصيح نصيحها بذي اللب: دع دعواك فعلى دعوى الكليم ليم، وفوق كل ذي علم عليم. كان عيش عيشه خضراً، فأحالت الحال سنة الهجر، فكأن أيام الوصال كانت سنة، وكاد يقطع باليأس، لولا التقاء الخضر باليأس. وأسفي كم تطلب الخضر وما ترى إلا اليأس علم الخضر ما خفي على موسى، وكشف لسليمان ما غطي عن داود. قولون: تعِبَ الخَضِرُ في حاجةِ الإسكندر. وإنما هو تَعِبَ الإسكندرُ في حاجة الخَضِر. يقال للرجل المسفار: خليفة الخضر.وقالوا الخضر عليه الصلاة والسلام ما اجتمع بأحد إلا وأفاده علماً لم يكن عنده قيل لأبي الحسن القابسي: هل بلغك أن أحداً اجتمع مع الخضر عليه السلام قال: نعم. فسألهما إنسان عن الخضر عليه السلام، هل يقال إنه باق في الدنيا، مع هذه القرون؟ ثم يموت لقيام الساعة؟ أو هل يرد هذا لقوله تعالى: " وما جعلْنا لبشرٍ منْ قبلِك الخُلد " فأجابا معاً: إن ذلك ممكن جائز، وأن يبقى الخضر عليه السلام، الى النفخ في الصور، وأن الخلود إنما هو اتصال بقائه ببقاء الآخرة. وإن البقاء الى النفخ، ليس بخلود. ألا ترى أن إبليس، لعنه الله، لا يسمى خالداً. وإن كان من المنظرين الى يوم الوقت المعلوم دفن آدم بعض الطوفان أطول بني آدم عمرا الخضر، واسمه خضرون بن قابيل بن آدم عليه السلام. قال ابن إسحاقي، حدثنا أصحابنا، أن آدم عليه السلام لما حضرته الوفاة جمع بنيه، وقال لهم: يا بنيّ، إن الله منزّل على أهل الأرض عذابا، فليكن جسدي معكم بالمغارة، حتى إذا هبطتم فابعثوا بي، وادفنوني بأرض الشام. فكان جسدهم معهم. فلما بعث الله تعالى نوحا عليه السلام ضمّ ذلك الجسد، وأرسل الله تعالى الطوفان على الأرض، زمانا فجاء نوح عليه السلام، حتى نزل ببابل، وأوصى بنيه الثلاثة، وهم سام، ويافث، وحام، أن يذهبوا بجسده إلى المكان الذي أمرهم أن يدفنوه فيه. فقالوا: الأرض وحشة، ولا أنيس بها، ولا نهتدي الطريق، ولكن نكفّ حتى يأمن الناس، ويكثروا، وتأنيس البلاد، وتجفّ. وقال لهم نوح عليه السلام: إن آدم قد دعا الله أن يطيل عمر الذي يدفنه إلى يوم القيامة؛ فلم يزل جسد آدم حتى كان الخضر هو الذي دفنه، وأنجز الله له ما وعده، فهو يحيا إلى ما شاء الله أن يحيا. كأنه يسعى على قدم الخضر خليفة الخضر لا يستقر على وطن أَسْيَرُ مِنَ الْخَضِرِ علم موسى وعلم الخضر كان موسى على علم من علم الله، وهو علم المعاملة، لا يعلمه الخضر، وكان الخضر على علم من علم الله لا يعلمه موسى، فلم يظن أن ما لم يحط به خبراً يأباه حكم الظاهر، وإلا كيف يلتزم الصبر عليه، وقد أمر بصرف الإنكار إليه " ما منعك إذ رأيتهم ضلوا " بل لم يعد مثله من ملاقاة المشاق، فيما كان عليه الخضر من اختراق الآفاق، وركوب الطباق، فما عقله بقوله، فقد صدقه بفعله، وما لم يستطع عليه صبراً، فلم يدخل في التزامه اعتقاداً ولا ذكراً. هل الخضر ولي أم نبي فرأى رجل صالح منهم معروف بالولاية النبيّ صلى الله عليه وسلّم تلك الليلة فقال صلى الله عليه وسلّم: الخضر نبي، وأبو مدين ولي. أدونيس ؟ثم تخلى عنه) لتقوم مقام الخضر (الخالد)،الفينكس يبعث من جديد وسمي ولد مالك بن طريف الخضر لسوادهم ( كتاب به ماء الحياة ونقعه الحيا ... فكأني إذ ظفرت به الخضر ) ( أترى الخضر مر لي فيك أم جزت ... برضوان في جنان النعيم ) من دعاء الخضر عن عمر وعلي رضي الله عنهما أن الخضر لقيهما وعلمهما هذا الدعاء وذكر فيه خيرا كثيرا لمن قاله إثر كل صلاة يا من لا يشغله سمع عن سمع ويا من لا تغلطه المسائل ومن لا يتبرم على إلحاح الملحين أذقني برد عفوك وحلاوة مغفرتك أثار حملت اسم الخضر مساجد ومغارات وعيون ماء في أخبار مصر: إن الخضر جاز البحر مع موسى عليه السلام، وكان مُقدّماً عنده،وبمصربقرب سردوس مسجد الخضر عم وفي اقليم فارس مسجد الخضر وبالأقصى بباطن المغارة اوأمام المحراب الأيمن صفة تسمى " مقام الخضر " . طولها من الشرق للغرب ذراع وثلثا ذراع،بالشام بمكان كان يقال به رأس يحيى بن زكريا، عمل مسجداً سمي بالخضر في شمال دمشق جبل قاسيون حيث قتل قابيل هابيل وحيث مدفن الأنبياء والصالحين توجد مغارة صغيرة في وسطها كالبيت الصغير، وإزاءها بيت يقال: إنه مصلى الخضر عليه السلام يبادر الناس إلى الصلاة فيها و على ستة أميال من هرمز مزار ينسب إلى الخضر والياس عليهما السلام. يذكر أنهما يصليان فيه وفي جبل سرنديب مغارة الخضر سبعة أميال. وهي في موضع فسيح، عندها عين ماء تنسب إليه أيضاً ملأى بالحوت بُلاطة: قرية من أعمال نابلس، بها عين الخضْر، وحقل يوسف الصديق، وقبر يوسف عند الشجرة. وهو الصحيح. وبوَهران مرحلة ويزعم بعضهم أنه البلد الذي أقام به الخِضر عليه السلام الجدار المذكور غزا تبع الأقرن اليمني بلاد الروم وصف له أنْ بتلك الناحية واديا فيه الياقوت، وأنْ بالقرب منه عينا يسمى ماؤها ماء الحيوان الذي ظفر به الخضر دون ذي القرنين. وفي الإسكندرية بمصرمساجد خمسة مقدسة: مسجد موسى عليه الصلاة والسلام عند المنارة، ومسجد سليمان عليه الصلاة والسلام، ومسجد ذي القرنين، ومسجد الخضر؛ أحدهما عند القسارية، والآخر عند باب المدينة، ومسجد عمرو بن العاص الكبير. مما كتب تقي الدين أبو بكر بن حجة بشارة عن الملك المؤيد شيخالسلطان المملوكي سنة تسع عشرة وثمانمائة حمل على الجهات البحرية فكسر المنصورة وعلا على الطويلة بشهامته، وأظهر في مسجد الخضر عين الحياة فأقر الله عينه، والسهلَةُ:. قرية بالبحرين قيل بمسجدها موضع البيت الذي كان يخيط فيه إدريس عليه السلام ومنه رفع إلى السماء ومنه كان إبراهيم عليه السلام يخرج إلى العمالقة وفيه موضع الصخرة التي صورت الأنبياء فيها ومنه الطينة التي خلق الله الأنبياء منها وهو موضع مناخ الخضر وما أتاه مغموم إلا فرج الله عنه. وبمصر قرية مشيرف قبالةمنيةالعطار بها مشهد الخضر يُزار. وبشهرستَانُ بفارس مسجد الخضر بقرب القلعة تلمسانذكروا أن القرية التي ذكرها الله تعالى في قصة الخضر وموسى: فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما، فوجدا فيها جداراً يريد أن ينقض فأقامه. قيل: إنه كان جداراً عالياً عريضاً مائلاً، فمسحه الخضر، عليه السلام، بيده فاستقام.وبها مسجداً يقال له مسجد الجدار، يقصده الناس للزيارة. وبنصيبن نهر كان عليه مدينة الخضر مدينة الخضر: وهي الآن خراب. كانت مركبة على قناطر يدخل الماء من تحتها وفي بحرالظلمات(المحيط الأطلسي عين الحياة، التي شرب الخضر عليه السلام منها، وهي في القطعة بين المغرب والجنوب. سمكة تعرف بنسل الحوت في مدينة سبتة طولها ذراع وعرضها شبر، يتبركون بها ويهدونها إلى الرؤساء ،وبالأندلس مدينة الجزيرة قيل أهلها الذين أبوا أن يضيفوا موسى والخضر عليهما السلام، وبها أقام الخضر الجدار وخرق السفينة، والجلندى هو الذي كان يأخذ كل سفينة غصبا، حكى ذلك عن وكيع بن الجراح. و باليمن جبل ملحان و هو جبل عالي يقال إنّه مسكن الخضر عليه السلام قرية الصخرة من أرض الشام القريبة من الفرات تعرف بصخرة موسى، ويقال إن موسى اجتمع مع الخضر عليهما السلام في هذا الموضع وبحلب مسجد ذكرت جماعة من سكّان القلعة أنّهم رأوا الخضر عم يصلّي فيه.ومشهد الخضر عم وهو بناء قديم قيل أنّه قبل الملّة الإسلامية في القول بحياته وومدافن تكريت تعرف بمشهد الخضر. كم زعم اليهود أن ملكي صدوق والعبد الذي وجهه إبراهيم عليه السلام ليخطب ريقا لإسحاق عليه السلام والياس عليه السلام وفنحاس بن العازار بن هارون عليه السلام أحياء إلى اليوم وسلك هذا السبيل بعض الصوفية فزعموا أن الخضر والياس عليهما السلام حيان إلى اليوم وادعى بعضهم أنه يلقي الياس في الفلوات والخضر في المروج والرياض وأنه متى ذكر حضر على ذاكره. الخضر والأنبياء والملوك والصحابة والصوفية والشيعة أعلمَ خلق الله بالكائن من الأمور الماضية، والكائن منها الذي لم يكن بعد قالوا كان أيام إبراهيم خليل الرحمن صلى الله عليه وسلم، وهو الذي قضى له ببئر السبع المتنازع عليه مع أهل الأردن زعم بعضهم أنه من ولد مَن كان آمن بإبراهيم خليل الرحمن، واتبعه على دينه، وهاجر معه من أرض بابل حين هاجر إبراهيم منها. وقال: اسمه بليا بن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح، قال: وكان أبوه ملكاً عظيم إبراهيم بن أدهم، كان من أبناء الملوك، فخرج يتصيد، وأثار ثعلبا أو أربنا وهو في طلبه، فهتف به هاتف: ألهذا خلقت أم لهذا أمرت؟ فنزل عن دابته وصادق راعيا لأبيه، وأخذ جبته الصوف فلبسها، وأعطاه فرسه وما معه، ثم إنه دخل البادية إلى أن قال: ومات بالشام، وكان يأكل من عمل يده، مثل الحصاد، وحفظ البساتين ورأى في البادية رجلا علمه اسم الله الأعظم، فدعا به بعده فرأى الخضر وقال: إنما علمك أخي داود الاسم الأعظم. أحمد بن حنبل إ الخضر يقرئك السلام ويقول: إن ساكن السماء الذي على عرشه راض عنك، والملائكة راضون عنك بما صبرت نفسك لله. في " تاريخ الصوفية " : عن عمر بن سنان المنبجي قال: مر بنا إبراهيم الخواص وقال: لقيني الخضر، فسألني الصحبة، فخشيت أن يفسد علي سر توكلي بسكوني إليه، ففارقته. أحاديث عن الخضر عن ابن عباس رضي الله عنهما عن أبي ابن كعب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال قام موسى يوما في قومه فذكرهم بأيام الله، وأيام الله نعماؤه، ثم قال ليس أحد خير مني ولا أعلم إلى آخر حديث الخضر عليه السلام. من حديث أنس، أن رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم بعثه إلى الخضر، وقال: ادع لرسول اللهّ. وإن أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعلياً، وابن عمر أثبتوا وجوده، وإنه رآه عمر بن عبد العزيز، ورواه مسلمة، ورباح بن عبيدة كلاهما عن عمر بن عبد العزيز. قالوا: ورآه إبراهيم التيمي، وإبراهيم بن أدهم، وأحمد بن حنبل اسم الخضر، فقال كعب الأحبار: هو الخضر بن عاميل. وقال ابن إسحاق: اسمه أرمياء بن خلقيا.وقال أبو جعفر الطبري: إن هذا ليس بصحيح لأن أرمياء كان في أيام بخت نصر، وبين عهد موسى وبخت نصر زمن طويل.وقيل: هو الخضر بن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالح بن أرفخشد بن سام بن نوح.وقال بعض أهل الكتاب: هو خضرون بن عاميل بن أليفرن بن العيص بن إسحاق، وإنه ابن خالة ذي القرنين ووزيره.قال الطبري: إن الخضر هو الولد الرابع من أولاد آدم.إذا قصد به نبيا لبني اسرائيل من بعد موسى فيكون من سبط هارون بن عمران.وماقبل ذلك فأقوال زعم بعضهم انه من ولد من كان آمن بالخليل عليه السلام، وهاجر معه من أرض بابل وقيل الخضرمن ولدفارس. وقيل: الخضر عليه السلام ابن فرعون موسى لصلبه، وكان آمن بموسى، وجاز البحر معه، وكان مقدما عنده، وكان نبيا. كان الخضر وزير ذي القرنين، وهو ابن خالته في شأن نبوة الخضر قيل أنه ولي و قيل أعاد دفن آدم بعد الطوفان وقابل موسى وله مع إلياس صحبه و... قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نبي بعدي فكيف يستجيز مسلم أن يثبت بعده عليه السلام نبياً في الأرض حاشا ما استثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الآثار المسندة الثابتة في نزول عيسى بن مريم عليه السلام في آخر الزمان وإذا سئل الشيعة في مدة الغيبة: كيف تتصور؟ قالوا: أليس الخضر وإلياس عليهما السلام يعيشان في الدنيا من آلا ف السنين؛ لا يحتاجان إلى طعام وشراب؟ فلم لا يجوز ذلك في واحد من إهل البيت؟. قيل لهم: ومع اختلافكم هذا؛ كيف يصح لكم دعوى الغيبة؟. ثم الخضر عليه السلام ليس مكلفاً بضمان جماعة، والإمام عندكم: ضامن، مكلفبالهداية والعدل؛ والجماعة مكلفون بالإقتداء به والإستنان بسنته، ومن لا يرى كيف يقتدى به؟. قيل بعث الله إلي يني اسرائيل أرميا، قيل: هو الخضر، عليه السلام، فأقام فيهم يعدوهم الى الله وينهاهم عن المعاصي ويذكر لهم نعمة الله عليهم بإهلاك سنحاريب قال ابن اسحاق: استخلف الله على بني اسرائيل رجلاً منهم يقال له ناشية بن أموص، فبعث الله لهم الخضر معه نبيّاً، قال: واسم الخضر فيما يقول بنو اسرائيل إرميا بن حلقيا، وكان من سبط هارون بن عمران،فكان ابن عبّاس يقول: ما كان الكنز إلا علماً، قيل لابن عبّاس: لم نسمع لفتى موسى بذكر؛ فقال: شرب الفتى من الماء فخلّد، فأخذه العالم فطابق به سفينته ثمّ أرسلها في البحر، فإنها لتموج به إلى يوم القيامة. إلياس:قيل هو فينحاس بن العازر بن هارون عليه السلام، ويقال الياسين بن ياسين عيزار بن هارون، ويُقال هو إلياهو، وهي عبرانية معناها قادر أزليّ، وعرّب فقيل إلياس، ويذكر أهل العلم من بني إسرائيل أنه ولد بمصر، وخرج به أبوه العازر من مصر مع موسى عليه السلام وعمره نحو الثلاث سنين، وأنه هو الخضر الذي وعده اللّه بالحياة وابن عباس أكد أنه صاحب موسى بن عمران ورأته زائدة من الصحابيات وصفته برجل نقي الثياب طيّب الرائحة، كأن وجهه القمر ليلة البدر، على فرسٍ أغرّ محَجَّل، فدنا مني وقال: السلام عليك يا زائدة. فقلت: وعليك السلام. قال: هل أنت مبْلغة عني ما أقول؟ قلت: نعم، إن شاء الله عَزَّ وجَلّ. فقال: إذا لقيت مُحَمَّداً فقولي: إني لقيت الخَضِر، وهو يقرئك السلام. وقيل أويس خضرون وأرميا و.,,, اسم الخضر فيما بلغنا عين ماء الحياة لمّا فرغ ذي القرنين من أمر السدّ دخل الظلمات مما يلي القطب الشمالي، والشمس جنوبية، فلهذا كانت ظلمة، وإلا فليس في الأرض موضع إلا تطلع الشمس عليه أبداً، فلمّا دخل الظلمات أخذ معه أربعمائة من أصحابه يطلب عين الخلد، فسار فيها ثمانية عشر يوماً، ثم خرج ولم يظفر بها، وكان الخضر على مقدّمته، فظفر بها وسبح فيها وشرب منها، والله أعلم. من نبواءت الخضر لباني اشبيلية إشبان بن طيطس وقف عليه الخضر وهو يحرث الأرض فقال له: يا إشبان سوف تحظى وتملك وتعلو، فإذا ملكت إيلياء فارفق بذرية الأنبياء. فقال: أتسخر مني؟ كيف ينال مثلي الملك؟ فقال: قد جعله فيك من جعل عصاك هذه كما ترى. فنظر إليه فإذا هي قد أورقت، فارتاع وذهب عنه الخضر، وقد وثق إشبان بقوله، فداخل الناس فارتقى حتى ملك ملكاً عظيماً، وكان ملكه عشرين سنة، ودام ملك الإشبانيين بعده إلى أن ملك منهم خمسة وخمسون ملكاً. عمر بن عبد العزيز وشيخ متوكئ على يده، فلما فرغ ودخل قلت: أصلح الله الأمير، من الشيخ الذي كان متوكئاً على يدك؟ قال: أرأيته؟ قلت نعم قال: ذاك أخي الخضر أعلمني أني سألي أمر هذه الأمة وأني سأعدل فيها. يطلق العرب على الرجل من أهل القرى مصطلح: "أخضر النوّاجذ"، يريدون أنه ممن يأكل الكرات والبصل والبقول والخضر. ولا يتناول الأعراب هذه الخضر. الخضرة عند العرب السواد رجل لقي الخضر عليه السلام خرج رجل إلى معاوية، فلقي الخضر فقال له: لعلك تريد هذا الرجل؟ قال: نعم. قال: فإذا أردت الدخول عليه فتوضأ ثم صل ركعتين ثم قل: اللهم اجعل بدو يومي هذا صلاحاً، وأوسطه فلاحاً، وآخره نجاحاً، وأسألك باسمك الأحد الكبير المتعال: ثم سل حاجتك. شروط الاجتماع بالخضر عليه السلام، فقال لي: هي ثلاثة شروط: الأول: أن يكون على سنة في جميع أحواله، الثاني: أن لا يكون حريصاً على الدنيا، ولا يبيت على دينار ولا درهم إلا للدين الثالث: أن يكون سليم الصدر لأهل الإسلام ليس في قلبه غل ولا حقد ولا حسد لأحد منهم شهاب الدين الرملي، المنوفي، المصري، الأنصاري، الشافعي، وبلده كما قال الشيخ عبد الوهاب الشعراوي قرية صغيرة قريباً من البحر بالقرب من منية العطار تجاه مسجد الخضر عليه السلام بالمنوفية عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في الكنز مر به الخضر عليه السلام ، كان لوحاً من ذهب مضروباً مكتوباً فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، عجباً لمن يعرف الموت كيف يفرح، ولمن يعرف النار كيف يضحك، ولمن يعرف الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها، ولمن يؤمن بالقضاء والقدر، كيف ينصب في طلب الرزق، ولمن يؤمن بالحساب كيف يعمل الخطايا، لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. الجدار إنما كان ليتيمين من أهلها، واليتيم محل المرحمة، وليس محلاً لأن يطلب منه أجرة، وإما لعجزه، أو لفقره وهو الظاهر، أو لأنه لا يجوز تصرفه في ماله، ولهذا قال: " رحمة من ربك " قيل أن يوشع هو ذو الكفل ابن أخت موسى وتلميذه الذي سار معه في طلب الخضر وهو الذي افتتح بلقاء مدينة الجبارين بعد موسى وقتل الجبابرة فجنح عليه الليل وقد بقيت منهم بقية فدعا ربه أن يحبس عليه الشمس حتى يفرغ منهم في إلياس رفع ادريس والياس وعيسى سأل إلياس ربه أن يرفعه من بينهم قالوا فجأته دابة لونها لون النار فوثب عليها وانطلقت به وناداه تلميذه اليسع بم تأمرني قال بطاعة الله والعهد وكساه الله الريش وقطع عنه لذة المطعم والمشرب وجعله أرضيا سماويا ملكيا انسيا قال الحسن هو موكل بالفيافي والخضر بالبحار يجتمعان بالمواسم في كل عام، ذكر اليسع بن أخطوب وكان تلميذه فنبأه الله بعده وقد يقال أن اليسع هو ذو الكفل وقيل هو الخضر قبة الخضر ببيت المقدس فاختط يعقوب قبه ثم بعده قبة ايليا وهو الخضر ثم بنى بعده داود وأتمه سليمان وخربه بخت نصر وباسم الخضر عليه السلام مقصورة لها محراب غربي الجامع الأموي بدمشق وضفة تعرف بضفة الخضر وفي بيت لهيا كثيرة المياه والبساتين وبها جامع حسن تقام فيه الجمعة ويقال في شرقيه قبر حنة أم مريم عليهما السلام وقال ابن شداد وليست مريم بنت عمران ولها حكاية في تاريخ دمشق لابن عساكر أن الخضر عليه السلام ينتاب هذا المسجد ويصلي فيه الخضر بن آدم: :أول ابن العديم: بغية الطلب في تاريخ حلب ج3 عليه السلام لصلبه، وقيل هو خضرون بن قابيل بن آدم، وقيل خضرون بن عميائل بن اليفن بن العيص بن إسحق بن إبراهيم صلى الله عليه وسلم، وقيل هو الخضر بن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالخ بن شالم بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام. وعن وهب بن منبه أن اسم الخضر بليا، وقيل إيليا بن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام، وقيل اسمه أرميا بن حلقيا. هو صاحب موسى عليه السلام دخل معه أنطاكية في قول ابن عباس رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى " حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما " قال هي أنطاكية، وقد ذكرنا ذلك في باب ذكر أنطاكية وفي ذكر صخرة موسى في مقدمة الكتاب. وفي ظاهر حلب مسجد يقال أنه مسجد الخضر عليه السلام. وقد نقل أنه اجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه حديثاً رواه عنه أبو المظفر الخيام السمرقندي يكتب للتعجب، وقيل إن الله بعثه نبياً بعد أيوب عليه السلام. الخضر وإلياس عليهما السلام قالا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن العالم بين ظهراني الجهال كالحي يمشي على ظهور الأموات. لتقي الخضر وإلياس قي كل عام في الموسم فيحلق كل واحد منهما رأس صاحبه ويتفرقان عن هؤلاء الكلمات: بسم الله، ما شاء الله لا يسوق الخير إلا الله، ما شاء الله لا يصرف السوء إلا الله، ما شاء الله، ما كان من نعمة فمن الله، ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله. قال: وقال ابن عباس، من قالهن حين يصبح وحين يمسي ثلاث مرات آمنه الله من الغرق والحرق والسرق، وأحسبه قال: من الشيطان والسلطان، ومن الحية والعقرب. ريدة جارية عمر بن الخطاب، وكانت من المجتهدات في العبادة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدنيها لما يعلم منها، فقالت: السلام عليك ورحمة الله وبركاته يا رسول الله، فرد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: يا رسول الله كنت قد عجنت لأهلي عجيناً، فخرجت لأحتطب فإذا برجل نقي الثياب، طيب الريح، كأن وجهه دارة القمر ليلة البدر على فرس أغر محجل مني فقال: السلام عليك يا ريدة ورحمة الله فقلت: وعليك السلام ورحمة الله، فقال: أأنت مبلغ محمداً ما أقول؟ فقلت: نعم إن شاء الله، فقال: إذا أتيت محمداً فقولي له: إني لقيت الخضر وهو يقرئك السلام ويقول لك: يا محمد ما فرحت بمبعث نبي ما فرحت بمبعثك إن الله عز وجل أعطاك الأمة المرحومة والدعوة المقبولة، يدخل محسنهم بإحسانه الجنة ومسيئهم بشفاعتك يا محمد، ألا وإن الله أعطاك نهراً في الجنة يقال له الكوثر طوله الجنة، وعرضه أربعون عاماً، عدد آنيته نجوم السماء من شرب منه لم يظمأ أبداً، ألا وإن أنهار الجنة لتفجر من ذلك النهر، ارفعي جرزتك يا ريدة، فرفعتها، فكعت عنها، وذلك أني كنت صائمة يا رسول الله، فقال لي: ضعيها يا ريدة وأومأ بيده إلى كمه فأخرج قضيباً أخضر كأنه قطع من ساعته تلك، فنقر به الجرزة فمرت تخطر بين يدي حتى وقعت على باب المدينة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: تعرفي الموضع؟ قالت: نعم، فأخذ جماعة من أصحابه ومضى إلى الموضع فإذا بممر الحزمة وبآثار قوائم الدابة ولم نر هناك أحداً. حديث ريدة وحديث أنس وعن أنس بن مالك قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدق به أصحابه فبكوا حوله واجتمعوا، فدخل رجل أشهب اللحية جسيم صبح فتخطا رقابهم، فبكى ثم التفت إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن في الله تعالى عزاء من كل مصيبة وعوضاً من كل فائت، وخلفاً من كل هالك فإلى الله فأنيبوا وإليه فارغبوا، ونظره إليكم في البلاء، فانظروا فإن المصاب من لم يجبر، وانصرف فقال بعضهم لبعض: تعرفون الرجل، فقال أبو بكر وعلي: نعم هذا أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم الخضر عليه السلام. قال البيهقي عبادة بن عبد الصمد ضعيف وهذا منكر بمرة والخضر اسمه بليا ابن ملكان، إنما سمي الخضر لأنه إذا صلى في مكان أخضر ما حوله. قال النبي صلى الله عليه وسلم: رحمة الله علينا وعلى موسى أما إنه لو صبر لرأى الأعاجيب. الخضر وغسل النبي أقبل الناس على جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعوا من باب الحجرة حين ذكروا غسله لا تغسلوه فإنه طاهر مطهر، ثم سمعوا بعده غسلوه فإن ذلك إبليس وأنا الخضر، وقال: إن في الله عزاء من كل مصيبة، وخلفا من كل هالك، ودركا من كل فائت، فبالله نتقوى، وإياه فارجعوا، فإن المصاب من حرم الثواب، ثم كلمهم مكلم من ناحية البيت غسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه، وكانوا قد اختلفوا في ذلك فغسلوه صلى الله عليه وسلم في قميصه، وكانوا لا يرون أن يقلبوا منه عضوا إلا انقلب بنفسه، وإن معهم لحفيفا كالريح يصوت بهم ارفقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فإنكم ستكفونه، وتولى غسله علي والعباس والفضل وقثم بن العباس يقلبونه معهم، وأسامة بن زيد وشقران موليا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبان الماء، وأوس ابن خولي الأنصاري ممن حضر غسله صلى الله عليه وسلم، يروى عن علي رضي الله عنه قال: أوصاني النبي صلى الله عليه وسلم لا يغسله غيري " فإنه لا يرى أحد عورتي إلا طمست عيناه " . وسطعت منه صلى الله عليه وسلم ريح لم يجدوا مثلها قط. وكفن صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض ابن عباس: الكنز الذي ذكره الله في كتابه: وكان تحته كنز في ذلك الكنز لوح من ذهب مكتوب فيه: أشهد إن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، عجبت لمن أيقن بالقدر كيف ينصب، وعجبت لمن رأى تقلب الدنيا بأهلها كيف يطمئن إليها. وصاياه ودعائه لموسى يا موسى تعلم العلم لتعمل به ولا تعلمه لتحدث به قال موسى للخضر: ادع لي، فقال له الخضر: يسر الله عليك طاعتك. موسى عليه السلام يا رب وذكر كلمه فأتاه الخضر، وهو فتى طيب الريح حسن بياض الثياب مشمرها فقال: السلام عليك ورحمة الله يا موسى بن عمران إن ربك يقرأ عليك السلام، قال موسى: هو السلام وإليه السلام والحمد لله رب العالمين الذي لا أحصي نعمه ولا أقدر على شكره إلى بمعونته، ثم قال موسى عليه السلام: أريد أن توصيني بوصية ينفعني الله بها بعدك، قال الخضر: يا طالب العلم إن القائل أقل ملالة من المستمع، فلا تمل جلساءك إذا حدثنهم، وأعلم أن قلبك وعاء فارغ فانظر ماذا تحشو به وعاءك، وانحرف عن الدنيا وانبذها فإنها ليست لك بدار ولا لك فيها محل قرار وإنما جعلت بلغة للعباد وتزود منها للمعاد، ورض نفسك على الصبر تخلص من الإثم، يا موسى تفرغ للعلم إن كنت تريده فإن العلم لمن تفرغ له ولا تكوننَّ مكثاراً بالمنطق مهذاراً فإن كثرة المنطق تشين العلماء وتبدي مساوئ السخفاء، ولكن بالاقتصاد فإن ذلك من التوفيق والسداد وأعرض عن الجهال وباطلهم واحلم عن السفهاء فإن ذلك فعل الحلماء وزين العلماء إذا شتمك الجاهل فاسكت عنه حلماً، وجانبه حزماً فإن ما بقي من جهله عليك وسبه إياك أعظم يابن عمران، ولا ترى أنك أوتيت من العلم إلا قليلاً فإن الاندلاث والتعسف من الأقتحام والتكلف، يا بن عمران لا تفتحن باباً لا تدري ما غلقه ولا تغلقن باباً لا تدري ما فتحه. عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: بينما أطوف بالكعبة إذا رجل متعلق بأستار الكعبة وهو يقول: يا من لا يشغله سمع عن سمع، يا من لا يغلطه السائلون، يا من لا يبرمه إلحاح الملحين، أذقني برد عفوك وحلاوة رحمتك، فقال علي: أعد علي الكلام يا عبد الله، قال: وسمعت؟ فقال: نعم، قال: والذي نفس الخضر بيده وكان هو الخضر ما من عبد يقولهم في دبر الصلاة المكتوبة إلا غفر الله له ذنوبه وإن كانت مثل رمل عالج أو مثل زبد البحر أو مثل عدد ورق الشجر. لعالم اللهم إني أسألك الإقبال عليك والإصغاء إليك، والفهم عنك، والبصيرة في أمرك والنفاذ في طاعتك، والمواظبة على أرادتك والمبادرة في خدمتك وحسن الأدب في معاملتك والتسليم والتفويض إليك. ولمريض أوصى ضع يدك على موضع الوجع وقل: وبالحق أنزلناه، وبالحق نزل، فوضع يده على موضع الوجع وقال ما قال الرجل فعوفي في الوقت ولميت دعى إن تعذبه فكثير عصاك، وإن تغفر له ففقير إلى رحمتك الخضر والسائل في السوق ينما هو ذات يوم يمشي في سوق من أسواق بني إسرائيل، إذا أبصره رجل مكاتب، فقال: تصدق علي بارك الله فيك، فقال الخضر: آمنت بالله ما يرد الله من أمر يكن، ما عندي من شيء أعطكيه، فقال المسكين: أسألك بوجه الله أن تتصدق علي إني نظرت إلى سيماء الخير في وجهك، ورجوت البركة عندك. فقال الخضر: آمنت بالله ما عندي شيء أعطيك إلا أن تأخذني فتبيعني، قال المسكين: فهل يستقيم هذا؟. قال: نعم. الحق أقول لك، لقد سألتني بأمر عظيم، أما إني لا أخيبك بوجه ربي، فبعني. فقدمه إلى السوق فباعه بأربعمائة درهم، قال: فمكث عند المشتري زماناً لا يستعمل في شيء، فقال الخضر: إنما ابتعتني التماس خيري فأوصني بعمل، قال: أكره أن أشق عليك، قال: ليس يشق علي، فقال: أضرب من اللبن لبيتي حتى أقدم عليك، ومضى الرجل لسفره، فرجع وقد شيد بناءه، قال: أسألك بوجه الله ما حسبك، وما أمرك؟ قال: سألتني بوجه الله، ووجه الله أوقفني في العبودية، وقال الخضر: سأخبرك من أنا، أنا الخضر الذي سمعت به، سألني مسكين صدقة، فلم يكن عندي شيء أعطيه، فسألني بوجه الله فأمكنته من رقبتي فباعني، فأخبرك أنه من سئل بوجه الله فرد سائله وهو يقدر، وقف يوم القيامة جلد ولا لحم إلا عظم يتقعقع،فقال الرجل: آمنت بالله، شققت عليك يا رسول الله ولم أعلم. فقال: لا بأس أبقيت وأحسنت، فقال الرجل: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أحكم في أهلي ومالي ما أراك الله أن أخيرك فأخلي سبيلك، فقال: أحب أن تخلي سبيلي يا عبد الله، فخلي سبيله، فقال الخضر: الحمد لله الذي أوقعني في العبودية وأنجاني منها. زواج الخضر عن السدي، قال: كان ملك، وكان له ابن يقال له الخضر وإلياس أخوه أو كما قال: قال: فقال الناس للملك: إنك قد كبرت وابنك الخضر لا يدخل في ملكك فلو زوجته لكي يكون ولده ملكاً بعدك، فقال له: يا بني تزوج، قال: لا أريد، قال: لا بد لك، قال: فزوجني، فزوجه امرأة بكراً، فقال لها الخضر: إنه لا حاجة لي في النساء، فإن شئت عبدت الله معي وأنت في طعام الملك ونفقته، وإن شئت طلقتك؟ قالت: بل أعبد الله معك، فلا تظهري سري فإنك إن أحفظت سري حفظك الله وإن أظهرت عليه أهلك أهلكك الله، فكانت معه سنة لم تلد فدعاها الملك، فقال: أنت شابة، وابني شاب فأين الولد، وأنت من نساء ولد؟ فقالت: إنما الولد بأمر الله، ودعا الخضر فقال له: أين الولد يا بني فقال: الولد بأمر الله، فقيل للملك، فلعل هذه المرأة عقيم لا تلد، فزوجه امرأة قد ولدت، فقال للخضر: طلق هذه، فقال: تفرق بيني وبينها وقد اغتبطت بها. قال: لا بد، فطلقها ثم زوجه ثيبا قد ولدت، فقال لها الخضر كما قال للأولى، فقلت: بل أكون معك، فلما كان الحول دعاها فقال: إنك ثيب قد ولدت قبل ابني فأين ولدك، فقالت: هل يكون الولد إلا من بعل، وبعلي مشتغل بالعبادة لا حاجة له في النساء فغضب الملك وقال: اطلبوه. فهرب، فطلبه ثلاثة، فأصابه اثنان منهم، فطلب إليهما أن يطلقاه، فأبيا، وجاء الثالث فقال: لا تذهبا به فلعله يضربه وهو ولده، فأطلقاه، ثم جاؤوا إلى الملك فأخبره الاثنان أنهما أخذاه وإن الثالث أخذه منهما. فحبس الثالث، ثم فكر الملك فدعا الاثنين، فقال: أنتما خوفتما ابني حتى ذهب، فأمر بهما فقتلا، ودعا بالمرأة فقال لها: أنت هربت ابني، وأفشيت سره لو كتمت عليه لأقام عندي، فقتلها، وأطلق المرأة الأولى والرجل. فذهبت المرأة فاتخذت عريشاً على باب المدينة فكانت تحتطب وتبيعه وتتقوت بثمنه، فخرج رجل من المدينة فقير، فقال: بسم الله. فقالت المرأة: وأنت تعرف الله؟ قال: أنا صاحب الخضر، قالت: وأنا امرأة الخضر، فتزوجها وولدت له، وكانت ماشطة ابنه فرعون. وصية الخضر لرؤية النبي بالمنام علمني شيئاً إن علمته، رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في منامي. فقال: أفعل إن شاء الله، إذا أنت صليت المغرب فواصل الصلاة إلى عشاء الآخرة، ولا تكلم أحداً وسلم من كل ركعتين واقرأ في كل ركعة ما تيسر من القرآن، فإذا انصرفت إلى منزلك، فصل فيه ركعتين خفيفتين ثم ارفع يديك إلى ربك وقل: يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، يا إله الأولين والآخرين يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، يا رب يا رب يا رب، يا الله، يا الله، يا الله صل على محمد وعلى آل محمد، وافعل ذلك وأنت مستقبل القبلة ونم على شقك الأيمن حتى تغرق في نومك وأنت تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ففعلت ذلك فذهبت عني النوم من شدة الفرح فأصبحت على تلك الحال حتى صليت الضحى ثم وضعت رأسي فذهبت بي النوم فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ بيدي وأجلسني فقلت له: يا رسول الله إن الخضر عليه السلام أخبرني بكذا وكذا، فقال: صدق الخضر، الشاه المشوي نصفها قيل أن الخضر عليه السلام بينما هو يساير رجلاً إذ جلسا للغذاء فإذا بينهما شاة مشوية فلم يروا من وضعها مما يلي الخضر قد شوي ومما يلي الرفيق نيئاً لم يشو، فقال له الخضر: إنك زعمت أنك لا تنال رزقك إلا بالصب والعناء فيه فقم فأعن به واشوه. أما أنا فقد كفيته لأني زعمت أنه من يتوكل على الله كفاه فقد كفيته. الخضر والدجال عن ابن عباس قال: الخضر بن آدم لصلبه ونسيء له في أجله حتى يكذب الدجال وعن أبي سعيد الخدري قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً طويلاً عن الدجال فقال فيما حدثنا: يأتي الدجال وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة فيخرج إليه يؤمئذ رجل وهو خير الناس أو من خيرهم، فيقول: أشهد أنك أنت الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديثه، فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته أتشكون في الأمر؟ فيقولون: لا، فيقتله ثم يحييه، فيقول حين يحيى: والله ما كنت أشد بصيرة مني الآن، قال: فيريد قتله الثانية فلا يسلط عليه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليكونن عيسى ابن مريم في أمتي حكما عدلا وإماما قسطا يدق الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويترك الصدقة فلا تسعى على شاة ولا بعير، ويرفع الشحناء والتباغض وينزع جمة كل ذي جمة حتى يدخل الوليد يده في فم الحية فلا تضره، وينفر الوليد الأسد فلا يضره ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها، وتملأ الأرض من السلم كما يملأ الاناء من الماء؟ وتكون الكلمة واحة فلا يعبد إلا الله، وتضع الحرب أوزارها، وتسلب قريش فلكها وتكون الأرض كعاثور الفضة ينبت نباتها كعهد آدم حتى يجتمع النفر على القطف من العنب فليشبعهم ويجتمع النفر على الرمانة فتشبعهم، ويكون الثور بكذا وكذا من المال، ويكون الفرس بالدريهمات قيل يا رسول الله: وما يرخص الفرس؟ قال: لا يركب لحرب أبدا قيل له: فما يغلي الثور؟ قال: لحرث الأرض كلها: وإن قبل خروج الدجال ثلاث سنوات شداد يصيب الناس فيها جوع شديد يأمر الله السماء أن تحبس ثلث مطرها، ويأمر الأرض أن تحبس ثلث نباتها، ثم يأمر السماء في السنة الثانية فتحبس ثلثي مطرها ويأمر الأرض فتحبس ثلث نباتها، ثم يأمر السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله فلا تقطر قطرة، ويأمر الأرض فتحبس نداتها كلها فلا تنبت خضراء، فلا تبقى ذات ظلف إلا هلكت إلا ما شاء الله، فقيل: ما يعيش الناس في ذلك الزمان؟ قال: التهليل والتكبير والتسبيح والتحميد ويجري ذلك عليهم مجرى الطعام : ابن العديم: بغية الطلب في تاريخ حلب ج3 وما يزعم بعض العامة من ساكنها أنها أزلية البناء وأن الجدار الذى ذكر في القرآن في قصة الخضر وموسى عليهما السلام هو بناحية اغادير منها فأمر بعيد عن التحصيل لان موسى عليه السلام لم يفارق المشرق إلى المغرب وبنو اسرائيل لم يلغ ملكهم لافريقية فضلا عما وراءها وانما هي من مقالات التشيع المجبول عليه أهل العالم في تفضيل ما ينسب إليه أو ينسبون إليه من بلد أو أرض أو علم أو صناعة ولم أقف لها على خبر أقدم من خبر ابن الرقيق بأن أبا المهاجر الذى ولى افريقية بين ولايتى عقبة بن نافع الاولى والثانية توغل في ديار المغرب ووصل إلى تلمسان وبه سميت عيون أبى المهاجر قريبا منها تاريخ ابن خلدون القول بزاوج الخضر ووفاته وخبر الماشطة و حديث الدجال. زوجتا الخضر وصاحباه فكتمت إحداهما وأفشت عليه الاخرى، فانطلق هاربا حتى أتى جزيرة في البحر فأقبل رجلان يحتطبان، فرأياه فكتم أحدهما وأفشى عليه الآخر، قال: قد رأيت العزقيل ومن رآه معك قال: فلان، فسئل فكتم، وكان من دينهم أنه من كذب قتل، فقتل وكان قد تزوج الكاتم المرأة الكاتمة، قيل الخضر هوالذي يقتله الدجال ثم يحييه وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من حديث الزهري به. ومن الذين ذهبوا إلى أنالخضر قد مات ومنهم البخاري وإبراهيم الحربي وأبو الحسين بن المنادي والشيخ أبو الفرج بن الجوزي وقد انتصر لذلك في كتابه: " عجالة المنتظر في شرح حالة الخضر " واستدل ب (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد) [ الانبياء: 34 ] فالخضر إن كان بشرا فقد دخل في هذا العموم لا محالة، ولا يجوز تخصيصه منه إلا بدليل صحيح.والاصل عدمه حتى يثبت. فالخضر إن كان نبيا أو وليا، فقد دخل في هذا الميثاق، فلو كان حيا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان أشرف أحواله، أن يكون بين يديه، يؤمن بما أنزل الله عليه، وينصره أن يصل أحد من الاعداء إليه، لانه إن كان وليا فالصديق أفضل منه، وإن كان نبيا فموسى أفضل منه. عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني " (1). للاحاديث الواردة في ذلك من المرفوعات فبين أنها موضوعة .وقد روى الحافظ ابن عساكر بإسناده إلى السدي: أن الخضر وإلياس كانا أخوين وكان أبوهما ملكا فقال إلياس لابيه: إن أخي الخضر لا رغبة له في الملك، فلو أنك زوجته لعله يجئ منه ولد يكون الملك له فزوجه أبوه بامرأة حسناء بكر، فقال لها الخضر: إنه لا حاجة لي في النساء فإن شئت أطلقت سراحك وإن شئت أقمت معي تعبدين الله عزوجل وتكتمين علي سري ؟ فقال: نعم وأقامت معه سنة. فلما مضت السنة دعاها الملك فقال إنك شابة وابني شاب فأين الولد فقالت: إنما الولد من عند الله إن شاء كان وإن لم يشأ لم يكن. فأمره أبوه فطلقها وزوجه بأخرى ثيبا قد ولد لها فلما زفت إليه قال لها كما قال للتي قبلها فأجابت إلى الاقامة عنده. فلما مضت السنة سألها الملك عن الولد فقال إن ابنك لا حاجة له بالنساء فتطلبه أبوه فهرب، فأرسل وراءه فلم يقدروا عليه. فيقال إنه قتل المرأة الثانية لكونها فشت سره فهرب من أجل ذلك، وأطلق سراح الاخرى، فأقامت تعبد الله في بعض نواحي تلك المدينة، فمر بها رجل يوما فسمعته يقول بسم الله فقالت له: أنى لك هذا الاسم فقال إني من أصحاب الخضر فتزوجته فولدت له أولادا. ثم صار من أمرها ماشطة بنت فرعون فبينما هي تمشطها إذ وقع المشط من يدها فقالت: بسم الله فقالت إبنة فرعون: أبي ؟ فقالت: لا ربي وربك ورب أبيك الله فأعلمت أباها فأمر بنقرة من نحاس، فأحميت ثم أمر بها فألقيت فيه، فلما عاينت ذلك تقاعست أن تقع فيها فقال لها ابن معها صغير يا أمه أصبري فإنك على الحق فألقت نفسها في النار فماتت رحمها الله. عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: ولا أعلمه إلا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يلتقي الخضر وإلياس كل عام في الموسم ، فيحلق كل واحد منهما رأس صاحبه، ويتفرقان عن هؤلاء الكلمات: بسم الله ما شاء الله، لا يسوق الخير إلا الله ما شاء الله، لا يصرف الشر إلا الله ما شاء الله، ما كان من نعمة فمن الله ما شاء الله، لا حول ولا قوة إلا بالله. وقال ابن عباس: من قالهن حين يصبح وحين يمسي ثلاث مرات، آمنه الله من الغرق والحرق والسرق. قال: وأحسبه قال: ومن الشيطان والسلطان والحية والعقرب. قال الدارقطني في الافراد هذا حديث غريب من حديث روى ابن عساكر أن الوليد بن عبد الملك بن مروان، باني جامع دمشق، أحب أن يتعبد ليلة في المسجد، فأمر القومة أن يخلوه له ففعلوا، فلما كان من الليل جاء من باب الساعات فدخل الجامع، فإذا رجل قائم يصلي فيما بينه وبين باب الخضراء. فقال للقومة: ألم آمركم أن تخلوه ؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين هذا الخضر يجئ كل ليلة يصلي ههنا. عن رباح بن عبيدة، قال: رأيت رجلا يماشي عمر بن عبد العزيز معتمدا على يديه، فقلت في نفسي: إن هذا الرجل حاف، قال فلما انصرف من الصلاة - قلت: من الرجل الذي كان معتمدا على يدك آنفا ؟ قال: وهل رأيته يا رباح ؟ قلت: نعم. قال: ما أحسبك إلا رجلا صالحا ذاك أخي الخضر بشرني أني سألي وأعدل. المسعودي وأخبار الزمان جزر الشياطين منها جزيرة مر بها قوم، وقد هاج عليهم البحر وعظم، فنظروا فإذا شيخ ابيض الرأس واللحية، وعليه ثياب خضر مستلق على وجه الماء، وهو يقول سبحان مدبر الامور، وعالم ما في الصدور، وألجم البحر بقدرته على أن لا يفور، سيروا بين الشمال والشرق حتى تنتهوا إلى جبال الطوق فاسلكوا وسطها تسلموا من الغرق.ففعلوا ذلك فاذاهم إلى مدينة بها أمة طوال الوجوه، معهم قضبان الذهب يعتمدون عليها، ويحاربون بها وطعامهم الموز والقسط، فأقاموا عندهم شهرا وأخذوا القضبان الذهب التي عندهم، فلم يمنعوهم، ثم ساروا على ذلك السمت فخلصوا ويقال إن الرجل الذي أرشدهم الخضر عليه السلام وإن هذه الجزيرة مكانه وهي وسط البحر الاعظم الشخوص موسى والخضر وفتاه قيل يوشع و جَيْسور اسمُ الغلام الذي قتله الخضر فيما قيل ماهي حكاية الخضر العطار(منية العطار بجانب الخضرة) أبي بن كعب و عبد الله بن عباس ووهب بن منبه وكعب الأحبار هل قالو أم تقول عليهم؟ معتقدات صوفية في الخضر يقال عن الرجل منهم إنه اجتمع مع الخضر عليه السلام دفعتين ويقول أحدهم حدثني أخي الخضر وهذا محمد الخليلي ق12يسكن بيت المقدس بإذن من الخضر عليه السلام حيث قال له أسكن بيت المقدس ونحن أربعون معك يا محمد ملخصه أن الأقطاب سبعة والابدال والأعين وهم النجباء كذلك والأديان أربعة والغوث يجمعهم وهو مقيم بمكة والخضر يجول ولا حكم له إلا على أربعة أشياء إغاثة ملهوف أو إرشاد ضال أو بسط سجادة شيخ أو تولية الغوث إذا مات والغوث يحكم على الأقطاب والأقطاب على الأبدال والأبدال على الأوتاد فإذا مات الغوث ولي الخضر من يكون قطباً بمكة غوثاً وجعل بدل مكة قطباً وعين مكة بدلاً وبدل مكة رشيداً وهكذا أبداً فإن مات الخضر صلى الغوث في حجر اسمعيل تحت الميزاب فتسقط عليه ورقة باسمه فيصير خضراً ويصير قطب مكة غوثاً وهكذا قال والخضر في هذا الزمان هو حسن بن يوسف الزبيدي من أهل زبيد اليمن وقد أكثر عنه عبد الغفار بن نوح القوصي النقل في كتابه الوحيد في سلوك أهل التوحيد ولازمه كثيراً وبالغ في تعظيمه وأما أبو حيان فنقل عن الرضي الشاطبي أن عبد العزيز هذا كان من أتباع ابن عربي وأنشد عنه أبو حيان أنه أنشده لنفسه بجامع عمرو في رجب سنة 680. : ابن حجر العسقلاني الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة حديث قال أبو سعيد الخدري قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال أخي موسى: رب أرني الذي أريتني في السفينة فأتاه الخضر وهو فتى طيب الريح حسن الثياب فقال: السلام عليك ورحمة الله يا موسى بن عمران " فذكر حديثاً طويلاً ووصايا ومواعظ قلت: فهذا المتن هو المراد لا ما فهمه المؤلف بقوله: فذكر حديث " التقى آدم وموسى " والعجب أن الذهبي نقله من كلام ابن عدي وساقه بسند ابن عدي والذي في كتاب ابن عدي: قال عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال أخي موسى: يا رب أرني الذي كنت أريتني في السفينة فأوحى الله إليه يا موسى ستراه " قال: فذكره بطوله في قصة موسى والخضر ووصية الخضر إياه في الزهد وحضه على طلب العلم صحة المتن وذيادة المحدثين حدثنا سمعت الخضر وإلياس يقولان سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار " اجتماع سنوي الخضر والياس واليسع ويوشع بن نون يجتمعان في كل عام بالموسم يشربان شربة من ماء زمزم عن ابن عباس قال الخضر هو إلياس أربعة من الأنبياء أحياء؛ اثنان في السما إدريس، وعيسى - عليهما الصلاة والسلام - واثنان في الأرض: الخضر، وإلياس على القول بنبوته. قيل: إن ملكان هو ابن قحطان لا أخوه، وهو - يعني ملكان - والد الخضر، عليه السلام من أدعية الخضر اللهم، كما لطفت في عظمتك وقدرتك دون اللطفاء، وعلوت بعظمتك على العظماء، وعلمتَ ما تحت أرضك كعلمك بما فوق عرشك، فكانت وساوس الصدور عندك كالعلانية، وعلانية القول كالسر في علمك، فانقاد كل شيء لعظمتك، وخضع كل في سلطان لسلطانك، وصار أمر الدنيا والآخرة كله بيدك، اجعل لي من كل هم وغم أصبحتُ أو أمسيتُ فيه فرجَاً ومخرجاً، اللهم، إن عفوك عن ذنوبي، وتجاوزك عن خطيئتي، وسترك على قبيح عملي أطمعني أن أسألك ما لا أستوجبه منك بما قصرت فيه، فصرت أدعوك آمنَاً، وأسألك مستأنساً؛ فإنك المحسن، وأنا المسيء إلى نفسي فيما بيني وبينك، تتودد إليَ بنعمتك، وأتبغض إليك بالمعاصي، ولكن الثقة بك حملتني على الجرأة عليك، فَعُدِ اللهم بفضلك وإحسانك علي؛ إنك أنت الرءوف الرحيم. وكان هذا الرجل هو الخضر - عليه السلام - وهذا الدعاء مشهور بأنه دعاء الخضر هل الخضر من الصحابة ابن حجر وإفاضة الخضر صاحب موسى عليه السلام اختلف في نسبه وفي كونه نبياً وفي طول عمره وبقاء حياته وعلى تقدير بقائه إلى زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحياته بعده فهو داخل في تعريف الصحابي على أحد الأقوال ولم أر من ذكره فيهم من القدماء مع ذهاب الأكثر إلى الأخذ بما ورد من أخباره في تعميره وبقائه وقد جمعت من أخباره ما انتهى إلى علمه مع بيان ما يصح من ذلك وما لا يصح: باب نسبه قيل: هو ابن آدم لصلبه وهذا قول رواه الدارقطني في الأفراد من طريق رواد بن الجراح عن مقاتل بن سليمان عن الضحاك عن بن عباس ورواد ضعيف ومقاتل متروك والضحاك لم يسمع من ابن عباس. القول الثاني: أنه بن قابيل بن آدم وذكره أبو حاتم السجستاني في كتاب المعمرين قال: حدثنا مشيختنا منهم أبو عبيدة فذكروه وقالوا: هو أطول الناس عمراً وهذا معضل. وحكى صاحب هذه المقالة أن اسمه خضرون وهو الخضر وقيل اسمه عامر وذكره أبو الخطاب بن دحية عن بن حبيب البغدادي. القول الثالث: جاء عن وهب بن منبه أنه بليا بن ملكان بن فالغ بن شالخ بن عامر بن أرفخشد بن نوح وبهذا قال بن قتيبة. وحكاه النووي وزاد: وقيل كلمان بدل ملكان. القول الرابع: جاء عن إسماعيل بن أبي أويس أنه المعمر بن مالك بن عبد الله بن نصر بن الأزد. القول الخامس: هو ابن عمائيل بن النوار بن العيص بن إسحاق حكاه بن قتيبة أيضاً وكذا سمى أباه عمائيل مقاتل. القول السادس: أنه من سبط هارون أخي موسى روى عن الكلبي عن أبي صالح عن أبي هريرة عن بن عباس وهو بعيد. وأعجب منه قول بن إسحاق أنه أرميا بن خلفيا وقد رد ذلك أبو جعفر بن جرير. القول السابع: أنه ابن بنت فرعون حكاه محمد بن أيوب عن بن لهيعة وقيل بن فرعون لصلبه حكاه النقاش. القول الثامن: أنه اليسع حكى عن مقاتل أيضاً وهو بعيد أيضاً. القول التاسع: أنه من ولد فارس جاء ذلك عن بن شوذب أخرجه الطبري بسند جيد من رواية ضمرة بن ربيعة عن بن شوذب. القول العاشر: أنه من ولد بعض من كان آمن بإبراهيم وهاجر معه من أرض بابل حكاه بن جرير الطبري في تاريخه. وقيل كان أبوه فارسياً وأمه رومية. وقيل كان أبوه رومياً وأمه فارسية. وثبت في الصحيحين أن سبب تسميته الخضر أنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز تحته خضراء هذا لفظ أحمد من رواية بن المبارك عن معمر عن همام عن أبي هريرة. والفروة الأرض اليابسة. وقال أحمد: حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام عن أبي هريرة - رفعه - " إنما سمي الخضر خضراً لأنه جلس على فروة فاهتزت تحته خضراء " والفروة: الحشيش الأبيض. قال عبد الله بن أحمد: أظنه تفسير عبد الرزاق وفي الباب عن بن عباس من طريق قتادة عن عبد الله بن الحارث ومن طريق منصور عن مجاهد قال النووي: كنيته أبو العباس وهذا متفق عليه. باب ما ورد في كونه نبياً قال الله تعالى في خبره مع موسى حكاية عنه: " وما فعلته عن أمري " وهذا ظاهره أنه فعله بأمر الله والأصل عدم الواسطة. ويحتمل أن يكون بواسطة نبي آخر لم يذكر وهو بعيد ولا سبيل إلى القوم بأنه الهام لأن ذلك لا يكون من غير النبي وحياً حتى يعمل به من قتل النفس وتعريض الأنفس للغرق. فإن قلنا إنه نبي فلا إنكار في ذلك وأيضاً فكيف يكون غير النبي أعلم من النبي وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح أن الله قال لموسى: " بلى عبدنا خضر " وأيضاً فكيف يكون النبي تابعاً لغير نبي؟. وقد قال الثعلبي: هو نبي في سائر الأقوال وكان بعض أكابر العلماء يقول: أول عقد يحل من الزندقة اعتقاد كون الخضر نبياً لأن الزنادقة يتذرعون بكونه غير نبي إلى أن الولي أفضل من النبي كما قال قائلهم: مقام النبوة في برزخ ... فويق الرسول ودون الولي ثم اختلف من قال إنه كان نبياً هل كان مرسلاً فجاء عن بن عباس ووهب بن منبه أنه كان نبياً غير مرسل. وجاء عن إسماعيل بن أبي زياد ومحمد بن إسحاق وبعض أهل الكتاب أنه أرسل إلى قومه فاستجابوا له. ونصر هذا القول أبو الحسن الرماني ثم بن الجوزي. وقال الثعلبي: هو نبي على جميع الأقوال معمر محجوب عن الأبصار. وقال أبو حيان في تفسيره: والجمهور على أنه نبي وكان علمه معرفة بواطن أوحيت إليه وعلم موسى الحكم بالظاهر وذهب إلى أنه كان ولياً جماعة من الصوفية وقال به أبو علي بن أبي موسى من الحنابلة وأبو بكر بن الأنباري في كتابه الزاهر بعد أن حكى عن العلماء قولين هل كان نبياً أو ولياً. وقال أبو القاسم القشيري في رسالته: لم يكن الخضر نبياً وإنما كان ولياً. وحكى الماوردي قولا ثالثاً: إنه ملك من الملائكة يتصور في صورة الآدميين. وقال أبو الخطاب بن دحية: لا ندري هل هو ملك أو نبي أو عبد صالح. وجاء من طريق أبي صالح كاتب الليث عن يحيى بن أيوب عن خالد بن يزيد أن كعب الأحبار قال: إن الخضر بن عاميل ركب في نفر من أصحابه حتى بلغ بحر الله ند وهو بحر الصين فقال: يا أصحابي دلوني فدلوه في البحر أياماً وليالي ثم صعد فقالوا له: يا خضر ما رأيت فلقد أكرمك الله وحفظ لك نفسك في لجة هذا البحر فقال: استقبلني ملك من الملائكة فقال لي: أيها الآدمي الخطاء إلى أين ومن أين؟ فقلت: أردت أن أنظر عمق هذا البحر فقال لي: كيف وقد هوى رجل من زمان داود النبي عليه السلام ولم يبلغ ثلث قعره حتى الساعة وذلك منذ ثلاثمائة سنة؟. أخرجه أبو نعيم في ترجمة كعب من الحلية. وقال أبو جعفر بن جرير في تاريخه: كان الخضر ممن كان في أيام أفريدون الملك في قول عامة أهل الكتاب الأول وقيل: أنه كان على مقدمة ذي القرنين الأكبر الذي كان أيام إبراهيم الخليل وإنه بلغ مع ذي القرنين الذي ذكر أن الخضر كان في مقدمته نهر الحياة فشرب من مائه وهو لا يعلم ولا يعلم ذو القرنين ومن معه فخلد وهو عندهم حي إلى الآن قال بن جرير: وذكر بن إسحاق أن الله استخلف على بني إسرائيل رجلاً منهم وبعث الخضر معه نبياً قال بن جرير: بين هذا الوقت وبين أفريدون أزيد من ألف عام قال: وقول من قال إنه كان في أيام أفريدون أشبه إلا أن يحمل على أنه يبعث نبياً إلا في زمان ذلك الملك. قلت: بل يحتمل أن يكون قوله: " وبعث معه الخضر نبياً " أي أيده به إلا أن يكون ذلك الوقت وقت إنشاء نبوته فلا يمتنع أن يكون نبياً قبل ذلك ثم أرسل مع ذلك الملك وإنما قلت ذلك لأن غالب أخباره مع موسى هي الدالة على تصحيح قول من قال إنه كان نبياً. وقصته مع ذي القرنين ذكرها جماعة منهم خيثمة بن سليمان من طريق جعفر الصادق عن أبيه أن ذا القرنين كان له صديق من الملائكة فطلب منه أن يدله على شيء يطول به عمره فدله على عين الحياة وهي داخل الظلمات فسار إليها والخضر على مقدمته فظفر بها الخضر دونه. ومما يستدل به على نبوته ما أخرجه عبد بن حميد من طريق الربيع بن أنس قال: قال موسى لما لقي الخضر: " السلام عليك يا خضر " فقال: " وعليك السلام يا موسى " قال: " وما يدريك أني موسى " قال: " أدراني بك الذي أدراك بي " . وقال وهب بن منبه في المبتدأ: قال الله تعالى للخضر: " لقد أحببتك قبل أن أخلقك ولقد قدستك حين خلقتك ولقد أحببتك بعدما خلقتك " . وكان نبياً مبعوثاً إلى بني إسرائيل بتجديد عهد موسى فلما عظمت الأحداث في بني إسرائيل وسلط عليهم بختنصر ساح الخضر في الأرض مع الوحش وأحر الله عمره إلى ما شاء فهو الذي يراه الناس. باب ما ورد في تعميره والسبب في ذلك روى الدارقطني بالإسناد الماضي عن بن عباس قال: نسىء للخضر في أجله حتى يكذب وذكر بن إسحاق في المبتدأ قال: حدثنا أصحابنا أن آدم لما حضره الموت جمع بنيه وقال: إن الله تعالى منزل على أهل الأرض عذاباً فليكن جسدي معكم في المغارة حتى تدفنوني بأرض الشام. فلما وقع الطوفان قال نوح لبنيه: إن آدم دعا الله أن يطيل عمر الذي يدفنه إلى يوم القيامة فلم يزل جسد آدم حتى كان الخضر هو الذي تولى دفنه وأنجز الله له ما وعده فهو يحيا إلى ما شاء الله أن يحيا. وقال أبو مخنف لوط بن يحيى في أول كتاب المعمرين له أجمع أهل العلم بالأحاديث والجمع لها أن الخضر أطول آدمى عمراً وأنه خضرون بن قابيل بن آدم. وروى بن عساكر في ترجمة ذي القرنين من طريق خيثمة بن سليمان حدثنا أبو عبيدة بن أخي هناد حدثنا سفيان بن وكيع حدثنا أبي حدثنا معتمر بن سليمان عن أبي جعفر عن أبيه - أنه سئل عن ذي القرنين فقال: كان عبداً من عباد الله صالحاً وكان من الله بمنزل ضخم وكان قد ملك ما بين المشرق والمغرب وكان له خليل من الملائكة يقال له رفائيل وكان يزوره فبينما هما يتحدثان إذ قال له: حدثني كيف عبادتكم في السماء فبكى وقال: وما عبادتكم عند عبادتنا إن في السماء لملائكة قياماً لا يجلسون أبداً وسجوداً لا يرفعون أبداً وركعاً لا يقومون أبداً يقولون ربنا ما عبدناك حق عبادتك. فبكى ذو القرنين ثم قال: يا رفائيل إني أحب أن أعمر حتى أبلغ عبادة ربي حق طاعته قال: وتحب ذلك قال: نعم قال: فإن لله عينا تسمى عين الحياة من شرب منها شربة لم يمت أبداً حتى يكون هو الذي يسأل ربه الموت. قال ذو القرنين: فهل تعلم موضعها قال: لا غير أنا نتحدث في السماء أن لله ظلمة في الأرض لم يطأها إنس ولا جان فنحن نظن أن تلك العين في تلك الظلمة. فجمع ذو القرنين علماء الأرض فسألهم عن عين الحياة فقالوا: لا نعرفها قال: فهل وجدتم في علمكم أن لله ظلمة فقال عالم منهم: لم تسأل عن هذا فأخبره فقال: إني قرأت في وصية آدم ذكر هذه الظلمة وأنها عند قرن الشمس. فتجهز ذو القرنين وسار اثنتي عشرة سنة إلى أن بلغ طرف الظلمة فإذا هي ليست بليل. وهي تفور مثل الدخان فجمع العساكر وقال: إني أريد أن أسلكها فمنعوه فسأله العلماء الذين معه أن يكف عن ذلك لئلا يسخط الله عليهم فأبى فانتخب من عسكره ستة آلاف رجل على ستة آلاف فرس أنثى بكر وعقد للخضر على مقدمته في ألفي رجل فسار الخضر بين يديه وقد عرف ما يطلب وكان ذو القرنين يكتمه ذلك فبينما هو يسير إذ عارضه واد فظن أن العين في ذلك الوادي فلما أتى شفير الوادي استوقف أصحابه وتوجه فإذا هو على حافة عين من ماء فنزع ثيابه فإذا ماء أشد بياضاً من اللبن وأحلى من الشهد فشرب منه وتوضأ واغتسل ثم خرج فلبس ثيابه وتوجه ومر ذو القرنين فأخطأ الظلمة وذكر بقية الحديث. ويروى عن سليمان الأشج صاحب كعب الأحبار عن كعب الأحبار أن الخضر كان وزير ذي القرنين وأنه وقف معه على جبل الله ند فرأى ورقة فيها: " بسم الله الرحمن الرحيم من آدم أبي البشر إلى ذريته أوصيكم بتقوى الله وأحذركم كيد عدوي وعدوكم إبليس فإنه أنزلني هنا " قال: فنزل ذو القرنين فمسح جلوس آدم فكان مائة وثلاثين ميلاً. ويروى عن الحسن البصري قال: وكل إلياس بالفيافي ووكل الخضر بالبحور وقد أعطيا الخلد في الدنيا إلى الصيحة الأولى وأنهما يجتمعان في موسم كل عام. قال الحارث بن أبي أسامة في مسنده حدثنا عبد الرحيم بن واقد حدثني محمد بن بهرام حدثنا أبان عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الخضر في البحر واليسع في البر يجتمعان كل ليلة عند الردم الذي بناه ذو القرنين بين الناس وبين يأجوج ومأجوج ويحجان ويعتمران كل عام ويشربان من زمزمكم شربة تكفيهما إلى قابل " . قلت: وعبد الرحيم وأبان متروكان. وقال عبد الله بن المغيرة عن ثور عن خالد بن معدان عن كعب قال: الخضر على منبر من نور بين البحر الأعلى والبحر الأسفل وقد أمرت دواب البحر أن تسمع له وتطيع وتعرض عليه الأرواح غدوة وعشية ذكره العقيلي. وقال: عبد الله بن المغيرة يحدث بما لا أصل له. وقال بن يونس: إنه منكر الحديث. وروى بن شاهين بسند ضعيف إلى خصيف قال: أربعة من الأنبياء أحياء: اثنان في السماء عيسى وإدريس واثنان في الأرض: الخضر وإلياس فأما الخضر فإنه في البحر وأما صاحبه فإنه في البر وسيأتي في الباب الأخير أشياء من هذا الجنس كثيرة. وقال الثعلبي: يقال إن الخضر لا يموت إلا في آخر الزمان عند رفع القرآن. وقال النووي في تهذيبه: قال الأكثرون من العلماء هو حي موجود بين أظهرنا وذلك متفق عليه عند الصوفية وأهل الصلاح والمعرفة وحكايتهم في رؤيته والاجتماع به والأخذ عنه وسؤاله وجوابه ووجوده في المواضع الشريفة ومواطن الخير أكثر من أن تحصى وأشهر من أن تذكر. وقال أبو عمرو بن الصلاح في فتاويه: هو حي عند جماهير العلماء الصالحين والعامة منهم قال: وإنما شذ بإنكاره بعض المحدثين. قلت: اعتنى بعض المتأخرين بجمع الحكايات المأثورة عن الصالحين وغيرهم ممن بعد الثلاثمائة وبعد العشرين مع ما في أسانيد بعضها ممن يضعف لكثرة أغلاطه أو اتهامه بالكذب كأبي عبد الرحمن السلمي وأبي الحسن بن جهضم ولا يقال يستفاد من هذه الأخبار التواتر المعنوي لأن التواتر لا يشترط ثقة رجاله ولا عدالتهم وإنما العمدة على ورود الخبر بعدد يستحيل في العادة تواطؤهم على الكذب فإن اتفقت ألفاظه فذاك وإن اختلفت فمهما اجتمعت فيه فهو التواتر المعنوي. وهذه الحكاية تجتمع في أن الخضر حي لكن بطرق حكاية القطع بحياته قول بعضهم: إن لكل زمان خضراً وإنه نقيب الأولياء وكلما مات نقيب أقيم نقيب بعده مكانه ويسمى الخضر. وهذا قول تداولته جماعة من الصوفية من غير نكير بينهم ولا يقطع مع هذا بأن الذي ينقل عنه أنه الخضر هو صاحب موسى بل هو خضر ذلك الزمان. ويؤيده اختلافهم في صفته فمنهم من يراه شيخاً أو كهلاً أو شاباً وهو محمول على تغاير المرئي وزمانه والله أعلم. وقال السهيلي في كتاب التعريف والأعلام اسم الخضر مختلف فيه فذكر بعض ما تقدم وذكر في قول من قال: إنه بن عاميل بن سماطين أرما بن خلفا بن عيصو بن إسحاق وأن أباه كان ملكاً وأمه كانت فارسية اسمها الله ا وأنها ولدته في مغارة وأنه وجد هناك شاة ترضعه في كل يوم من غنم رجل من القرية فأخذه الرجل ورباه فلما شب طلب الملك كاتباً يكتب له الصحف التي أنزلت على إبراهيم فجمع أهل المعرفة والنبالة فكان فيمن أقدم عليه ابنه الخضر وهو لا يعرفه فلما استحسن خطه ومعرفته بحث عن جلية أمره حتى عرف أنه ابنه فضمه إلى نفسه وولاه أمر الناس. ثم إن الخضر فر من الملك لأسباب يطول ذكرها إلى أن وجد عين الحياة فشرب منها فهو حي إلى أن يخرج الدجال فإنه الرجل الذي يقتله الدجال ثم يحييه قال: وقيل إنه لم يدرك زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهذا لا يصح قال: وقال البخاري وطائفة من أهل الحديث مات الخضر قبل انقضاء مائة سنة من الهجرة وقال: ونصر شيخنا أبو بكر بن العربي هذا لقوله صلى الله عليه وسلم: " على رأس مائة سنة لا يبقى على الأرض ممن هو عليها أحد " يريد ممن كان حياً حين هذه المقالة قال: وأما اجتماعه مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعزيته لأهل البيت وهم مجتمعون لغسله صلى الله عليه وآله وسلم فروي من طرق صحاح منها:ما ذكره ابن عبد البر في التمهيد وكان إمام أهل الحديث في وقته فذكر الحديث في تعزية الصحابة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم يسمعون القول ولا يرون القائل فقال لهم علي: هو الخضر قال: وقد ذكر بن أبي الدنيا من طريق مكحول عن أنس اجتماع إلياس النبي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وإذا جاز بقاء إلياس إلى العهد النبوي جاز بقاء الخضر انتهى ملخصاً. وتعقبه أبو الخطاب بن دحية بأن الطرق التي أشار إليها لم يصح منها شيء ولا يثبت اجتماع الخضر مع أحد من الأنبياء إلا مع موسى كما قصه الله من خبره. قال: وجميع ما ورد في حياته لا يصح منه شيء باتفاق أهل النقل وإنما يذكر ذلك من يروي الخبر ولا يذكر علته إما لكونه لا يعرفها وإما لوضوحها عند أهل الحديث قال: وأما ما جاء عن المشايخ فهو مما ينقم منه كيف يجوز لعاقل أن يلقى شخصاً لا يعرفه فيقول له: أنا فلان فيصدقه؟. قال: وأما حديث التعزية الذي ذكره أبو عمر فهو موضوع. رواه عبد الله بن المحرر عن يزيد بن الأصم عن علي وابن محرر متروك وهو الذي قال بن المبارك في حقه كما أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه: فلما رأيته كانت بعرة أحب إلي منه ففضل رؤية النجاسة على رؤيته. قلت: قد جاء ذكر التعزية المذكورة من غير رواية عبد الله بن محرر كما سأذكره بعد وأما حديث مكحول عن أنس فموضوع ثم نقل تكذيبه عن أحمد ويحيى وإسحاق وأبي زرعة قال: وسياق المتن ظاهر النكارة وأنه من الخرافات انتهى كلامه ملخصاً. وسأذكر حديث أنس بطوله وأن له طريقاً غير التي أشار إليها السهيلي وتمسك من قال بتعميره بقصة عين الحياة واستندوا إلى ما وقع من ذكرها في صحيح البخاري وجامع الترمذي لكن لم يثبت ذلك مرفوعاً فليحرر ذكر شيء من أخبار الخضر قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم. قد قص الله تعالى في كتابه ما جرى لموسى عليه السلام وأخرجه الشيخان من طرق عن أبي بن كعب وفي سياق القصة زيادات في غير الصحيح قد أتيت عليها في فتح الباري. وثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " وددت أن موسى صبر حتى يقص علينا من أمرهما " وهذا مما استدل به من زعم أنه لم يكن حالة هذه المقالة موجوداً إذ لو كان موجوداً لأمكن أن يصحبه بعض أكابر الصحابة فيرى منه نحواً مما رأى موسى. وقد أجاب عن هذا من ادعى بقاءه بأن التمني إنما كان لما يقع بينه وبين موسى عليه السلام وغير موسى لا يقوم مقامه. ومن أخباره مع غير موسى ما أخرجه الطبراني في المعجم الكبير من وجهين عن بقية بن الوليد عن محمد بن زياد الألهاني عن أبي أمامة الباهلي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لأصحابه: " ألا أحدثكم عن الخضر " قالوا: بلى يا رسول الله قال: " بينما هو ذات يوم يمشي في سوق بني إسرائيل أبصره رجل مكاتب فقال: تصدق علي بارك الله فيك قال الخضر: آمنت بالله ما شاء الله من أمر يكن ما عندي من شيء أعطيكه فقال المسكين: أسألك بوجه الله لما تصدقت علي فإني نظرت السماحة في وجهك ورجوت البركة عندك فقال الخضر: آمنت بالله ما عندي شيء أعطيكه إلا أن تأخذني فتبيعني فقال المسكين: وهل يستقيم هذا فقال: نعم الحق أقول لقد سألتني بأمر عظيم أما إني لا أخيبك بوجه ربي بعني قال: فقدمه إلى السوق فباعه بأربعمائة درهم فمكث عند المشتري زماناً لا يستعمله في شيء فقال له: إنك إنما اشتريتني التماس خير عندي فأوصني بعمل قال: أكره أن أشق عليك إنك شيخ كبير ضعيف قال: ليس يشق علي قال: فقم فانقل هذه الحجارة وكان لا ينقلها دون ستة نفر في يوم فخرج الرجل لبعض حاجته ثم انصرف وقد نقل الحجارة في ساعة فقال: أحسنت وأجملت وأطقت ما لم أرك تطيقه قال: ثم عرض للرجل سفر فقال: إني أحسبك أمينا فاخلفني في أهلي خلافة حسنة قال: نعم وأوصني بعمل قال: إني أكره أن أشق عليك قال: ليس يشق علي قال: فاضرب من اللبن لبيتي حتى أقدم عليك قال: ومر الرجل لسفره تم رجع وقد شيد بناءه فقال: أسألك بوجه الله ما سبيلك وما أمرك قال: سألتني بوجه الله ووجه الله أوقعني في العبوديه فقال الخضر: سأخبرك من أنا؟ أنا الخضر الذي سمعت به سألني مسكين صدقه فلم يكن عندي شيء أعطيه فسألني بوجه الله فمكنته من رقبتي فباعني وأخبرك أنه من سئل بوجه الله فرد سائله وهو يقدر وقف يوم القيامة وليس على وجهه جلد ولا لحم ولا عظم يتقعقع. " فقال الرجل: آمنت بالله شققت عليك يا نبي الله ولم أعلم قال: لا بأس أحسنت وأبقيت فقال الرجل: بأبي وأمي يا نبي الله احكم في أهلي ومالي بما شئت أو اختر فأخلي سبيلك قال: أحب أن تخلي سبيلي فأعبد ربي قال: فخلى سبيله فقال الخضر: الحمد لله الذي أوثقني في العبودية ثم نجاني منها " . قلت: وسند هذا الحديث حسن لولا عنعنة بقية ولو ثبت لكان نصاً أن الخضر نبي لحكاية النبي صلى الله عليه وآله وسلم قول الرجل: يا نبي الله وتقريره على ذلك. ذكر من ذهب إلى أن الخضر مات نقل أبو بكر النقاش في تفسيره عن علي بن موسى الرضا وعن محمد بن إسماعيل البخاري أن الخضر مات وأن البخاري سئل عن حياة الخضر فأنكر ذلك واستدل بالحديث: أن على رأس مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض ممن هو عليها أحد وهذا أخرجه هو في الصحيح عن بن عمر وهو عمدة من تمسك بأنه مات وأنكر أن يكون باقياً. وقال أبو حيان في تفسيره: الجمهور على أنه مات ونقل عن بن أبي الفضل المرسي أن الخضر صاحب موسى مات لأنه لو كان حياً لزمه المجيء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم والإيمان به واتباعه. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " لو كان موسى حياً ما وسعه إلا إتباعي " وأشار إلى أن الخضر هو غير صاحب موسى. وقال غيره لكل زمان خضر وهي دعوى لا دليل عليها ونقل أبو الحسين بن المنادي في كتابه الذي جمعه في ترجمة الخضر عن إبراهيم الحربي أن الخضر مات وبذلك جزم بن المنادى المذكور. ونقل أيضاً عن علي بن موسى الرضا عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات ليلة صلاة العشاء في آخر حياته فلما سلم قال: " أرأيتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض أحد " . وأخرجه مسلم من حديث جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل موته بشهر: " تسألوني الساعة وإنما علمها عند الله أقسم بالله ما على الأرض نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة " هذه رواية أبي الزبير عنه. وفي رواية أبي نضرة عنه قال قبل موته بقليل أو بشهر: " ما من نفس... وزاد في آخره: " وهي يومئذ حية " . وأخرجه الترمذي من طريق أبي سفيان عن جابر نحو رواية أبي الزبير. وذكر بن الجوزي في جزئه الذي جمعه في ذلك عن أبي يعلى بن الفراء الحنبلي قال: سئل بعض أصحابنا عن الخضر هل مات؟ فقال: نعم قال: وبلغني مثل هذا عن أبي طاهر بن العبادي وكان يحتج بأنه لو كان حياً لجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: ومنهم أبو الفضل بن ناصر والقاضي أبو بكر بن العربي وأبو بكر بن محمد بن الحسين النقاش واستدل بن الجوزي بأنه لو كان حياً مع ما ثبت أنه كان في زمن موسى وقبل ذلك لكان قدر جسده مناسباً لأجساد أولئك ثم ساق بسند له إلى أبي عمران الجوني قال: كان أنف دانيال ذراعاً ولما كشف عنه في زمن أبي موسى قام رجل إلى جنبه فكانت ركبة دانيال محاذية لرأسه قال: والذين يدعون رؤية الخضر ليس في سائر أخبارهم ما يدل على أن جسده نظير أجسادهم ثم استدل بما أخرجه أحمد من طريق مجاهد عن الشعبي عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: " والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حياً ما وسعه إلا أن يتبعني " . قال: فإذا كان هذا في حق موسى فكيف لم يتبعه الخضر إذ لو كان حياً فيصلي معه الجمعة والجماعة ويجاهد تحت رايته كما ثبت أن عيسى يصلي خلف إمام هذه الأمة واستدل أيضاً بقوله تعالى: " وإذ أخذ الله ميثاق النبيين... " آل عمران 11 الآية. قال بن عباس: ما بعث الله نبياً إلا أحذ عليه الميثاق إن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصر به فلو كان الخضر موجوداً في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم لجاء إليه ونصره بيده ولسانه وقاتل تحت رايته وكان من أعظم الأسباب في إيمان معظم أهل الكتاب الذي يعرفون قصته مع موسى. وقال أبو الحسين بن المنادي: بحثت عن تعمير الخضر وهل هو باق أم لا فإذا أكثر المغفلين مغترون بأنه باق من أجل ما روى في ذلك قال: والأحاديث المرفوعة في ذلك واهية والسند إلى أهل الكتاب ساقط لعدم ثقتهم وخبر مسلمة بن مصقله كالخرافة وخبر رياح كالريح قال: وما عدا ذلك كله من الأخبار كلها واهية الصدور والأعجاز لا يخلو حالها من أحد أمرين إما أن تكون أدخلت على الثقات استغفالاً أو يكون بعضهم تعمد ذلك وقد قال الله تعالى: " وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد " الأنبياء 34. قال: وأهل الحديث يقولون: إن حديث أنس منكر السند سقيم المتن وإن الخضر لم يراسل نبياً ولم يلقه قال: ولو كان الخضر حياً لما وسعه التخلف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والهجرة إليه قال: وقد أخبرني بعض أصحابنا أن إبراهيم الحربي سئل عن تعمير الخضر فأنكر ذلك وقال: هو متقادم الموت قال: وروجع غيره في تعميره فقال: من أحال على غائب حي أو مفقود ميت لم ينتصف منه وما ألقى هذا بين الناس إلا الشيطان. انتهى. وقد ذكرت الأخبار التي أشار إليها وأضفت إليها أشياء كثيرة من جنسها وغالبها لا يخلو طريقه من علة والله المستعان. وفي تفسير الأصبهاني روى عن الحسن أنه كان يذهب إلى أن الخضر مات. وروى عن البخاري أنه سئل عن الخضر وإلياس هل هما في الأحياء فقال: كيف يكون ذلك وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلمفي آخر عمره: " أرأيتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض ممن هو اليوم عليها أحد " . واحتج بن الجوزي أيضاً بما ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال يوم بدر: " اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض " ولم يكن الخضر فيهم ولو كان يومئذ حياً لورد على هذا العموم فإنه كان ممن يعبد الله قطعاً. واستدل غيره بقوله صلى الله عليه وسلم: " لا نبي بعدي " ونسب إلى بن دحية القول في ذلك وهو معترض بعيسى بن مريم فإنه نبي قطعاً وثبت أنه ينزل إلى الأرض في آخر الزمان ويحكم بشريعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فوجب حمل النفي على إنشاء النبوة لأحد من الناس لا على نفي وجود نبي كان قد نبىء قبل ذلك. ذكر الأخبار التي وردت أن الخضر كان في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم بعده إلى الآن روى بن عدي في الكامل من طريق عبد الله بن نافع عن كثير بن عبد الله بن عمر بن عوف عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان في المسجد فسمع كلاماً من ورائه فإذا هو بقائل يقول: اللهم أعني على ما ينجيني مما خوفتني فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين سمع ذلك: " ألا تضم إليها أختها؟ " فقال الرجل: اللهم ارزقني شوق الصالحين إلى ما شوقتهم إليه فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنس بن مالك: " اذهب يا أنس إليه فقل له: يقول لك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تستغفر لي " فجاءه أنس فبلغه فقال الرجل: يا أنس أنت رسول رسول الله إلي فارجع فاستثبته فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " قل له نعم " فقال له: اذهب فقل له: إن الله فضلك على الأنبياء مثل ما فضل به رمضان على الشهور وفضل أمتك على الأمم مثل ما فضل يوم الجمعة على سائر الأيام فذهب ينظر إليه فإذا هو الخضر. كثير بن عبد الله ضعفه الأئمة لكن جاء من غير روايته قال أبو الحسين بن المنادي أخبرني أبو جعفر أحمد بن النضر العسكري أن محمد بن سلام المنبجي حدثهم وأخرج بن عساكر من طريق محمد بن الفضل بن جابر عن محمد بن سلام المنبجي حدثنا وضاح بن عباد الكوفي حدثنا عاصم بن سليمان الأحول حدثني أنس بن مالك قال: خرجت ليلة من الليالي أحمل مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم الطهور فسمع منادياً ينادي فقال لي: " يا أنس صه قال: فسكت فاستمع فإذا هو يقول: اللهم أعني على ما ينجيني مما خوفتني منه قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو قال أختها معها " فكأن الرجل لقن ما أراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: وارزقني شوق الصالحين إلى ما شوقتهم إليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " يا أنس ضع الطهور وائت هذا المنادي فقل له: ادع لرسول الله أن يعينه الله على ما ابتعثه به وادع لأمته أن يأخذوا ما أتاهم به نبيهم بالحق " قال: فأتيته فقلت: رحمك الله ادع الله لرسول الله أن يعينه على ما ابتعثه به وادع لأمته أن يأخذوا ما أتاهم به نبيهم بالحق فقال لي: ومن أرسلك فكرهت أن أخبره ولم استأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت له: رحمك الله ما يضرك من أرسلني ادع بما نقلت لك فقال: لا أو تخبرني بمن أرسلك قال: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت له: يا رسول الله أبى أن يدعو لك بما قلت له حتى أخبره بمن أرسلني فقال: " ارجع إليه فقل له أنا رسول رسول الله " . فرجعت إليه فقلت له: فقال لي: مرحباً برسول رسول الله أنا كنت أحق أن آتيه اقرأ على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مني السلام وقل له يا رسول الله الخضر يقرأ عليك السلام ورحمة الله ويقول لك: يا رسول الله إن الله فضلك على النبيين كما فضل شهر رمضان على سائر الشهور وفضل أمتك على الأمم كما فضل يوم الجمعة على سائر الأيام. قال: فلما وليت سمعته يقول: اللهم اجعلني من هذه الأمة المرشدة المرحومة. وأخرجه الطبراني في الأوسط عن بشر بن علي بن بشر العمي عن محمد بن سلام وقال: لم يروه عن أنس إلا عاصم ولا عنه إلا وضاح تفرد به محمد بن سلام. قلت: وقد جاء من وجهين آخرين عن أنس. وقال أبو الحسين بن المنادي: هذا حديث واه بالوضاح وغيره وهو منكر الإسناد سقيم المتن ولم يراسل الخضر نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ولم يلقه. واستبعد ابن الجوزي إمكان لقيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم واجتماعه معه ثم لا يجيء إليه. وأخرج بن عساكر من طريق أبي خالد مؤذن مسجد مسيلمة: حدثنا أبو داود عن أنس فذكر نحوه. وقال بن شاهين: حدثنا موسى بن أنس بن خالد بن عبد الله بن أبي طلحة بن موسى بن أنس بن مالك حدثنا أبي حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري حدثنا حاتم بن أبي رواد عن معاذ بن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن أنس قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات ليلة لحاجة فخرجت خلفه فسمعنا قائلاً يقول: اللهم إني أسألك شوق الصادقين إلى ما شوقتهم إليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا لها دعوة لو أضاف إليها أختها " فسمعنا القائل وهو يقول: اللهم إني أسألك أن تعينني بما ينجيني مما خوفتني منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وجبت ورب الكعبة يا أنس ائت الرجل فاسأله أن يدعو لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يرزقه الله القبول من أمته والمعونة على ما جاء به من الحق والتصديق " . قال أنس: فأتيت الرجل فقلت: يا عبد الله ادع لرسول الله فقال لي: ومن أنت فكرهت أن أخبره ولم أستأذن وأبى أن يدعو حتى أخبره فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبرته فقال لي: أخبره فرجعت فقلت له: أنا رسول رسول الله إليك فقال: مرحبا برسول الله وبرسول رسول الله فدعا له وقال: أقرأه مني السلام وقل له: أنا أخوك الخضر وأنا كنت أحق أن آتيك قال: فلما وليت سمعته يقول: اللهم اجعلني من هذه الأمة المرحومة المتاب عليها. قال الدارقطني في الأفراد: حدثنا أحمد بن العباس البغوي حدثنا أنس بن خالد حدثني محمد بن عبد الله به نحوه ومحمد بن عبد الله هذا هو أبو سلمة الأنصاري وهو واهي الحديث جداً وليس هو شيخ البخاري قاضي البصرة ذاك ثقة وهو أقدم من أبي سلمة. وروينا في فوائد أبي إسحاق إبراهيم بن محمد المزكي تخريج الدارقطني قال: حدثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا محمد بن أحمد بن زيد حدثنا عمرو بن عاصم حدثنا الحسن بن رزين عن بن جريج عن عطاء عن بن عباس - لا أعلمه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم - قال: يلتقي الخضر وإلياس في كل عام في الموسم فيحلق كل واحد منهما رأس صاحبه ويتفرقان عن هؤلاء الكلمات: " بسم الله ما شاء الله لا يسوق الخير إلا الله بسم الله ما شاء الله لا يصرف السوء إلا الله بسم الله ما شاء الله ما كان من نعمة فمن الله بسم الله ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله " . قال الدارقطني في الأفراد: لم يحدث به عن بن جريج غير الحسن بن رزين. وقال أبو جعفر العقيلي: لم يتابع عليه وهو مجهول وحديثه غير محفوظ. وقال أبو الحسين بن المنادي: هو حديث واه بالحسن المذكور انتهى. وقد جاء من غير طريقه لكن من وجه واه جداً أخرجه بن الجوزي من طريق أحمد بن عمار: حدثنا محمد بن مهدي حدثنا مهدي بن هلال حدثني بن جريج فذكره بلفظ: يجتمع البري والبحري إلياس والخضر كل عام بمكة. قال ابن عباس: بلغنا أنه يحلق أحدهما رأس صاحبه ويقول أحدهما للآخر: قل بسم الله... الخ. وزاد: قال بن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من عبد قالها في كل يوم إلا أمن من الحرق والغرق والسرق وكل شيء يكرهه حتى يمسي وكذلك قال حين يصبح " . قال بن الجوزي: أحمد بن عمار متروك عند الدارقطني ومهدي بن هلال مثله. وقال بن حبان: مهدي بن هلال يروي الموضوعات. ومن طريق عبيد بن إسحاق العطار حدثنا محمد بن ميسر عن عبد الله بن الحسن عن أبيه عن جده عن علي قال: يجتمع في كل يوم عرفة جبرائيل وميكائيل وإسرافيل والخضر فيقول جبرائيل: ما شاء الله لا قوة إلا بالله فيرد عليه ميكائيل: ما شاء الله كل نعمة فمن الله فيرد عليها إسرافيل: ما شاء الله الخير كله بيد الله فيرد عليهم الخضر: ما شاء الله لا يدفع السوء إلا الله ثم يتفرقون ولا يجتمعون إلى قابل في مثل ذلك اليوم. وعبيد بن إسحاق متروك الحديث. وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد كتاب الزهد لأبيه عن الحسن بن عبد العزيز عن السري بن يحيى عنعبد العزيز بن أبي رواد قال: يجتمع الخضر وإلياس ببيت المقدس في شهر رمضان من أوله إلى آخره ويفطران على الكرفس وإقبال الموسم كل عام وهذا معضل. وروينا في فوائد أبي علي أحمد بن محمد بن علي الباشاني: حدثنا عبد الرحيم بن حبيب الفريابي حدثنا صالح عن أسد بن سعيد عن جعفر بن محمد عن آبائه عن علي قال كنت عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكر عنده الأدهان فقال: " وفضل دهن البنفسج على سائر الأدهان كفضلنا أهل البيت على سائر الخلق " . قال: وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدهن به ويستعط فذكر حديثاً طويلاً فيه: الكراث والباذروج الجرجير والهندباء والكمأة والكرفس واللحم والحيتان. وفيه: " الكمأة من الجنة ماؤها شفاء للعين وفيها شفاء من السم وهما طعام إلياس واليسع يجتمعان كل عام بالموسم يشربان شربة من ماء زمزم فيكتفيان بها إلى قابل فيرد الله شبابهما في كل مائة عام مرة وطعامهما الكمأة والكرفس " . قال بن الجوزي: لا شك في أن هذا الحديث موضوع والمتهم به عبد الرحيم بن حبيب فقال بن حبان: إنه كان يضع الحيث وقد تقدم عن مقاتل أن اليسع هو الخضر. وقال بن شاهين: حدثنا محمد بن أحمد بن عبد العزيز الحراني حدثنا أبو طاهر خير بن عرفة حدثنا هانئ بن المتوكل حدثنا بقية عن الأوزاعي عن مكحول سمعت واثلة بن الأسقع قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غزوة تبوك حتى إذا كنا ببلاد جذام وقد كان أصابنا عطش فإذا بين أيدينا آثار غيت فسرنا ميلاً فإذا بغدير حتى إذا ذهب ثلث الليل إذا نحن بمناد ينادي بصوت حزين: اللهم اجعلني من أمة محمد المرحومة المغفور لها المستجاب لها والمبارك عليها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا حذيفة ويا أنس ادخلا إلى هذا الشعب فانظرا ما هذا الصوت " قال: فدخلنا فإذا نحن برجل عليه ثياب بيض أشد بياضاً من الثلج وإذا وجهه ولحيته كذلك وإذا هو أعلى جسماً منا بذراعين أو ثلاثة فسلمنا عليه فرد علينا السلام ثم قال: مرحباً أنتما رسولا رسول الله فقلنا: نعم من أنت يرحمك الله قال: أنا إلياس النبي خرجت أريد مكة فرأيت عسكركم فقال لي جند من الملائكة على مقدمتهم جبرائيل وعلى ساقتهم ميكائيل: هذا أخوك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسلم عليه والقه ارجعا إليه فاقرأه عني السلام وقولا له لم يمنعني من الدخول إلى عسكركم إلا أني تخوفت أن تذعر الإبل ويفزع المسلمون من طولي فإن خلقي ليس كخلقكم قولا له صلى الله عليه وآله وسلم يأتيني. قال حذيفة وأنس: فصافحناه فقال لأنس: يا خادم رسول الله من هذا قال: هذا حذيفة صاحب سر رسول الله فرحب به ثم قال: والله إنه لفي السماء أشهر منه في الأرض يسميه أهل السماء صاحب سر رسول الله قال حذيفة: هل تلقى الملائكة قال: ما من يوم إلا وأنا ألقاهم يسلمون علي وأسلم عليهم. فأتينا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فخرج معنا حتى أتينا الشعب فإذا ضوء وجه إلياس وثيابه كالشمس فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " على رسلكم " فتقدمنا قدر خمسين ذراعاً فعانقه ملياً ثم قعدا فرأينا شيئاً يشبه الطير العظام قد أحدقت بهما وهي بيض وقد نشرت أجنحتها فحالت بيننا وبينهما ثم صرخ بنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: " يا حذيفة ويا أنس تقدما " فإذا بين أيديهما مائدة خضراء لم أر شيئاً قط أحسن منها قد غلبت خضرتها بياضنا فصارت وجوهنا خضراء وثيابنا خضراء وإذا عليها جبن وتمر ورمان وموز وعنب ورطب وبقل ما خلا الكراث فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " كلوا بسم الله " فقلنا يا رسول الله أين طعام الدنيا هذا قال: " لا " قال لنا: هذا رزقي ولي في كل أربعين يوماً وليلة أكلة تأتيني بها الملائكة فكان هذا تمام الأربعين وهو شيء يقول الله له: كن فيكون فقلنا: من أين وجهك قال: من خلف رومية كنت في جيش من الملائكة مع جيش من مسلمي الجن غزونا أمة من الكفار قلنا: فكم مسافة ذلك الموضع الذي كنت فيه قال: أربعة أشهر: وفارقتهم أنا منذ عشرة أيام وأنا أريد مكة أشرب منها في كل سنة شربة وهي ريي وعصمتي إلى تمام الموسم من قابل قلنا: وأي المواطن أكثر مثواك قال: الشام وبيت المقدس والمغرب واليمن وليس من مسجد من مساجد محمد إلا وأنا أدخله صغيراً أو كبيراً فقلنا متى عهدك بالخضر قال: منذ سنة كنت قد التقيت أنا وهو بالموسم وأنا ألقاه بالموسم وقد كان قال لي: إنك ستلقى محمداً قبلي فاقرأه مني السلام وعانقه وبكى وعانقنا وبكى وبكينا فنظرنا إليه حين هوى في السماء كأنه حمل حملاً فقلنا: يا رسول الله لقد رأينا عجباً إذ هوى إلى السماء قال: يكون بين جناحي ملك حتى ينتهي به حيث أراد. قال بن الجوزي: لعل بقية سمع هذا من كذاب فدلسه عن الأوزاعي قال: وخير بن عرفة لا يدري من هو. قلت: هو محدث مصري مشهور واسم جده عبد الله بن كامل يكنى أبا الطاهر روى عنه أبو طالب الحافظ به شيخ الدارقطني وغيره ومات سنة وقد رواه غير بقية عن الأوزاعي على صفة أخرى قال بن أبي الدنيا: حدثني إبراهيم بن سعيد الجوهري حدثنا يزيد بن يزيد الموصلي التيمي مولى لهم حدثنا أبو إسحاق الجرشي عن الأوزاعي عن مكحول عن أنس قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى إذا كنا بفج الناقة بهذا الحجر إذا نحن بصوت يقول: اللهم اجعلني من أمة محمد المرحومة المغفور لها المتاب عليها المستجاب منها فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أنس انظر ما هذا الصوت " قال: فدخلت الجبل فإذا رجل أبيض الرأس واللحية عليه ثياب بيض طوله أكثر من ثلاثمائة ذراع فلما نظر إلي قال: أنت رسول رسول الله قلت: نعم قال: ارجع إليه فاقرأ عليه مني السلام وقل له: هذا أخوك إلياس يريد يلقاك فجاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنا معه حتى إذا كنت قريباً منه تقدم وتأخرت فتحدثا طويلاً فنزل عليهما شيء من السماء شبيه السفرة فدعواني فأكلت معهما فإذا فيها كمأة ورمان وكرفس فلما أكلت قمت فتنحيت وجاءت سحابة فاحتملته أنظر إلي بياض ثيابه فيها تهوى به قبل الشام فقلت للنبي صلى الله عليه وسلم: بأبي أنت وأمي هذا الطعام الذي أكلنا من السماء نزل عليك قال: سألته عنه فقال: لي أتاني به جبريل لي كل أربعين يوماً أكلة وفي كل حول شربة من ماء زمزم وربما رأيته على الجب يمسك بالدلو فيشرب وربما سقاني. قال بن الجوزي: يزيد وإسحاق لا يعرفان وقد خالف هذا الذي قبله في طول إلياس. وأخرج بن عساكر من طريق علي بن الحسين بن الدوري عن هشام بن خالد عن الحسن بن يحيى الخشني عن بن أبي رواد قال: الحضر وإلياس يصومان ببيت المقدس ويحجان في كل سنة ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلى مثلها من قابل. ثم وجدت في زيادات الزهد لعبد الله بن أحمد بن حنبل قال: وجدت في كتاب أبي بخطه حدثنا مهدي بن جعفر حدثني ضمرة عن السري بن يحيى عن بن أبي رواد قال: إلياس والخضر يصومان شهر رمضان ببيت المقدس ويوافيان الموسم في كل عام قال عبد الله: وحدثني الحسن - هو ابن رافع عن ضمرة عن السري عنعبد العزيز بن أبي رواد مثله. وقال بن جرير في تاريخه: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم المصري حدثنا محمد بن المتوكل حدثنا ضمرة بن ربيعة عن عبد الله بن شوذب قال: الخضر من ولد فارس وإلياس من بني إسرائيل يلتقيان في كل عام بالموسم. باب ما جاء في بقاء الخضر بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن نقل عنه أنه رآه وكلمه قال الفاكهي في كتاب مكة: حدثنا الزبير بن بكار حدثني حمزة بن عتبة حدثني محمد بن عمران عن جعفر بن محمد بن علي هو الصادق بن الباقر قال: كنت مع أبي بمكة في ليالي العشر وأبي قائم يصلي في الحجر فدخل عليه رجل أبيض الرأس واللحية شثن الآراب فجلس إلى جنب أبي فخفف فقال: إني جئتك يرحمك الله تخبرني عن أول خلق هذا البيت قال: ومن أنت قال: أنا رجل من أهل هذا المغرب قال: إن أول خلق هذا البيت أن الله لما رد عليه الملائكة حيث قالوا: " أتجعل فيها من يفسد فيها " البقرة 30 غضب فطافوا بعرشه فاعتذروا فرضي عنهم وقال: اجعلوا لي في الأرض بيتاً يطوف به من عبادي من غضبت عليه فأرضى عنه كما رضيت عنكم. فقال له الرجل: إي يرحمك الله ما بقي من أهل زمانك أعلم منك ثم ولى فقال لي أبي: أدرك الرجل فرده علي قال: فخرجت وأنا أنظر إليه فلما بلغ باب الصفا مثل فكأنه لم يك شيئاً فأخبرت أبي فقال: تدري من هذا قلت: لا قال: هذا الخضر. وهكذا ذكره الزبير في كتاب النسب بهذا السند وفي روايته: أبيض الرأس واللحية جليل العظام بعيد ما بين المنكبين عريض الصدر عليه ثوبان غليظان في هيئة المحرم فجلس إلى جنبه فعلم أنه يريد أن يخفف فخفف الصلاة فسلم ثم أقبل عليه فقال له الرجل: يا أبا جعفر. وأخرج ابن عساكر من طريق إبراهيم بن عبد الله بن المغيرة عن أبيه: حدثني أبي أن قوام المسجد قالوا للوليد بن عبد الملك: إن الخضر كل ليلة يصلي في المسجد. وقال إسحاق بن إبراهيم الجبلي في كتاب الديباج له: حدثنا عثمان بن سعيد الأنطاكي حدثنا علي بن الهيثم المصيصي عن عبد الحميد بن بحر عن سلام الطويل عن داود بن عون الطفاوي عن رجل كان مرابطاً في بيت المقدس وبعسقلان قال: بينا أنا أسير في وادي الأردن إذا أنا برجل في ناحية الوادي قائم يصلي فإذا سحابة تظله من الشمس فوقع في قلبي انه إلياس النبي فأتيته فسلمت عليه فانفتل من صلاته فرد على السلام فقلت له من أنت يرحمك الله فلم يرد على شيئاً فاعدت عليه القول مرتين. فقال: أنا إلياس النبي فأخذتني رعدة شديدة خشيت على عقلي أن يذهب فقلت له:إن رأيت يرحمك الله أن تدعو لي أن يذهب الله عني ما أجد حتى أفهم حديثك قال: فدعا لي بثمان دعوات فقال: يا بر يا رحيم يا حي يا قيوم يا حنان يا منان يا هياشر اهيا فذهب عني ما كنت أجد فقلت له: إلى من بعثت قال: إلى أهل بعلبك قلت: فهل يوحي إليك اليوم فقال: أما بعد بعث محمد خاتم النبيين فلا قلت: فكم من الأنبياء في الحياة قال: أربعة أنا والخضر في الأرض وإدريس وعيسى في السماء قلت: فهل تلتقي أنت والخضر قال: نعم في كل عام بعرفات قلت فما حديثكما قال: يأخذ من شعري وآخذ من شعره قلت: فكم الأبدال قال: هم ستون رجلاً خمسون ما بين عريش مصر إلى شاطئ الفرات ورجلان بالمصيصة ورجل بأنطاكية وسبعة في سائر الأمصار بهم تسقون الغيث وبهم تنصرون على العدو وبهم يقيم الله أمر الدنيا حتى إذا أراد أن يهلك الدنيا أماتهم جميعاً. وفي إسناده جهالة ومتروكون. وقال بن أبي حاتم في التفسير: حدثنا أبي أخبرنا عبد العزيز الأوسي حدثنا علي بن أبي علي الهاشمي عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه أن علي بن أبي طالب قال لما توفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجاءت التعزية فجاءهم آت يسمعون حسه ولا يرون شخصه فقال: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة إن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفاً من كل هالك ودركاً من كل ما فات فبالله فثقوا وإياه فأرجو فإن المصاب من حرم الثواب. قال جعفر: أخبرني أبي أن علي بن أبي طالب قال: تدرون من هذا هذا الخضر. ورواه محمد بن منصور الجزار عن محمد بن جعفر بن محمد وعبد الله بن ميمون القداح جميعاً عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين سمعت أبي يقول: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم: جاءت التعزية يسمعون حسه ولا يرون شخصه: السلام عليكم ورحمة الله أهل البيت إن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفاً من كل هالك ودركاً من كل ما فات فبالله فثقوا وإباه فأرجوا فإن المحروم من حرم الثواب فقال علي: تدرون من هذا هذا الخضر. قال بن الجوزي: تابعه محمد بن صالح عن محمد بن جعفر ومحمد بن صالح ضعيف. قلت: ورواه الواقدي وهو كذاب قال: ورواه محمد بن أبي عمر عن محمد بن جعفر وابن أبي عمر مجهول. قلت: وهذا الإطلاق ضعيف فإن بن أبي عمر أشهر من أن يقال فيه هذا هو شيخ مسلم وغيره من الأئمة وهو ثقة حافظ صاحب مسند مشهور مروى وهذا الحديث فيه أخبرني به شيخنا حافظ العصر أبو الفضل بن الحسين رحمه الله قال: أخبرني أبو محمد بن القيم أخبرنا أبو الحسن بن البخاري عن محمد بن معمر أخبرنا سعيد بن أبي الرجاء أخبرنا أحمد بن محمد بن النعمان أخبرنا أبو بكر بن المقرى أخبرنا إسحاق بن أحمد الخزاعي حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني حدثنا محمد بن جعفر بن محمد قال: كان أبي - هو جعفر بن محمد الصادق - يذكر عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب أنه دخل عليهم نفر من قريش فقال: ألا أحدثكم عن أبي قاسم قالوا: بلى فذكر الحديث بطوله في وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلموني آخره: فقال جبرائيل: " يا أحمد عليك السلام هذا آخر وطئي الأرض إنما كنت أنت حاجتي من الدنيا " . فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجاءت التعزية جاء آت يسمعون حسه ولا يرون شخصه فقال: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله إن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفاً من كل هالك ودركاً من كل فائت فبالله فثقوا وإياه فارجوا فإن المحروم من حرم الثواب وإن المصاب من حرم الثواب والسلام عليكم. فقال علي: هل تدرون من هذا هذا الخضر انتهى. ومحمد بن جعفر هذا هو أخو موسى الكاظم حدث عن أبيه وغيره. وروى عنه إبراهيم بن المنذر وغيره وكان قد دعا لنفسه بالمدينة ومكة وحج بالناس سنة مائتين وبايعوه بالخلافة فحج المعتصم فظفر به فحمله إلى أخيه المأمون بخراسان فمات بجرجان سنة ثلاث ومائتين. وذكر الخطيب في ترجمته أنه لما ظفر به صعد المنبر فقال: أيها الناس إني قد كنت حدثتكم بأحاديث زورتها فشق الناس الكتب التي سمعوها منه وعاش سبعين سنة. قال البخاري: أخوه إسحاق أوثق منه وأخرج له الحاكم حديثاً قال الذهبي: إنه ظاهر النكارة في ذكر سلمان بن داود عليهما السلام. وقال البيهقي أيضاً: أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن عمرو الأحمسي حدثنا الحسن بن حميد بن الربيع اللخمي حدثنا عبد الله بن أبي زياد حدثنا سيار بن أبي حاتم حدثنا عبد الواحد بن سليمان الحارثي حدثنا الحسن بن علي عن محمد بن علي - هو ابن الحسين بن علي قال: لما كان قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هبط إليه جبرائيل فذكر قصة الوفاة مطولة وفيه: فأتاهم آت يسمعون حسه ولا يرون شخصه فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... فذكر مثله في التعزية. وأخرج سيف بن عمر التميمي في كتاب لردة له عن سعيد بن عبد الله عن بن عمر قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جاء أبو بكر حتى دخل عليه فلما رآه مسحى قال: " إنا لله وإنا إليه راجعون " البقرة 156 ثم صلى عليه فرفع أهل البيت عجيجاً سمعه أهل المصلى فلما سكن ما بهم سمعوا تسليم رجل على الباب صيت جليد يقول: السلام عليكم بأهل البيت كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة ألا وإن في الله خلفاً من كل أحد ونجاة من كل مخافة والله فأرجوا وبه فثقوا فإن المصاب من حرم الثواب. فاستمعوا له وقطعوا البكاء ثم اطلعوا فلم يروا أحداً فعادوا لبكائهم فناداهم مناد آخر: يأهل البيت اذكروا الله واحمدوه على كل حال تكونوا من المخلصين إن في الله عزاء من كل مصيبة وعوضاً من كل هلكة فبالله فثقوا وإياه فأطيعوا فإن المصاب من حرم الثواب. فقال أبو بكر: هذا الخضر وإلياس قد حضرا وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسنده فيه مقال وشيخه لا يعرف. وقال بن أبي الدنيا: حدثنا كامل بن طلحة حدثنا عباد بن عبد الصمد عن أنس بن مالك قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اجتمع أصحابه حوله يبكون فدخل عليهم رجل أشعر طويل المنكبين في إزار ورداء يتخطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى أخذ بعضادتي باب البيت فبكى ثم أقبل على أصحابه فقال: إن في الله عزاء من كل مصيبة وعوضاً من كل ما فات وخلفاً من كل هالك فإلى الله فأنيبوا وبنظره إليكم في البلاء فانظروا فإنما المصاب من لم يحز الثواب ثم ذهب الرجل. فقال أبو بكر: علي بالرجل فنظروا يميناً وشمالاً فلم يروا أحداً فقال أبو بكر: لعل هذا الخضر أخو نبينا جاء يعزينا عليه صلى الله عليه وسلم. وعباد ضعفه البخاري والعقيلي. وقد أخرجه الطبراني في الأوسط عن موسى بن أبي هارون عن كامل وقال: تفرد به عباد عن أنس. وقال الزبير بن بكار في كتاب النسب: حدثني حمزة بن عتبه اللهبي حدثنا محمد بن عمران عن جعفر بن محمد - هو الصادق قال: كنت مع أبي محمد بن علي بمكة في ليالي العشر قبل التروية بيوم أو يومين وأبي قائم يصلي في الحجر وأنا جالس وراءه فجاءه رجل أبيض الرأس واللحية جليل العظام بعيد ما بين المنكبين عريض الصدر عليه ثوبان غليظان في هيئة المحرم فجلس إلى جنبه فعلم أبي أنه يريد أن يخفف فخفف الصلاة فسلم ثم أقبل عليه فقال له الرجل: يا أبا جعفر أخبرني عن بدء خلق هذا البيت كيف كان فقال له أبو جعفر: فمن أنت يرحمك الله قال: رجل من أهل الشام فقال: بدء خلق هذا البيت أن الله تبارك وتعالى قال للملائكة: " إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها... " البقرة 30 الآية وغضب عليهم فعاذوا بالعرش فطافوا حوله سبعة أطواف يسترضون ربهم فرضي عنهم وقال لهم: ابنوا لي في الأرض بيتاً يتعوذ به من سخطت عليه من بني آدم ويطاف حوله كما طفتم بعرشي فأرضي عنهم فبنوا له هذا البيت. فقال له الرجل: يا أبا جعفر فما يدخل هذا الركن فذكر القصة. قال جعفر: فقام الرجل فذهب فأمرني أبي أن أرده عليه فخرجت في أثره وأنا أرى أن الزحام يحول بيني وبينه حتى دخل نحو الصفا فتبصرته على الصفا فلم أره ثم ذهبت إلى المروة فلم أره عليها فجئت إلى أبي فأخبرته فقال لي أبي: لم تكن لتجده ذلك الخضر. وقال ابن شاهين في كتاب الجنائز له: حدثنا بن أبي داود حدثنا أحمد بن عمرو بن السراج حدثنا بن وهب عمن حدثه عن محمد بن عجلان عن محمد بن المنكدر قال: بينما عمر بن الخطاب يصلي على جنازة إذا هاتف يهتف من خلفه: ألا لا تسبقنا بالصلاة يرحمك الله فانتظره حتى لحق بالصف فكبر فقال: إن تعذبه فقد عصاك وإن تغفر له فإنه فقير إلى رحمتك فنظر عمر وأصحابه إلى الرجل فلما دفن الميت سوى الرجل عليه من تراب القبر ثم قال: طوبى لك يا صاحب القبر إن لم تكن عريفاً أو خائناً أو خازناً أو كاتباً أو شرطياً. فقال عمر: خذوا لي هذا الرجل تسأله عن صلاته وعن كلامه فتولى الرجل عنهم فإذا أثر ذراع فقال عمر: هذا هو والله الخضر الذي حدثنا عنه النبي صلى الله عليه وسلم. قال بن الجوزي: فيه مجهول وانقطاع بين بن المنكدر وعمر. وقال بن أبي الدنيا: حدثنا أبي حدثنا علي بن شقيق حدثنا بن المبارك أخبرنا عمر بن محمد بن المنكدر قال: بينما رجل يمشي يبيع شيئاً ويحلف قام عليه شيخ فقال: يا هذا بع ولا تحلف فعاد يحلف فقال: بع ولا تحلف فقال: أقبل على ما يعنيك قال: هذا ما يعنيني ثم قال: آثر الصدق على ما يضرك على الكذب فيما ينفعك وتكلم فإذا انقطع علمك فاسكت واتهم الكاذب فيما يحدثك به غيرك فقال: أكتبني هذا الكلام فقال: إن يقدر شيء يكن ثم لم يره فكانوا يرون أنه الخضر. قال بن الجوزي: فكأن هذا أصل الحديث وقد رواه أبو عمرو بن السماك في فوائده عن يحيى بن أبي طالب عن علي بن عاصم عن عبد الله بن عبيد الله قال: كان بن عمر قاعداً ورجل قد أقام سلعته يريد بيعها فجعل يكرر الأيمان إذ مر به رجل فقال: اتق الله ولا تحلف به كاذباً عليك بالصدق فيما يضرك وإياك والكذب فيما ينفعك ولا تزيدن في حديث غيرك فقال بن عمر لرجل: اتبعه فقل له: أكتبني هذه الكلمات فتبعه فقال: ما يقضى من شيء يكن ثم فقده فرجع فأخبر بن عمر فقال بن عمر: ذاك الخضر. قال بن الجوزي: علي بن عاصم ضعيف سيء الحفظ ولعله أراد أن يقول عمر بن محمد بن المنكدر فقال بن عمر قال: وقد رواه أحمد بن محمد بن مصعب أحد الوضاعين عن جماعة مجاهيل عن عطاء عن بن عطاء عن بن عمر. قلت: وجدت له طريقاً جيدة غير هذه عن بن عمر قال البيهقي في دلائل النبوة: أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق حدثنا أحمد بن سليمان الفقيه حدثنا الحسن بن مكرم حدثنا عبد الله بن بكر - هو السهمي حدثنا الحجاج بن فرافصه أن رجلين كانا يتبايعان عند عبد الله بن عمر فكان أحدهما يكثر الحلف فبينما هو كذلك إذ سمعهما رجل فقام عليهما فقال للذي يكثر الحلف: يا عبد الله اتق الله ولا تكثر الحلف فإنه لا يزيد في رزقك ولا ينقص من رزقك إن لم تحلف قال: امض لما يعنيك قال إن هذا مما يعنيني - قالها ثلاث مرات ورد عليه قوله فلما أراد أن ينصرف عنهما قال: اعلم أن من الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك على الكذب حيث ينفعك ولا يكن في قولك فضل على فعلك ثم انصرف. فقال عبد الله بن عمر: الحقه فاستكتبه هؤلاء الكلمات فقال: يا عبد الله أكتبني هذه الكلمات يرحمك الله فقال الرجل: ما يقدر الله يكن وأعادهن عليه حتى حفظهن ثم مشى حتى وضع إحدى رجليه في المسجد فما أدرى أرض تحته أم سماء قال: كأنهم كانوا يرون أنه الخضر أو إلياس. وقال بن أبي الدنيا: حدثنا يعقوب بن يوسف حدثنا مالك بن إسماعيل حدثنا صالح بن أبي الأسود عن محفوظ بن عبد الله عن شيخ من حضرموت عن محمد بن يحيى قال: قال علي بن أبي طالب: بينما أنا أطوف بالبيت إذا أنا برجل معلق بالأستار وهو يقول: يا من لا يشغله شيء عن سمع يا من لا يغلظه السائلون يا من لا يتبرم بإلحاح الملحين أذقني برد عفوك وحلاوة رحمتك. قال: قلت: دعاؤك عافاك الله أعده قال: وقد سمعته قلت: نعم قال: فادع به دبر كل صلاة. فوالذي نفس الخضر بيده لو أن عليك من الذنوب عدد نجوم السماء وحصى الأرض لغفر الله لك أسرع من طرفة عين وأخرجه الدينوري في المجالسة من هذا الوجه. وقد روى أحمد بن حرب النيسابوري عن محمد بن معاذ الله روي عن سفيان الثوري عن عبد الله بن محرر عن يزيد بن الأصم عن علي بن أبي طالب فذكر نحوه لكن قال: فقلت: يا عبد الله أعد الكلام قال: وسمعته قلت: نعم. قال: والذي نفس الخضر بيده - وكان الخضر يقولهن عند دبر الصلاة المكتوبة - لا يقولها أحد دبر الصلاة المكتوبة إلا غفرت ذنوبه وإن كانت مثل رمل عالج وعدد القطر وورق الشجر. ورواه محمد بن معاذ الله روي عن أبي عبيد الله المخزومي عن عبد الله بن الوليد عن محمد بن حميد عن سفيان الثوري نحوه. وروى سيف في الفتوح أن جماعة كانوا مع سعد بن أبي وقاص فرأوا أبا محجن وهو يقاتل فذكر أبي محجن بطولها وأنهم قالوا - وهم لا يعرفونه: ما هو إلا الخضر. وهذا يقتضي أنهم كانوا جازمين بوجود الخضر في ذلك الوقت. وقال أبو عبد الله بن بطة العكبري الحنبلي: حدثنا شعيب بن أحمد حدثنا أحمد بن أبي العوام حدثنا أبي حدثنا إبراهيم بن عبد الحميد الواسطي حدثنا أبين بن سفيان عن غالب بن عبد الله العقيلي عن الحسن البصري قال: اختلف رجل من أهل السنة وغيلان القدري في شيء من القدر فتراضيا بينهما على أول رجل يطلع عليهما من ناحية ذكراها فطلع عليهما أعرابي قد طوى عباءته فجعلها على كتفه فقالا: له رضيناك حكماً فيما بيننا فطوى كساءه ثم جلس عليه ثم قال: اجلسا فجلسا بين يديه فحكم على غيلان قال الحسن: ذاك الخضر. في إسناده أبين بن سفيان متروك الحديث. وقال حماد بن عمر النصيبي أحد المتروكين: حدثنا السري بن خالد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين أن مولى لهم ركب في البحر فكسر به فبينما هو يسير على ساحله إذ نظر إلى رجل على شاطئ البحر ونظر إلى مائدة نزلت من السماء فوضعت بين يديه فأكل منها ثم رفعت فقال له: بالذي وفقك لما أرى أي عباد الله أنت قال: الخضر الذي تسمع به قال: بماذا جاءك هذا الطعام والشراب فقال: بأسماء الله العظام. وأخرج أحمد في كتاب الزهد له عن حماد بن أسامة حدثنا مسعر عن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن عون بن عبد الله بن عتبة قال: بينما رجل في بستان بمصر في فتنة بن الزبير مهموماً مكباً ينكث في الأرض بشيء إذ رفع رأسه فإذا بفتى صاحب مسحاة قد سنح له قائماً بين يديه فرفع رأسه فكأنه ازدراه فقال له: مالي أراك مهموماً قال: لا شيء قال: أما الدنيا فإن الدنيا عرض حاضر يأكل منه البر والفاجر وإن الآخرة أجل صادق يحكم فيه ملك قادر حتى ذكر أن لها مفصلاً كمفاصل اللحم من أخطأ شيئاً منها أخطأ الحق. قال: فلما سمع ذلك منه أعجبه فقال: اهتمامي بما فيه المسلمون قال: فإن الله سينجيك بشفقتك على المسلمين وسأل من ذا الذي سأل الله فلم يعطه أو دعاه فلم يجبه أو توكل عليه فلم يكفه أو وثق به فلم ينجه قال فطفقت أقول: اللهم سلمني وسلم مني قال: فتجلت ولم يصب فيها بشيء. قال مسعر: يرون أنه الخضر. وأخرجه أبو نعيم في الحلية في ترجمة عون بن عبد الله من طريق أبي أسامة وهو حماد بن أسامة وقال بعده ورواه بن عيينة عن أبي مسعر. وقال إبراهيم بن محمد بن سفيان الراوي عن مسلم عقب روايته عن مسلم لحديث أبي سعيد فيه قصته الذي يقتله الدجال يقال إن هذا الرجل الخضر. وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي سعيد في قصة الدجال الحديث بطوله وفيه قصة الذي يقتله وفي آخره قال معمر: بلغني أنه يجعل على حلقه صفيحة من نحاس وبلغني أنه الخضر وهذا عزاه النووي لمسند معمر فأوهم أن له فيه سنداً وإنما هو من قول معمر. وقال أبو نعيم في الحلية: فيما أنبأنا إبراهيم بن داود شفاهاً: أخبرنا إبراهيم بن علي بن سنان أخبرنا أبو الفرج الحراني عن أبي المكارم التيمي أخبرنا أبو علي الحداد أخبرنا أبو نعيم في الحلية حدثنا عبد الله بن محمد - هو أبو الشيخ حدثنا محمد بن يحيى - هو ابن منده حدثنا أحمد بن منصور المروزي حدثنا أحمد بن حميد قال: قال سفيان بن عيينة: بينما أنا أطوف بالبيت إذ أنا برجل مشرف على الناس حسن الشيبة فقلنا بعضنا لبعض: ما أشبه هذا الرجل أن يكون من أهل العلم قال فاتبعناه حتى قضى طوافه فسار إلى المقام فصلى ركعتين فلما سلم أقبل على القبلة فدعا بدعوات ثم التفت إلينا فقال: هل تدرون ماذا قال ربكم قلنا: وما قال ربنا قال: قال ربكم: أنا الملك أدعوكم إلى أن تكونوا ملوكاً ثم أقبل على القبلة فدعا بدعوات ثم التفت إلينا فقال: هل تدرون ماذا قال ربكم قلنا له: وماذا قال ربنا حدثنا يرحمك الله قال: قال ربكم: أنا الحي الذي لا يموت أدعوكم إلى أن تكونوا أحياء لا تموتون ثم أقبل على القبلة فدعا بدعوات ثم التفت إلينا فقال: هل تدرون ماذا قال ربكم قلنا: ماذا قال ربنا حدثنا يرحمك الله قال: قال ربكم: أنا الذي إذا أردت شيئاً كان أدعوكم إلى أن تكونوا بحال إذا أردتم شيئاً كان لكم. قال بن عيينة: ثم ذهب فلم نره قال: فلقيت سفيان الثوري فأخبرته بذلك فقال: ما أشبه أن يكون هذا الخضر أو بعض هؤلاء الأبدال تابعه محرز بن أبي جدعة عن سفيان ورواها زياد بن أبي الأصبغ عن سفيان أيضاً وروى محمد بن الحسن بن الأزهر عن العباس بن يزيد عن سفيان نحوها. وروى أبو سعيد في شرف المصطفى من طريق أحمد بن محمد بن أبي برزة حدثنا محمد بن الفرات عن ميسرة بن سعيد عن أبيه: بينما الحسن في مجلس والناس حوله إذا أقبل رجل مخضرة عيناه فقال له الحسن: أهكذا ولدتك أمك أم هي بلية قال: أو ما تعرفني يا أبا سعيد قال: من أنت فانتسب له فلم يبق في المجلس أحد إلا عرفه فقال: يا هذا ما قصتك قال: يا أبا سعيد عمدت إلى جميع مالي فألقيته في مركب فخرجت أريد الصين فعصفت علينا ريح فغرقت فخرجت إلى بعض السواحل على لوح فأقمت أتردد نحوا من أربعة أشهر آكل ما أصيب من الشجر والعشب وأشرب من ماء العيون ثم قلت لأمضين على وجهي إما أن أهلك وإما أن ألحق الجواء فسرت فرفع لي قصر كأنه بناء فضة فدفعت مصراعه فإذا داخله أروقة في كل طاق منها صندوق من لؤلؤ وعليها أقفال مفاتيحها رأى العين ففتحت بعضها فخرجت من جوفه رائحة طيبة وإذا فيه رجال مدرجون في ألوان الحرير فحركت بعضهم فإذا هو ميت في صفة حي فأطبقت الصندوق وخرجت وأغلقت باب القصر ومضيت فإذا أنا بفارسين لم أر مثلهما جمالاً على فرسين أغرين محجلين فسألاني عن قصتي فأخبرتهما فقالا: تقدم أمامك فإنك تصل إلى شجرة تحتها روضة هنالك شيخ حسن الهيئة على دكان يصلي فأخبره خبرك فإنه سيرشدك إلى الطريق. فمضيت فإذا أنا بالشيخ فسلمت فرد علي وسألني عن قصتي فأخبرته بخبري كله ففزع لما أخبرته بخبر القصر ثم قال: ما صنعت قلت: أطبقت الصناديق وأغلقت الأبواب فسكن وقال: اجلس فمرت به سحابة فقالت: السلام عليك يا ولي الله فقال: أين تريدين قالت: أريد بلد كذا وكذا فلم تزل تمر به سحابة بعد سحابة حتى أقبلت سحابة فقال: أين تريدين قالت: البصرة قال: انزلي فنزلت فصارت بين يديه فقال: احملي هذا حتى ترديه إلى منزله سالماً. فلما صرت على متن السحابة قلت: أسألك بالذي أكرمك إلا أخبرتني عن القصر وعن الفارسين وعنك قال: أما القصر فقد أكرم الله به شهداء البحر ووكل بهم ملائكة يلقطونهم من البحر فيصيرونهم في تلك الصناديق مدرجين في أكفان الحرير والفارسان ملكان يغدوان ويروحان عليهم بالسلام من الله وأما أنا فالخضر وقد سألت ربي أن يحشرني مع أمة نبيكم. قال الرجل: فلما صرت على السحابة أصابني من الفزع هول عظيم حتى صرت إلى ما ترى فقال الحسن: لقد عاينت عظيماً. وروى الطبراني في كتاب الدعاء له قال: حدثنا يحيى بن محمد الحنائي حدثنا المعلى بن حرمي عن محمد بن المهاجر البصري حدثني أبو عبد الله بن التوأم الرقاشي أن سليمان بن عبد الملك أخاف رجلا وطلبه ليقتله فهرب الرجل فجعلت رسله تختلف إلى منزل ذلك الرجل يطلبونه فلم يظفروا به فجعل الرجل لا يأتي بلدة إلا قيل له: قد كنت تطلب ها هنا فلما طال عليه الأمر عزم أن يأتي بلدة لا حكم لسليمان عليها فذكر قصة طويلة فيها: فبينا هو في صحراء ليس فيها شجر ولا ماء إذ هو برجل يصلي قال: فخفته ثم رجعت إلى نفسي فقلت: والله ما معي راحلة ولا دابة قال: فقصدت نحوه فركع وسجد ثم التفت إلي فقال: لعل هذا الطاغي أخافك قلت: أجل قال: فما يمنعك من السبع قلت: يرحمك الله وما السبع قال: قل سبحان الواحد الذي ليس غيره الله سبحان القديم الذي لا بادىء له سبحان الدائم الذي لا نفاد له سبحان الذي كل يوم هو في شأن سبحان الذي يحيي ويميت سبحان الذي خلق ما نرى وما لا نرى سبحان الذي علم كل شيء بغير تعليم ثم قال: قلها فقلتها وحفظتها والتفت فلم أر الرجل. قال: وألقى الله في قلبي الأمن ورجعت راجعاً من طريقي أريد أهلي فقلت: لآتين باب سليمان بن عبد الملك فأتيت بابه فإذا هو يوم إذنه وهو يأذن للناس فدخلت وإنه لعلي فراشه فما عدا أن رآني فاستوى على فراشه ثم أومأ إلي فما زال يدنيني حتى قعدت معه على الفراش ثم قال: سحرتني وساحر أيضاً مع ما بلغني عنك فقلت: يا أمير المؤمنين ما أنا بساحر ولا أعرف السحر ولا سحرتك قال: فكيف فما ظننت أن يتم ملكي إلا بقتلك فلما رأيتك لم أستقر حتى دعوتك فأقعدتك معي على فراشي ثم قال: أصدقني أمرك فأخبرته. قال: يقول سليمان: الخضر والله الذي لا الله إلا هو علمكها اكتبوا له أماناً وأحسنوا جائزته واحملوه إلى أهله. وأخرج أبو نعيم في الحلية في ترجمة رجاء بن حيوة من تاريخ السراج ثم من رواية محمد بن ذكوان عن رجاء بن حيوة قال: إني لواقف مع سليمان بن عبد الملك وكانت لي منه منزلة إذ جاء رجل ذكر رجاء من حسن هيئته قال: فسلم فقال: يا رجاء إنك قد ابتليت بهذا الرجل وفي قربه الزيغ يا رجاء عليك بالمعروف وعون الضعيف واعلم يا رجاء أنه من كانت له منزلة من السلطان فرفع حاجة إنسان ضعيف وهو لا يستطيع رفعها لقي الله يوم القيامة وقد ثبت قدميه للحساب. واعلم أنه من كان في حاجة أخيه المسلم كان الله في حاجته واعلم يا رجاء أن من أحب الأعمال إلى الله فرجا أدخلته على مسلم ثم فقده وكان يرى أنه الخضر عليه السلام. وذكر الزبير بن بكار في الموفقيات قال: أخبرني السري بن الحارث الأنصاري من ولد الحارث بن الصمة عن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير وكان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة ويصوم الدهر قال: بت ليلة في المسجد فلما خرج الناس إذا رجل قد جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسلم ثم أسند ظهره إلى الجدار ثم قال: اللهم إنك تعلم أني كنت أمسي صائماً ثم أمسيت فلم أفطر على شيء وظللت اليوم صائماً ثم أمسيت فلم أفطر على شيء اللهم وإني أمسيت أشتهي الثريد فأطعمنيها من عندك قال: فنظرت إلي وصيف داخل من خوخة المنارة ليس في خلقه صفة الناس معه قصعة فأهوى بها إلى الرجل فوضعها بين يديه وجلس الرجل يأكل وحصبني فقال: هلم فجئت وظننت أنها من الجنة فأحببت أن آكل منها فأكلت منها لقمة فإذا طعام لا يشبه طعام أهل الدنيا ثم احتشمت فقمت فرجعت إلى مكاني فلما فرغ من أكله أخذ الوصيف القصعة ثم أهوى راجعا من حيث جاء ثم قام الرجل منصرفا فاتبعته لأعرفه فمثل فلا أدري أين سلك فظننته الخضر. وقال أبو الحسين بن المنادي في الجزء المذكور: حدثني أحمد بن ملاعب حدثنا يحيى بن سعيد السعيدي أخبرني أبو جعفر الكوفي حدثني أبو عمر النصيبي قال: خرجت أطلب مسلمة بن مصقلة بالشام وكان يقال إنه من الأبدال فلقيته بوادي الأردن فقال لي: ألا أخبرك بشيء رايته اليوم في هذا الوادي قال: قلت: بلى قال: دخلت اليوم هذا الوادي فإذا أنا بشيخ يصلي إلى شجرة فألقى في روعي أنه إلياس النبي فدنوت منه فسلمت عليه فركع فلما جلس سلم عن يمينه وعن شماله ثم أقبل علي فقال وعليك السلام فقلت: من أنت يرحمك الله قال: أنا إلياس النبي قال: فأخذتني رعدة شديدة حتى خررت على قفاي قال: فدنا مني فوضع يده بين يدي فوجدت بردها بين كتفي فقلت: يا نبي الله ادع الله أن يذهب عني ما أجد حتى أفهم كلامك عنك فدعا لي بثمانية أسماء: خمسة منها بالعربية وثلاثة بالسريانية فقال: يا واحد يا أحد يا صمد يا فرد يا وتر ودعا بالثلاثة الأسماء الأخر فلم أعرفها ثم أخذ بيدي فأجلسني فذهب عني ما كنت أجد. فقلت: يا نبي الله ألم تر إلى هذا الرجل ما يصنع يعني مروان بن محمد وهو يومئذ يحاصر أهل حمص فقال لي: مالك وماله جبار عات على الله فقلت: يا نبي الله أما إني قد مررت به قال: فأعرض عني فقلت: يا نبي الله أما إني وإن كنت قد مررت بهم فإني لم أهو أحداً من الفريقين وأنا أستغفر الله وأتوب إليه قال: فأقبل علي بوجهه ثم قال لي: قد أحسنت هكذا فقل ثم لا تعد. قلت: يا نبي الله هل في الأرض اليوم من الأبدال أحد قال: نعم هم ستون رجلاً منهم خمسون فيما بين العريش إلى الفرات ومنهم ثلاثة بالمصيصة وواحد بأنطاكية وسائر العشرة في سائر أمصار العرب. قلت: يا نبي الله هل تلتقي أنت والخضر قال: نعم نلتقي في كل موسم بمنى. قلت: فما يكون من حديثكما قال: يأخذ من شعري وآخذ من شعره قلت: يا نبي الله إني رجل خلو ليست لي زوجة ولا ولد فإن رأيت أن تأذن لي فأصحبك وأكون معك قال: إنك لن تستطيع ذلك وإنك لا تقدر على ذلك. قال: فبينما هو يحدثني إذ رأيت مائدة قد خرجت من أصل الشجرة فوضعت بين يديه ولم أر من وضعها عليها ثلاثة أرغفة فمد يده ليأكل وقال لي: كل وسم وكل مما يليك فمددت يدي فأكلت أنا وهو رغيفاً ونصفاً ثم إن المائدة رفعت ولم أر أحداً رفعها وأتى إناء فيه شراب فوضع في يده لم أر أحداً وضعه فشرب ثم ناولني فقال: اشرب فشربت أحلى من العسل وأشد بياضاً من اللبن ثم وضعت الإناء فرفع فلم أر أحداً رفعه ثم نظر إلى أسفل الوادي فإذا دابة قد أقبلت فوق الحمار ودون البغل عليه رحالة فلما انتهى إليه نزل فقام ليركب ودرت به لآخذ بغرز الرحالة فركب ثم سار ومشيت إلى جنبه وأنا أقول: يا نبي الله إن رأيت أن تأذن لي فأصحبك وأكون معك قال: ألم أقل لك لن تستطيع ذلك فقلت له: فكيف لي بلقائك قال: إني إذا رأيتك رأيتني قلت: على ذلك قال: نعم لعلك تلقاني في رمضان معتكفا ببيت المقدس واستقبلته شجرة فأخذ من ناحية ودرت من الجانب الآخر استقبله فلم أر شيئا. قال بن الجوزي: مسلمة والراوي عنه وأبو جعفر الكوفي لا يعرفون. وروى داود بن مهران عن شيخ عن حبيب أبي محمد أنه رأى رجلًا فقال له: من أنت قال: أنا الخضر. وعن محمد بن عمران عن جعفر الصادق أنه كان مع أبيه فجاءه رجل فسأله عن مسائل قال: فأمرني أن أرد الرجل فلم أجده فقال: ذاك الخضر. وعن أبي جعفر المنصور أنه سمع رجلاً يقول في الطواف: أشكو إليك ظهور البغي والفساد فدعاه فوعظه وبالغ ثم خرج فقال: اطلبوه فلم يجدوه فقال: ذاك الخضر. وأخرج بن عساكر من طريق عمر بن فروخ عن عبد الرحمن بن حبيب عن سعد بن سعيد بن أبي ظبية عن كرز بن وبرة قال: أتاني أخ لي من الشام: فأهدى إلي هدية فقلت: من أهداها إليك قال: إبراهيم التيمي قلت: ومن أهداها إلى إبراهيم التيمي قال: كنت جالسا في فناء الكعبة فأتاني رجل فقال: أنا الخضر وأهداها إلي وذكر لي تسبيحات ودعوات. وذكر أبو الحسين بن المنادي من طريق مسلمة بن عبد الملك عن عمر بن عبد العزيز أنه لقي الخضر ح. وفي المجالسة لأبي بكر الدينوري من طريق إبراهيم بن خالد عن عمر بن عبد العزيز قال: رأيت الخضر وهو يمشي مشياً سريعاً وهو يقول: صبراً يا نفس صبراً لأيام تنفذ لتلك أيام الأبد صبراً لأيام قصار لتلك الأيام الطوال. وقال يعقوب بن سفيان في تاريخه: حدثنا محمد بن عبد العزيز الرملي: حدثنا ضمرة هو ابن ربيعة عن السري بن يجيى عن رياح بن عبيدة قال رأيت رجلاً يماشي عمر بن عبد العزيز معتمداً على يده فقلت في نفسي: إن هذا الرجل جاف فلما صلى قلت يا أبا حفص من الرجل الذي كان معك معتمداً على يدك آنفاً قال: وقد رأيته يا رياح قلت: نعم قال: إني لأراك رجلاً صالحاً ذاك أخي الخضر بشرني أني سألي فأعدل. قلت: هذا أصلح إسناد وقفت عليه في هذا الباب وقد أخرجه أبو عروبة الحراني في تاريخه عن أيوب بن محمد الوراق عن ضمرة أيضاً. وأخرجه أبو نعيم في الحلية عن بن المقري عن أبي عروبة في ترجمة عمر بن عبد العزيز. وقال أبو عبد الرحمن السلمي في تصنيفه: سمعت محمد بن عبد الله الرازي يقول: سمعت بلالاً الخواص يقول: كنت في تيه بني إسرائيل فإذا رجل يماشيني فتعجبت ثم الله مت أنه الخضر فقلت: بحق الحق من أنت قال: أنا أخوك الخضر فقلت: ما تقول في الشافعي قال: من الأبدال قلت: فأحمد بن حنبل قال: صديق قلت: فبشر بن الحارث قال: لم يخلف بعده مثله قلت: بأي وسيلة رأيتك قال: ببرك لأمك. وقال أبو نعيم في الحلية: حدثنا ظفر بن محمد حدثنا عبد الله بن إبراهيم الحريري قال: قال أبو جعفر محمد بن صالح بن دريج قال بلال الخواص: رأيت الخضر في النوم فقلت له: ما تقول في بشر قال: لم يخلف بعده مثله قلت: ما تقول في أحمد بن حنبل قال: صديق. وقال أبو الحسن بن جهضم: حدثنا محمد بن داود حدثنا محمد بن الصلت عن بشر الحافي قال: كانت لي حجرة وكنت أغلقها إذا خرجت ومعي المفتاح فجئت ذات يوم وفتحت الباب ودخلت فإذا شخص قائم يصلي فراعني فقال: يا بشر لا ترع أنا أخوك أبو العباس الخضر قال بشر: فقلت له: علمني شيئاً فقال: قل أستغفر الله من كل ذنب تبت منه ثم عدت إليه وأسأله التوبة وأستغفر الله من كل عقد عقدته على نفسي ففسخته ولم أف به. وذكر عبد المغيث من حديث بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: " ما يمنعكم أن تكفروا ذنوبكم بكلمات أخي الخضر " فذكر نحو الكلمات المذكورة في حكاية بشر. وروى أبو نعيم عن أبي الحسن بن مقسم عن أبي محمد الحريري: سمعت أبا إسحاق المرستاني يقول: رأيت الخضر فعلمني عشر كلمات وأحصاها بيده: اللهم إني أسألك الإقبال عليك والإصغاء إليك والفهم عنك والبصيرة في أمرك والنفاذ في طاعتك والمواظبة على إرادتك والمبادرة إلى خدمتك وحسن الأدب في معاملتك والتسليم والتفويض إليك. وقال أبو الحسن بن جهضم: حدثنا الخلدي حدثنا بن مسروق حدثنا أبو عمران الخياط قال: قال لي الخضر: ما كنت أظن أن لله ولياً إلا وقد عرفته فكنت بصنعاء اليمن في المسجد والناس حول عبد الرزاق يسمعون منه الحديث وشاب جالس ناحية المسجد. فقال لي: ما شأن هؤلاء قلت: يسمعون من عبد الرزاق قال: عمن قلت: عن فلان عن فلان عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: هلا سمعوا عن الله عز وجل قلت: فأنت تسمع عن الله عز وجل قال: نعم قلت: من أنت قال: الخضر قال: فعلمت أن لله أولياء ما عرفتهم. ابن جهضم معروف بالكذب. وعن الحسن بن غالب قال: حججت فسبقت الناس وانقطع بي فلقيت شاباً فأخذ بيدي فالحقني بهم فلما قدمت قال لي أهلي: إننا سمعنا أنك هلكت فرحنا إلى أبي الحسن القزويني فذكرنا ذلك له وقلنا: ادع الله له فقال: ما هلك وقد رأى الخضر قال: فلما قدمت جئت إليه فقال لي: ما فعل صاحبك قال الحسن بن غالب وكنت في مسجدي فدخل علي رجل فقال: غداً تأتيك هدية فلا تقبلها وبعدها بأيام تأتيك هدية فاقبلها قال: فبلغني أن أبا الحسن القزويني قال عني: قد رأى الخضر مرتين. قال بن الجوزي: الحسن بن غالب كذبوه. وأخرج بن عساكر في ترجمة أبي زرعة الرازي بسند صحيح إلى أبي زرعة أنه لما كان شاباً لقي رجلاً مخضوباً بالحناء فقال له: لا تغش أبواب الأمراء قال: ثم لقيته بعد أن كبرت وهو على حالته فقال لي: ألم أنهك عن غشيان أبواب الأمراء قال: ثم التفت فلم أره فكأن الأرض انشقت فدخل فيها فخيل لي أنه الخضر فرجعت فلم أزر أميراً ولا غشيت بابه ولا سألته حاجة. وذكر بن أبي حاتم في الجرح والتعديل عبد الله بن عمر روى كلاماً في الزهد عن رجل تراءى له ثم غاب عنه فلم يدر كيف ذهب فكان يرى أنه الخضر. روى نعيم بن ميسرة عن رجل من يحصب عنه وروينا في الجزء الأول من فوائد الحافظ أبي عبد الله محمد بن مسلم بن وارة الرازي حدثني الليث بن خالد أبو عمرو وكان ثقة حدثنا المسيب أبو يحيى وكان من أصحاب مقاتل بن حيان عن مقاتل بن حيان قال: وفدت على عمر بن عبد العزيز فإذا أنا برجل أو شيخ يحدثه أو قال متكئ عليه قال: ثم لم أره فقلت: يا أمير المؤمنين رأيت رجلاً يحدثك قال: ورأيته قلت: نعم قال: ذاك أخي الخضر يأتيني فيوفقني ويسددني. وروينا في أخبار إبراهيم بن أدهم: قال إبراهيم بن بشار خادم إبراهيم بن أدهم: صحبته بالشام فقلت: يا أبا إسحاق أخبرني عن بدء أمرك قال: كنت شاباً قد حببت إلى الصيد فخرجت يوماً فأثرت أرنباً أو ثعلباً فبينا أنا أطرده إذ هتف بي هاتف لا أراه يا إبراهيم الله ذا خلقت أبهذا أمرت ففزعت ووقفت ثم تعوذت وركضت الدابة ففعل ذلك مراراً ثم هتف بي هاتف من قربوس السرج والله ما لهذا خلقت ولا بهذا أمرت قال: فنزلت فصادفت راعياً لأبي يرعي الغنم فأخذت جبة الصوف فلبستها ودفعت إليه الفرس وما كان معي وتوجهت إلى مكة فبينا أنا في البادية إذا أنا برجل يسير ليس معه إناء ولا زاد فلما أمسى وصلى المغرب حرك شفتيه بكلام لم أفهمه فإذا أنا بإناء فيه طعام وإناء فيه شراب فأكلت معه وشربت وكنت على هذا أياماً وعلمني اسم الله الأعظم ثم غاب عني وبقيت وحدي فبينا أنا ذات يوم مستوحش من الوحدة دعوت الله فإذا شخص آخذ بحجزتي فقال لي: سل تعطه فراعني قوله فقال لي: لا روع عليك أنا أخوك الخضر. وذكر عبد المغيث بن زهير الحربي الحنبلي في جزء جمعه في أخبار الخضر عن أحمد بن حنبل قال: كنت ببيت المقدس فرأيت الخضر وإلياس. وعن أحمد قال: كنت نائماً فجاءني الخضر فقال: قل لأحمد: إن ساكني السماء والملائكة راضون عنك. وعن أحمد بن حنبل أنه أخرج إلى مكة فصحب رجلاً: قال: فوقع في نفسي أنه الخضر. قال بن الجوزي في نقض ما جمعه عبد المغيث: لا يثبت هذا عن أحمد. قال: وذكر فيه عن معروف الكرخي أنه قال: حدثني الخضر قال: ومن أين يصح هذا عن معروف؟ وقال أبو حيان في تفسيره: أولع كثير ممن ينتمي إلى الصلاح أن بعضهم يرى الخضر وكان الإمام أبو الفتح القشيري يذكر عن شيخ له أنه رأى الخضر وحدثه فقيل له: من أعلمه أنه الخضر أم كيف عرف ذلك فسكت قال: ويزعم بعضهم أن الخضرية يتولاها بعض الصالحين على قدم الخضر ومنه قول بعضهم لكل زمان خضر. قلت: وهذا فيه بعد تسليم أن الخضر المشهور مات. قال أبو حيان: وكان بعض شيوخنا في الحديث وهو عبد الواحد العباسي الحنبلي يعتقد أصحابه فيه أنه يجتمع بالخضر. قلت: وذكر لي الحافظ أبو الفضل العراقي بن الحسين شيخنا أن الشيخ عبد الله بن أسعد اليافعي كان يعتقد أن الخضر حي قال: فذكرت له ما نقل عن البخاري والحربي وغيرهما من إنكار ذلك فغضب وقال: من قال إنه مات غضبت عليه قال: فقلنا رجعنا عن اعتقاد موته انتهى. وأدركنا بعض من كان يدعى أنه يجتمع بالخضر منهم القاضي علم الدين البساطي الذي ولي قضاء المالكية في زمن الظاهر برقوق والله تعالى أعلم وبغيبه أحكم.- ومات موسى في سبعة أيام من آذار في أرض موآب ودفن في الوادي من أرض موآب وله مائة وعشرون سنة وتولى الأمر بعد موسى يوشع بن نون، سفر حزقيل يذكر فيه حكم طبيعية وفلكية مرموزة، وأخبار يأجوج ومأجوج. ورابعها اثني عشر سفراً: فيه إنذارات بزلازل وجراد وغيرها، وإشارة إلى المنتظر والمحشر، ونبوة يونس عليه السلام وابتلاع الحوت له وتوبته، ونبوة زكريا عليه السلام وبشارة بورود الخضر عليه السلام. فيما يضاف وينسب إلى الأنبياءوصايا آدم، شهرة آدم، سفينة نوح، غراب نوح، عمر نوح، مقام إبراهيم، نار إبراهيم، صحف إبراهيم، ضيف إبراهيم، تحفة إبراهيم، وعد إسماعيل، ناقة صالح، رؤيا يوسف، ذئب يوسف قميص يوسف، حسن يوسف، سنو يوسف، ريح يوسف، عصا موسى، نار موسى، يد موسى، بقية قوم موسى، لطمة موسى، خليفة الخضر، صبر أيوب، حوت يونس، درع داود، نغمة داود، مزامير داود، خاتم سليمان، جن سليمان، سير سليمان، ملك سليمان، حمار عزير، طب عيسى، دم يحيى بن زكريا، بردة النبي صلى الله عليه وسلم، داء الأنبياء عليهم السلام، فقر الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين. أسماء الزيارات التي من الله بها في القدس الشريف وغيره: الصخرة الشريفة، المسجد الأقصى، باب حطة، قبة النبي عليه السلام، قبة الأرواح، قبة المعراج، باب الجنة، بلاطة الجنة، أصابع جبريل، باب السلام، قبة النبي سليمان، محراب الأنبياء، قدم الرسول، قبلة الأنبياء، محراب إدريس، قدم إدريس، باب الصخرة، الغار، لسان الصخرة، محراب سليمان، مقام الخضر، مقام الخليل، محراب داود، محراب الإمام الحنفي، محكمة داود، مقام الميزان، باب الأقصى، عامود الرسول، مصحف عثمان، جامع عمر، محراب يحيى وزكريا، مهد عيسى، محراب مريم، مقام الحواريين، مقام الأربعين، باب التوبة، باب الرحمة، كرسي سليمان، باب المعراج، ورقة حمزة، وزيارة حلقة البراق، قبر الشيخ عبيد، قبر الشيخ موسى العلمي، الشيخ حيدر، زاوية الشيخ الأزرق وولده إسحق، مقام سيدنا داود، قبر الشيخ أحمد الثوري، الشيخ أحمد الدبسي، النبي داود، النبي إلياس، الشيخ محمد المفتي، قبر زكيا وزوجته، شداد بن أوس الصحابي، عبادة بن الصامت، السراج الهندي، قبر مريم، قبر رابعة، جبل الطور، وما فيه من الأنبياء والأولياء والصالحين، سلمان الفارسي، الشيخ محمد العلمي، الشيخ عنتر، الشيخ غياث، تربة ما ملا، أبو عبد الله القرشي، أبو رسلان البرماوي، الكمال بن أبي شريف، ابن الهايم، أحمد الدجاني، الشيخ قيمر، عمر المجرد، الشيخ لؤلؤ، الشيخ أبو شوشة، زاوية أبي يزيد البسطامي، الشيخ مكي، الشيخ ابن علي بن علين، زاوية الأدهمية، وفيها قبور الصالحين، النبي شمويل، قبر موسى عليه السلام، قبر العزير عليه السلام، قبر يونس في درب الخليل، إبراهيم عليه السلام، زيارة إسحاق، النبي يعقوب، قبر يوسف، الست سارة زوجة إبراهيم، الست ليئة زوجة يعقوب، رفقة زوجة إسحق، قبرلوط، مقام الأربعين، زاوية ابن زقاعة. في اللغة واشتقاق الاسم الخضر بمعنى الأخضر والخضر في كتاب الله الزرع { فأخرجنا منه خضراً } أي من النبات غضاً ناضراً طرياً وفي الكلام كل نبات من الخضرة الخضر النضارة ولا مدخل للون فيه ومنه الدنيا خضرة حلوة والأخضر يغلب في اللون وفي العامية يقولنا طينة خضراء أي لم تجف بعد وكائن عود أخضر كناية عن صغر سنة وما كان به شعرة سمراء وأخرى بيضاء يسمونه أخضر في التوقيت الرحلة كانت في وقت الفيضان بمصر في فصل الصيف وكانت قرى مصر كأنها جزر يسير السائر على الأقدام على الجسور ويتم التنقل من بر لبر عبر السفن النيلية كان الخضر في أيام أفريدون ( من هو) قبل موسى وكان على مقدمة ذي القرنين الأكبر وبقي إلى أيام موسى ، وذكر أيضاً في أسئلة موسى أنه قال : إن كان في عبادك من هو أعلم مني فادللني عليه ، قال : أعلم منك الخضر مسجد الخضربعد قتل الغلام (تفسير البحر المحيط) توهم قوم أن اليسع هو إلياس وهو وهم ، فإن الله أفرد كل واحد منهما ، وقال وهب : اليسع صاحب إلياس ، وكانوا قبل يحيى وعيسى وزكريا . وقيل : إلياس هو إدريس ، وهذا غير صحيح ، لأن إدريس جدّ نوح وإلياس من ذريته . وقيل : إلياس هو الخضر وقيل : لا بل اليسع هو الخضر { وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى العالمين } أي كل واحد فضلناه بالنبوّة على عالمي زمانه(الشوكاني: فتح القدير) قال الزمخشري : من بدع التفاسير أن البحرين موسى والخضر لأنهما كانا بحرين في العلم. وقيل : بحر القلزم . وقيل : بحر الأزرق الظاهر أن { مجمع البحرين } عن قتادة في قوله : { مَجْمَعَ البحرين } قال : بحر فارس والروم ، وهما نحو المشرق والمغرب . هو اسم مكان جمع البحرين . وقيل : مصدر وعندي والله أعلم هو مجمع البحرين بجنوب دلتا النيل بمصر حيث كان الملتقى والمجمع بحث يجتمع القادم من البحر الأحمرعبر اليم (قناةسيزوستريس) والمتوسط من دمياط ورشيد مرورا بالبحر الفرعوني الذي يربط فرع رشيد بدمياط ومن بحر النيل الجنوبي وخليج منف قديما ومجمعهما أيضا في نفس النقطة وهو اليوم قريب من قرية الفرعونية بأشمون من شنواي لبير شمس والله أعلم يضرب المثل تشبيهي بالذراعين { فَلَمَّا بَلَغَا } أي : موسى وفتاه { مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا } أي : بين البحرين ، وأضيف مجمع إلى الظرف توسعاً وقيل : البين : بمعنى الافتراق أي : البحران المفترقان يجتمعان هناك ، وقيل : الضمير لموسى والخضر ، أي : وصلا الموضع الذي فيه اجتماع شملهما ، ويكون البين على هذا بمعنى الوصل ، لأنه من الأضداد ، والأوّل أولى { نَسِيَا حُوتَهُمَا } قال المفسرون : إنهما تزوّدا حوتاً مملحاً في زنبيل ، وكانا يصيبان منه عند حاجتهما إلى الطعام ، وكان قد جعل الله فقدانه أمارة لهما على وجدان المطلوب . والمعنى أنهما نسيا بفقد أمره ، وقيل : الذي نسي إنما هو فتى موسى ، لأنه وكل أمر الحوت إليه ، وأمره أن يخبره إذا فقده ، فلما انتهيا إلى ساحل البحر وضع فتاه المكتل الذي فيه الحوت فأحياه الله ، فتحرّك واضطرب في المكتل ، ثم انسرب في البحر ، ولهذا قال : { فاتخذ سَبِيلَهُ فِى البحر سَرَباً } انتصاب { سرباً } على أنه المفعول الثاني لاتخذ ، أي اتخذ سبيلاً سرباً ، والسرب : النفق الذي يكون في الأرض للضبّ ونحوه من الحيوانات ، وذلك أن الله سبحانه أمسك جرية الماء على الموضع الذي انسرب فيه الحوت فصار كالطاق ، فشبه مسلك الحوت في البحر مع بقائه وانجياب الماء عنه بالسرب الذي هو الكوّة المحفورة في الأرض . قال الفراء : لما وقع في الماء جمد مذهبه في البحر فكان كالسرب ، فلما جاوزا ذلك المكان الذي كانت عنده الصخرة وذهب الحوت فيه انطلقا ، فأصابهما ما يصيب المسافر من النصب والكلال ، ولم يجدا النصب حتى جاوزا الموضع الذي فيه الخضر ، ولهذا قال سبحانه : { فَلَمَّا جَاوَزَا } أي : مجمع البحرين الذي جعل موعداً للملاقاة { قَالَ لفتاه ءاتِنَا غَدَاءنَا } وهو ما يؤكل بالغداة ، وأراد موسى أن يأتيه بالحوت الذي حملاه معهما { لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هذا نَصَباً } أي : تعباً وإعياء ، قال المفسرون : الإشارة بقوله { سفرنا هذا } إلى السفر الكائن منهما بعد مجاوزة المكان المذكور ، فإنهما لم يجدا النصب إلا في ذلك دون ما قبله { قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصخرة } فتح القدير كان الحوت مالحاً . وقيل : مشوياً . وقيل : طرياً . وقيل : جمع يوشع الحوت والخبز في مكتل فنزلا ليلة على شاطىء عين تسمى عين الحياة (بير شمس عند المصريين )ونام موسى ، فلما أصاب السمكة روح الماء وبرده عاشت قيل : عاد موضع سلوك الحوت حجراً طريقاً وأن موسى مشى عليه متبعاً للحوت حتى أفضى به ذلك إلى جزيرة في البحر وفيها وجد الخضر { فلما جاوزا } أي مجمع البحرين . وقال الزمخشري : الموعد وهو الصخرة . قيل : سارا بعد مجاوزة الصخرة الليلة والغد إلى الظهر وألقى على موسى النصب والجوع حين جاوزا لموعد ولم ينصب ولا جاع قبل ذلك فتذكر الحوت وطلبه . وقوله { من سفرنا } هذا إشارة إلى مسيرهما وراء الصخرة { فارتدا } رجعاً على أدراجهما من حيث جاءا(عندي من بير شمس للخضرة غرب دمياط وجنوب البحر الفرعوني) . { قصصاً } أي يقصان الأثر { قصصاً } فانتصب على المصدرية بإضمار يقصان ، أو يكون في موضع الحال أي مقتصين فينصب بقوله { فارتدا } { فوجدا } أي موسى والفتى { عبداً من عبادنا } هذه إضافة تشريف واختصاص ، وجداه عند الصخرة التي فقد الحوت عندها وهو مسجى في ثوبه مستلقياً على الأرض فقال : السلام عليك فرفع رأسه ، وقال : أنى بأرضك السلام ثم قال له ، من أنت؟ قال : أنا موسى ، قال : موسى بني إسرائيل؟ قال : نعم ، قال له : ألم يكن لك في بني إسرائيل ما يشغلك عن السفر إلى هنا؟ قال : بلى ، ولكن أحببت لقاءك وأن أتعلم منك ، قال له : إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت ، وأنت على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه أنا . والجمهور على أنه الخضر وخالف من لا يعتد بخلافه فزعم أنه عالم آخر . وقيل : اليسع . وقيل : الياس . وقيل : خضرون ابن قابيل بن آدم عليه السلام . قيل : واسم الخضر بليا بن ملكان ، والجمهور على أن الخضر نبي وكان علمه معرفة بواطن قد أوحيت إليه ، وعلم موسى الأحكام والفتيا بالظاهر . وروي أنه وجد قاعداً على ثبج البحر . وفي الحديث سمي خضراً لأنه جلس على فروة بالية فاهتزت تحته خضراء . وقيل : كان إذا صلى اخضّر ما حوله . وقيل : جلس على فروة بيضاء وهي الأرض المرتفعة . وقيل : الصلبة واهتزت تحته خضراء . وقيل : كانت أمه رومية وأبوه فارسي . وقيل : كان ابن ملك من الملوك أراد أبوه أن يستخلفه من بعده فلم يقبل منه ولحق بجزائر البحر فطلبه أبوه فلم يقدر عليه . والجمهور على أنه مات .(يحتمل أن يكون بن حاكم إقليم برنوب ويعلم أحوال حاكم الإقليم المقابل على جانبي البحر الفرعوني والذي كان يأخذ السفن غصبا ويلقب حاكم الإقليم بمللك تمييزا عن فرعون حاكم مصركلها ) هذه الآية معناها أن هؤلاء وعملهم وسعيهم يأتي بعده في الزمن غصب هذا الملك أي إنهم كانوا يسيرون إلى بلده وقع فانطلقا في الكلام حذف تقديره فخرجا من السفينة ولم يقع غرق بأهلها ، فانطلقا فبينما هما يمشيان على الساحل إذا بصر الخضر { غلاماً } يلعب مع الصبيان وفي بعض الروايات فمر بغلمان يلعبون فعمد الخضر إلى غلام حسن الهيئة وضيء الوجه فاقتلع رأسه . وقيل : رضه بحجر . وقيل : ذبحه . وقيل : فتل عنقه . وقيل : ضرب برأسه الحائط . قيل : وكان هذا الغلام لم يبلغ الحلم ولهذا قال : { أقتلت نفساً زكية } . وقيل : كان الغلام بالغاً شاباً ، والعرب تبقي على الشاب اسم الغلام قرية الجدار غلامين يتيمين بالمدينة اسمهما أصرم وصريم(أصا –رام وصا- رام) ، واسم أبيهما كاشح (كا شا حا )واسم أمهما دهنا ، والظاهر في الكنز أنه مال مدفون جسيم ذهب وفضة قاله عكرمة وقتادة . وقال ابن عباس وابن جبير : كان علماً في مصحف مدفونة . وقيل : لوح من ذهب فيه كلمات حكمة وذكر ، وقد ذكرها المفسرون في كتبهم ولا نطول بذكرها ،وقيلبصلاح أبوهما : السابع . وقيل : العاشر والظاهر أن أباهما هو الأقرب إليهما الذي ولدهما دنية .وقيل القرية التي أتيا أهلها إنطاكية أو الأبلة أو بجزيرة الأندلس وهي الجزيرة الخضراء ، أو برقة أو أبو حوران بناحية أذربيجان ، أو ناصرة من أرض الروم أو قرية بأرمينية أقوال مضطربة بحسب اختلافهم في أي ناحية من الأرض كانت قصة والله أعلم بحقيقة ذلك وبناء عليه لنا الحق في الإجتهاد مادمت الأقوال مضطربة والغرابة لم يقل أحد بقرية من مصر ولقد كان بها فتوة يوشع من سني عمره ومصر مجمع البحرين وموطن موسى وبلد الخضر والكنز أسفل الجدار عادة مصرية والبخل عادة كانت في أهل تلك النواحي ومازالت مضرب المثل في بعضها وفي الحديث أنهما كانا يمشيان على مجالس أولئك القوم يستطعمانهم وهذه عبرة مصرحة بهوان الدنيا على الله تعالى . وتكرر لفظ { أهل } على سبيل التوكيد ، وقد يظهر له فائدة عن التوكيد وهو أنهما حين { أتيا أهل القرية } لم يأتيا جميع أهل القرية إنما أتيا بعضهم وذلك أنه لما أنكر خرق السفينة نودي : يا موسى أين كان تدبيرك هذا وأنت في التابوت مطروحاً في اليم؟ فلما أنكر قتل الغلام قيل له : أين إنكارك هذا من وكز القبطي وقضائك عليه؟ فلما أنكر إقامة الجدار نودي أين هذا من رفعك الحجر لبنات شعيب دون أجرة؟ تفسير أبو حيّان الأندلسي (654 - 745هـ، 1256 - 1344م) البحر المحيط وهذا يدل على أن الخروج لم يقع بعد فيكون اللقاء بينهما قبل الخروج بمصر عكس الذي أسند الطبري قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا لأحد بدأ بنفسه فقال : « رحمة الله علينا وعلى موسى لو صبر على صاحبه لرأى العجب » ولكنه قال { فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذراً } الخاتمة الإعجاز العلمي الجغرافي في مجمع البحرين بقصة موسى والعبد الصالح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وددنا أن موسى كان صبر حتى يقصّ الله علينا من خبرهما» . مشى موسى إلى المناجاة فبقي أربعين يوماً لم يحتج إلى طعام ، ولما مشى إلى بشر لحقه الجوع في بعض يوم .(مسافة قطعاها من محلة لبني اسرائيل وحتى الصخرة ) وهذا موسى وهو من جملة الأنبياء من طلب العلم ، والرحلة في ذلك ما يدل على أنه لا ينبغي لأحد أن يترك طلب العلم وإن كان قد بلغ نهايته ، وأن يتواضع لمن هو أعلم منه أوحي الله إلى موسى عليه السلام أنَّ لي عبداً بمجمع البحرين هو أعلم منك وهذا المكان قريب من سنتريس حيث كانت الماشطة التي كانت متزوجة من الخضر والخضرة حيث صخرة الملتقى وجروان حيث قرية الجدار وبينها البحر الفرعوني الذي عبروه بالسفينة التي خرقها على جروان (من ضواحي الباجور)حيث قرية الجدار وكان الفراق بقرية والحمدلله رب العالمين. المراجع القرآن الكريم أولا كتب التفاسير 1- محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري، [ 224 - 310 هـ: جامع البيان في تأويل القرآن تحقيق أحمد محمد شاكر الناشر : مؤسسة الرسالةالطبعة : الأولى ، 1420 هـ - 2000 معدد الأجزاء : 24مصدر الكتاب إلكترونيا : موقع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريفwww.qurancomplex.com 2- أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي [ 700 -774 هـ ] تفسير القرآن العظيم تحقيق سامي بن محمد سلامةالناشر : دار طيبة للنشر والتوزيع الطبعة : الثانية 1420هـ - 1999 معدد الأجزاء : 8 مصدر الكتاب إلكترونيا: www.qurancomplex.com موقع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف 3-أبو عبدالله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي القرطبي لقرطبي، شمس الدين (600 - 671هـ، 1204 - 1273م). : تفسير القرطبي مصدر الكتاب : موقع يعسوب 4- أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي [ المتوفى 516 هـ ]: معالم التنزيل حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش الناشر : دار طيبة للنشر والتوزيع الطبعة : الرابعة ، 1417 هـ - 1997 معدد الأجزاء : 8مصدر الكتاب إلكترونيا : موقع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف www.qurancomplex.com 5- الألُّوسي شهاب الدين محمود ابن عبدالله الحسيني ، أبوالثناء شهاب الدين (1217-1270هـ، 1802-1854م). :روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني مصدر الكتاب إلكترونيا : موقع التفاسير http://www.altafsir.com 6- أبو حيان محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيّان: تفسير البحر المحيط مصدر الكتاب إلكترونيا موقع التفاسير http://www.altafsir.com 7-الشوكاني، محمد بن علي (1173هـ ـ 1250هـ، 1759-1834م).فتح القدير مصدر الكتاب إلكترونيا : موقع التفاسير http://www.altafsir.com من كتب الحديث صحيح البخاري وصحيح مسلم وقدأفردت كتابا للخضر في كتب الحديث من كتب التاريخ والبلدان والأدب ابن عساكر تاريخ دمشق ابن الملقن. طبقات الأولياء ابن حجر العسقلاني الإصابة في معرفة الصحابة ابن كثير :البداية والنهاية عبد الله بن عليّ بن محمد أبو القاسم ابن الفراء الكرمي" الروض النضر في حياة أبي العباس الخضر " ابن الجوزي :عجالة المنتظر في شرح حال الخضر محمد السفاريني : الجواب المحرر في الكشف عن حال الخضر والاسكندر ابن العديم : بغية الطلب في تاريخ حلب ابن خلدون :تاريخ بن خلدون ابن حجر العسقلاني الإصابة في معرفة الصحابة عبدالعظيم المسلم : بني اسرائيل على ضفاف اليم دراسة غير منشورة2011 برنامج جوجل إرث خرائط محافظ المنوفية الجولات الميدانية الاستطلاعية بالمنطقة موضع الدراسة مع التصوير
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق